الحركة
الإسلامية
المراجعة
مستمرة والتقويم نهج
زهير
سالم
بعض
الأنظمة والأحزاب والشخصيات
ترى في الثبات على مواقفها أو
طروحاتها نوعاً من المصداقية
وضرباً من نفاذ البصيرة أو
تمثيل الحقيقة. قوى كثيرة على
الساحة العربية كانت شريكاً
مباشراً في صنع مأساة الأمة عبر
قرن، بدأً من تحالفها غير
المقدس مع الاستبداد وانتهاء
بالتهويم في فضاءات النظريات
الخلبية، وغراس الحنظل التي لم
تنتج لأمتنا إلا هذا البوار.
لقد
كانت الحركة الإسلامية والتي
يمثلها اليوم أقدم وأعرق تنظيم
على الساحة العربية، أكثر
الحركات تنوراً ومراجعة
للسياسات والمواقف وتحديثاً
للأساليب. حين نتحدث عن تعددية
سياسية مثلاً نسمع من يعترض
عليك ظاناً أنه أفحمك: (.. ولكن
حسن البنا رفض الأحزاب، وانتقد
الحياة الحزبية)!! لقد قضى حسن
البنا فيما رأى في فترة عاشها
ويقضي رجال الحركة اليوم بما
يرونه الأصلح والأمثل. فحسن
البنا رحمه الله تعالى على
مكانته وإمامته ليس مرجعية
شرعية مطلقة في حياة الجماعة
ولا في فكرها ولا هو ادعى لنفسه
ذلك. لقد كان تجربة ثرة وحية،
أسس وأغنى وأعطى وترك من خلفه
رجالاً على قيادة الركب.
المراجعة
والتقويم هو عمل منهجي يومي لدى
التيار الإسلامي لا نزعم أن
العملية تتم برخاوة ونداوة كما
قد يتبادر إلى ذهن الكثيرين، إذ
لا بد أن يكون هناك مخاض دائم
وأليم لتوليد الجديد من الأفكار
والجديد من المواقف.
ولا
بد أن تجد في كل شريحة إنسانية
من يستغرب ابتداء أن (يجمع
المصحف) حتى يراجع فيه، فكيف
بأمور ومستجدات قد تتزيا بأزياء
تخلب بعض الأنظار، فيغفل
أصحابها عن المقاصد والجوهر،
ويتعلقون بالثوب والمظهر. ولكن
عملية المراجعة والتقويم تبقى
ماضية.
لقد
فقه الإسلاميون مقاصد شريعتهم،
وحقيقة دعوتهم ولذا قال منذ
أكثر من نصف قرن قائلهم: إذا
كانت المبادئ فصلابة الحديد
وإذا كانت الوسائل فنعومة
الحرير.
وبالمقابل
فإننا لا نزال نسمع ممن يدعي
الحداثة والتنوير أحاديث توحي
إلينا في كثير من الأحيان أن
صاحبها قد خرج لتوه من كهف دخله
في الخمسينات والستينات.
في
تأسيسنا لعلاقة مستقبلية وطنية
وقومية ندعو لأن تكون المراجعة
والتقويم منهجاً ذا ديمومة لأن
الساعين إلى خير أوطانهم
سيلتقون جميعاً على قمة الحقيقة
وإن اختلفت مدارج الصعود.
26
/ 09 / 2004
|