جهل
العلماء
زهير
سالم
عندما
كتب الشهيد عبد القادر عودة
رحمه الله تعالى رسالته في مطلع
الخمسينات (الإسلام بين جهل
أبنائه وعجز علمائه) لم يكن
يتوقع أن يأتي زمان على الأمة
يحيط فيه الجهل بالعلماء. يبدو
أن أمتنا تتقدم في هذا الزمان
الكئيب إلى الوراء، حتى على
الصعيد المعرفي التقليدي.
تستطيع أن تجري مسابقة بين حامل
شهادة ابتدائية في الخمسينات
وبين حامل شهادة جامعية من إحدى
الجامعات المعاصرة لتدرك
الفارق الكبير بين تأسيس
الشخصيتين.
حين
رصدت تقارير الأمم المتحدة
الوضع المعرفي في عالمنا العربي
توقفت عند نسبة الأمية أو الجهل
تناست طوابير حملة الشهادات
الجامعية والعليا الذين لا
يفقهون من اختصاصهم إلا النذر
اليسير.
الأمية
العلمية والأمية الثقافية في
إطارها الأوسع تجعلنا ندرك سر
التخلف الذي يقودنا إليه (جهل
العلماء!!) لا عجزهم فقط.
والمقصود بالعلماء في سياقنا
هذا علماء العلوم البحتة
والعلوم الإنسانية والعلوم
الشرعية على السواء.
ومن
مخرجات الجهل في الدائرة
الثالثة هذه الفوضى التي تعم
عالم المسلمين على صعيد الفتوى
وعلى صعيد الحركة حتى لتجد نفسك
أمام الحالة التي وصفها الرسول
صلى الله عليه وسلم (حتى إذا لم
يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً
جهالاً فضلوا وأضلوا)!! الجهل أو
القصور ليسا مقترنين دائماً
بسوء النية أو فساد الطوية
فربما ينشآن عن قصور في النظر أو
ضعف في الملكة أو قلة في التحصيل
في سن الطلب.
(جهل
العلماء) هو سبب ونتيجة لواقع
الأمة بكل ما فيه. وهذه الجامعات
السامقة ببنيانها لم تستطع أن
تنافس حصيراً من قش أو زاوية من
مسجد تخرج على مثلها الشافعي
والنووي وابن سينا وابن رشد.
نظامنا
التعليمي يأكل أعمار أجيالنا،
يجعلهم يتعبون خيلهم في باطل
ذاهبين آيبين طوال عشرين عاماً،
ثم يذرو كل ذلك هباء بحصيلة هي
إلى الجهل أقرب.
أمتنا
بحاجة إلى جيل من العلماء يمتد
أفقاً وعمقاً، بحاجة إلى مراجعة
السياسات التعليمية وستكون هذه
المراجعة هي المدخل لبناء واقع
معاصر.
8
/ 9 / 2004
|