الحادي
عشر من أيلول
حرب
التذويب
زهير سالم
إعلاننا
للبراءة مما جرى في نيويورك في
الحادي عشر من أيلول سنة
2001 ، وإدانتنا له إنسانياً
وإسلامياً وسياسياً ، وتكرار
هذا في كل عام ، والتعوذ من شر
ذلك اليوم كلما ذكر؛ لا يمنعنا
من النظر في عواقبه ، وما حُمِلَ
عليه ، وما تساقطت فيه من أقنعة
حتى جعلت الكثيرين ينظرون إليه
على أنه حادث مدبر ومفتعل ، أو
ذريعة سوداء أريد منها أن تفتح
أبواب الشر على العالم العربي
والإسلامي ، وأن تكون مدخلاً
تاريخياً لعهد من السيطرة
لامبراطورية تجتاح ليس
الوجودات المادية فقط وإنما
العقول والقلوب والثقافات.
متتالية
الشّر الهندسية التي بدأت بفعل
واحد في نيويورك ، واستمرت
بآلاف الأفعال ، كل واحد منها لا
يقل عن حادث نيويورك جسامة
ونكرانا . أفعال جرت في
أفغانستان وفلسطين والعراق ،
ومن ثم في (غوانتانامو) و(أبو
غريب) ، وثالثاً في ميادين
العلاقات الإنسانية والثقافية
بين بني البشر على ظهر هذه
المسكونة ؛ متتالية الشّر هذه
لم تكن رد فعل ، أو انعكاساً
مباشراً للفعل الأول الذي جرى
في نيويورك . ولقد كان ذلك الفعل
المنكر العاصفة التي أسقطت
الحجب أو الأقنعة ، وجعلت الحرب
الخفية التي ظلت تدار على مدى
قرون طويلة على أيدي دعاة الشّر
والقتل في هذا العالم تبدو
جهراء نكراء.
استنكارنا
للحدث العاصفة ، وانحيازنا
المطلق إلى جانب الدعوة إلى
التعارف والحوار الإنسانيين
على أساس أن كرامة الإنسان
وتفوقه إنما ينبعان من حبه
للإنسانية ونفعه لها (الخلق
كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله
أنفعهم لعياله..) كل هذا لا يعني
أن نذوب أمام شدة الهجمة
وشراستها .
إن
على الذين يقودون حرب التذويب
على أمتنا لطمس هويتها ، وتغيير
صبغتها أن يدركوا أنهم يخوضون
حرباً عقيماً ، لن تعود عليهم
بما ينفع ولن تعود على
الإنسانية إلا بالمزيد من القتل
وسفك الدماء .
من
مركز الشعور بالثقة بحقيقة
الإنسان وكرامته ومستقبله ندعو
إلى اللقاء الإنساني بعيداً عن
الزوايا الحادة ، والمواقف
الضنكة ، وإنما في الرحب البسام
الذي يحمل للإنسانية
بلسم الحب والرحمة والإخاء...
11/9/2004
|