رسوم
الاغتراب
ومراسيم
التغريب
زهير
سالم
مرة
أخرى عُنينا بأذن الجمل؟ ومرة
أخرى قفزنا عن المشكلة الأصل
إلى الفرع، وعالجنا الجزئي
ونسينا الكلي. فألغى الرئيس
بمرسوم جمهوري رسوم الاغتراب،
تلك بادرة طيبة، وخطوة إيجابية
ولن يقول أحد غير ذلك، ولكن..
ولكن
ألم يكن من المفروض أن نتساءل
أولاً لماذا يغتربون؟ أن نتساءل
عن طبيعة الشريحة التي تغترب؟
وعن انعكاس نزيف الاغتراب
المتواصل على المشروع الوطني
التنموي بأبعاده العلمية
والعملية؟!
هل
حقاً يملك وطننا فائضاً من
العقول ومن السواعد؟! هذه
البطالة بأشكالها الجلي والخفي
هل هي نتاج محدودية الإمكانات
والموارد، أم أنها نتاج النظم
الاقتصادية الضالة والإدارية
العتيقة وحيتان الفساد التي
تستحوذ على مقدرات الوطن وتتغول
عليه ثروة وإنساناً؟!
ثم
من قال أن دوافع الاغتراب
اقتصادية دائماً، ألا يغترب
الإنسان في وطننا لأنه يشعر
بتوق إلى الحرية، ورغبة ملحة
لعلاقة رشيدة تربطه بالدولة
التي يعيش في كنفها والنظام
الذي ينتمي إليه؟
ألا
يشعر الإنسان المغترب بفارق في
قيمته الإنسان بين مكان يعيش
فيه ومكان ينتمي إليه فيؤثر حيث
تتبدى له الكرامة والأمن؟!
وإذا
تركنا هذا وذاك جانباً، تركنا
الباحث عن اللقمة الأرطب
والوسادة الأنعم.. أليس من حقنا
أن نتساءل عن حقيقة المراسيم
التي تفرخ أشكال التغريب المقيت
في وطننا. (المراسيم
العملية)
التي تفرض الحرابة والخوف
والقهر والذل على شريحة من
المجتمع من أصحاب الفكر والرأي
فتلقي بهم بين براثن الخيارات
السود: قتل أو سجن أو تشريد؟ هذه
الحالة التي ألقت تحت كل نجم
نجوم الوطن وأبناءه الخلص الذين
يردد كل واحد فيهم مقولة رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم مكر
به المشركون ليقتلوه أو يثبتوه
أو يخرجوه، فوقف على مشارف مكة
مودعاً وقال (.. ولولا أن قومك
أخرجوني ما خرجت).
وإذا
كانت للمغتربين همومهم
ومشكلاتهم ومآسيهم فإن هموم
ومشكلات المغربين المهجرين أمر
وأقسى. فملف المهجّرين موشح
بالكآبة والأسى والحزن، ظلمات
يكتنفها حنين ووفاء قد جعلا
منها عالماً عصياً على الوصف.
ملف المهجرين هؤلاء غفل عنه
المرسوم الجمهوري ـ حتى الآن ـ
وسن مرسوماً فقط بإلغاء رسوم
الاغتراب!!
بحر
المهجرين لجي وظلماته بعضها فوق
بعض نضع في مركز الشرق العربي
ملف المهجرين تحت المجهر لنجهر
بكلمة الحق في عالم تضيع فيه
أصوات الأوفياء.
15
/ 9 / 2004
|