معادلة
الإصلاح
بين
القشة والجذع
زهير
سالم
في
منظور حيوي الإصلاح مطلب مستدام.
وهو واجب الوقت دائماً على صعيد
الفرد وعلى صعيد الجماعة والأمة.
في الحديث الشريف من استوى
يوماه فهو مغبون. دلالة الحديث
تنص على أن الفرد في يومه يجب أن
يكون أفضل حالاً من أمسه، وفي
غده أفضل حالاً من يومه.
والإصلاح يعني ارتقاء متعدد
الجوانب والأبعاد، يتخلص
الإنسان من نقصه أو نقيصة،
ويتحقق بفضل أو فضيلة.
مشكلة
الإنسان كامنة في رؤيته أو في
مرآته. حيث كل واحد يطالب
الآخرين بإصلاح أنفسهم أو
برامجهم أو حركتهم. الفرد يطالب
الجماعة، والجماعة تطالب
المجتمع والمجتمع يطالب الحاكم.
في معادلة القشة التي يلمحها
البعض في أعين الآخرين بينما
يعجز عن رؤية (الجذع) الذي يكاد
يطمس بصيرته تكمن معضلة الإصلاح.
كيف
يراجع الإنسان نفسه؟! كيف يراجع
المجتمع نفسه؟! كيف تراجع الأمة
نفسها؟! من يملك القدرة على أن
يلمح خطأه قبل خطأ الآخرين أو
يصلح خطأه قبل أن يلح على إصلاح
أخطاء الآخرين؟! في عالم لا يدعي
فيه أحد العصمة قل من يعترف
بالخطأ، أو يقبل مراجعة ذاته،
أو يحاول إصلاح مسيرته. الكل
يلهج بمطالبة الآخرين، وإلقاء
العبء عليهم.
وكثيراً
ما تكون مطالبة الآخرين محقة
وفي سياقها ولكن خصال الحق لا
تنجدل مع خصال الباطل، وخصال
الخطأ لا تنجدل مع خصال الصواب
لتشكلا معاً ضفيرة الحبل
الوثيق، الذي يعتصم به الجميع.
وحين
يصر كل في عليائه أن يرقب الآخر،
ويلقي عليه العبء في الخطوة
الأولى، والكلمة الأولى،
والموقف الأول.. يبقى الجذع في
عين صاحبه يطمس البصر والبصيرة.
ويبقى الفرد والجماعة والمجتمع
والأمة يضربون في تيه ضرب فيه من
قبل بنو إسرائيل أربعين عاماً.
12
/ 9 / 2004
|