ـ

ـ

ـ

الاثنين 27/09/2004

أيهما أشد وحشية

حربة الأباشي أو بندقية الغازي

زهير سالم

في عصر التأنق والتأنف واختلاط الرؤى تضيع المعالم وتزور حتى المشاعر الإنسانية، ويغيب الحق تحت ركام الزخرف والغثاء، ويختلط على بعض من لا يرى ومن يريد ألا يرى اختلاج الضحية بعربدة الجلاد.

عزيزة هي الحياة الإنسانية، ومكرم هو الإنسان، ومؤلم مشهد الموت ومريع ومؤذ؛ كل هذا ليس موضع نقاش. وليس لقوم أن يدعوا الرقة والرفاهة والمدنية أن ينبذوا بالوحشية والبدائية من قرر أن يحمل السكين دفاعاً عن بلده في وجه قاذفة القنابل، ليس لهم أن يبكوا على الضحية الفرد، ويغفلوا عن مأتم الضحايا من رجال ونساء وأطفال أبرياء يموتون تحت الردم بفعل صاروخ أمريكي يطلقه متدرب أو متسل يهودي في فلسطين أو غاز محارب في العراق.

عمى الألوان هذا هو الذي يجعل البعض يشعر بالقشعريرة والتقزز والوحشية أمام مشهد الضحية الفرد المقتول بسكين فرد، ونشدد على قولنا (الضحية)، لأن المسؤول الأول عن مقتل هؤلاء الضحايا، هو من أشعل الحريق، وقاد العالم بفعل أحمق متهور إلى هذا الجحيم اللاهب. لو أعطيت المقاومة الفلسطينية والمقاومة العراقية نفس السلاح الذي يملكه أعداؤها لقاتلتهم بطريقتهم، ولو مُلّكت حماس أو الجهاد طائرات وصواريخ شارون لخاضت الحرب المكافئة مع شارون على الطريقة الشارونية الأنيقة التي يقترحها المقترحون.

لقد كان من أخلاق الفروسية التي اندثرت أن الفارس لا يقتل خصمه إلا إذا كان يملك السلاح الذي يدافع به عن نفسه.

وفي هذا السياق ألا ينبغي أن ينتبه المتفذلكون المتجحفلون وراء الأقوى والأعتى إلى الفارق بين الصائل الذي يحتل أوطان الناس ويدخل بيوتهم، وبين المدافع الذي يدافع عن أرضه وبيته. كم هو غبي وساذج ومتخلف ذلك الذي يعطي الإنسان الذي يفجؤه لص صائل في بيته دروساً في الأخلاق بالطريقة الأنيقة التي يجب أن يدفع بها عن نفسه!!

نحن مع الحياة الإنسانية والكرامة الإنسانية والترفع الإنساني ولكننا قبل ذلك مع الحق والعدل والمساواة تلك القيم التي طالما قَتَل وقُتِل من أجلها الإنسان. مزورون كل أولئك الذين حاولوا أن يصوروا قبائل الأباشي بدائيين متوحشين فالبدائي المتوحش هو الذي يملك آلة القتل الأعتى وإن كان أقوى.

27 / 9 / 2004