دهلزة
الإصلاح
زهير
سالم
(الدهلزة) هي أنسب الألفاظ للتعبير
عن مشروع الإصلاح الرسمي في
سورية الذي أدخل في دهليز ضيق
طويل فلم يخرج منه.
و(الدهلزة) في
منطوق بعض بني قومنا تفريق
الشيء وتفريعه أيدي سبا،
وتمريره بحيث لا يرى له أثر أو
يسمع له حس.
مشروع الإصلاح
على الساحة السورية مطلب ملح،
وضرورة لإخراج سورية من كهف
النسيان وظلمة القهر، ومستنقع
الفساد. ويبدو أن هذه الحقيقة لم
تعد موضع نزاع بين أي فريق من
الفرقاء.
الشعب المظلوم
المهضوم يتطلع إلى الإصلاح
حقيقة واقعة تنتقل به وبالوطن
أجمع من حال إلى حال، والنخب
السياسية أجمع تتحدث عن الإصلاح
وتطالب به وترسم بجلاء ووضوح
قسماته ومنحنياته وأسسه
وأبعاده، وأغواره وآفاقه.
والفريق الحاكم،
بمن فيهم رئيس الجمهورية، يتحدث
عن الإصلاح، ويرفعه عنواناً
وشعاراً ويصفه كبعض (قبض الريح)
أو (حصاد الهشيم) ومع ذلك
فبإمكانك أن تتمسك بالعنوان
والطرح، لتجعل من الإصلاح
مطلباً إجماعياً توافقياً
اجتمعت عليه الموالاة
والمعارضة معاً.
وإذا كان البعض قد
أكثر في الإيغال في الحديث عن
فلسفة الإصلاح والرؤية
الإصلاحية فإن مناط الإصلاح
فيما نظن أن تكون عند (الآخر)
قابلية الاعتقاد بأنه ليس
الواحد الصحيح والأخير في هذا
العالم، وأن عليه أن يعتقد أن
صوابه يحتمل الخطأ، وأن كله
قابل للتجزيء وعليه أن يؤمن أن
في العالم أشياء كثيرة نسبية
منها أن رجلاً كان عمره في العام
الماضي أربعين سنة قد أصبح
اليوم في الحادية والأربعين.
وأن الشجرة المزروعة في حديقة
أي منزل ستنمو مادامت حية. عليه
أن يعترف أن بعض الأوراق تحترق
في أيدي اللاعب قبل أن يلعبوها،
وأن ما كان ممكناً ومجدياً في
فترة تاريخية معينة ربما يفقد
صلاحيته وجدواه اليوم.
والأهم من كل ذلك
أن أساس الإصلاح القبول
بالشراكة، وإفساح المجال أمام
الشريك، وهذا يقتضي التنازل عن
قدر من السلطة، وتقليص قطر
دائرة النفوذ. وهذا الذي يضم
الإصلاح في سورية إلى ثلاثية
الغول والعنقاء والخل الوفي.
19/10/2004
|