28
أيلول
في
ذكرى الحلم الموؤود
زهير
سالم
كان الانفصال تراجعاً
استراتيجياً، وخطوة انكفائية
في تاريخ الأمة الحديث. كانت
نقطة تحول من مد جماهيري ونهضوي
صاعد إلى منحنى هابط غائر القاع
بعيد الدركات.
وكانت الوحدة كإنجاز استراتيجي
اكبر من كل المسوغات والمعاذير
التي سيقت لفصم عراها. لن نناقش
هذه المعاذير ليس لأننا نرفضها
بل إننا نعتقد أن الخرق كان أكبر
من طاقة أي راقع.
وما جاء بعدُ كان في كل مراحله
محاولات هزيلة لإحلال الأجزاء
المبعثرة محل الأصل. ورغم أن بعض
من صنع الانفصال ووقع على
وثيقته كان يضع الوحدة في رأس
أولوياته وأهدافه إلا أنه منذ
ذلك اليوم الذي حملت فيه العروس
المجلوة على نعش برهمي، بدأت
الروح القطرية والخصوصية
القطرية تتجذر في السياسات
العامة لأصحاب
المصالح في الداخل والخارج.
وفي دركة اكثر تسفلاً انتقل
الأمر من رجال السياسة إلى رجال
الفكر المصطنع أو الموظف حيث
بدأ هؤلاء يوهنون عرى الوحدة
الأمل على مستويين:
الأول هو هدم الحقيقة الواقعة
الناطقة بوحدة الأمة واجتماع
كلمتها على مستوى العقيدة أو
على مستوى اللسان، واتهام
المعبرين عن هذه الحقيقة
بالطوباوية والرومانسية.
والثاني التأكيد على (الخصوصية)
القطرية أو الجذور الحضارية
لحضارات ما قبل الإسلام فخصوصية
مصرية وأخرى سورية وثالثة
عراقية بل إنك لن تعدم من يحدثك
عن خصوصية كويتية أو بحرانية..
ثم تردى الأمر بالأمة أكثر، وفي
عصر العولمة الأمريكي مع الأسف!!
حيث بدأت الإثنيات العرقية التي
نامت في أحضان الأمة إسلاماً
وعروبة لقرون طويلة ترفع
عقيرتها بالاعتراض على
الانتماء الأساس محاولة أن تجعل
من الإطار القطري العارض أفقاً
يغلق على الأمة أملها بالمستقبل
الحضاري الرغيد.
ولكل هؤلاء وأولئك نؤكد أن وحدة
الأمة على أساسها العقيدي
واللساني ماتزال حقيقة ساطعة
واقعة، لا تنال منها هذه الأطر
المبنية على رمال الوهم وبالحبر
المستورد.
حقيقة الأمة بإطاريها حقيقة
واقعة ساطعة ويشهد لهذه الحقيقة
هذا الجيشان العارم الذين يجتاح
الأمة من طنجة إلى جاكرتا كلما
ألم خطب أو نزلت نازلة.
شعور حي دفاق، وحركة موارة
يلجمها اليوم أصحاب المصالح،
ويكبتها أصحاب السياسات العليا
من قريب أو بعيد، ولكنها تبقى
الحقيقة التي تمحو كل البهتان.
حقيقة أن هذه الأمة يجمعها
القرآن: العقيدة والشريعة
واللسان.
رؤيتنا
الحضارية لمشروع الوحدة في
دراسة تصدر قريباً عن مركز
الشرق العربي.
28
/ 9 / 2004
|