نترك
مجال الرؤية هذا اليوم لمقال
الكاتب هاشم القضاة : مدافع ليلة
القدر
مدافع
ليلة القدر
هاشم
القضاة
لقد
كان القوم وما زالوا ذوي ذوق
رفيع وخلق عال، ففي كل مرة ضربوا
فيها العراق قبل الغزو الأخير
كانوا يختارون التوقيت الذي
يتناسب مع المشاعر الروحانية
لحلفائهم من العرب والمسلمين،
وخاصة شهر رمضان الذي انزل فيه
القرآن هدى للناس وبينات من
الهدى والفرقان، وإذا كانت
طائراتهم الشبحية وصواريخهم
الكروزية في ذلك الحين قد هدمت
البيوت والجسور ومحطات الطاقة
ومضخات المياه ومشافي المرضى
ودور العبادة واهلكت بعد ذلك
الانفس فما كان عملهم هذا الا
صنيعاً ومعروفاً اسدوه
للعراقيين بحسن نية منهم
لمساعدتهم بالتخلص من الحمولة
الزائدة في العقار والمرافق
العامة من جهة ومن جهة اخرى
لتحديد النسل والنمو السكاني في
بلد ما عادت مياه الفراتين
كافية لارواء ابنائه، ويكفي
مدافع اصدقائنا فخراًً انها
كانت توقظ العراقيين لتناول
سحورهم بدلاً من ان يأخذهم
الليل في غفوة منهم ويلقي بهم في
احضان النهار، ومن قبيل الاثرة
والمودة كان الاميركان ينتقون
ما ثقل وزنه وكثرت شظاياه من
القنابل العنقودية ليخصوا بها
احباءهم العراقيين دون غيرهم من
شعوب الارض التي وصلت اليها
بركات ابناء العم سام ، وكيف لا
وهم يعرفون ان ارض الرافدين لا
بد ان تحظى بما يليق بمقامها
كمهد حضارة امتدت لآلاف السنين
قبل ان تصل سفن المكتشفين صدفة
الى بلاد الهنود الحمر.
حدث
ذلك في الماضي القريب، وهذا هو
رمضان الثاني الذي يرعى غيثه
وينتجع خيراته اهل العراق الذين
انساهم البارود المعسل طعم
التُمنِّ والتمر ، فقبل ان
تتدلى قطوف البلح من بين سعفها
يبيت نخل العراق متوحماً بحبات
الرصاص الاميركية الصفراء ولقد
تعمد القوم الكرام هذا العام ان
يختاروا صفوة الصفوة من ليالي
الشهر الفضيل الا وهي ليلة
القدر «وما ادراك ما ليلة القدر
، ليلة القدر خير من الف شهر»
اختاروها واصروا على ان تكون كل
قنبلة تسقط على الفلوجة اثقل
بالف ضعف من مثيلاتها التي تعود
العراقيون على تلقيها، ليلة
القدر التي يقول فيها سيد قطب
طيب الله ثراه: «انها الليلة
التي نزل فيها القرآن على قلب
محمد صلوات الله عليه وسلامه
ونزل معه نور الملائكة والروح
وهم في غدوهم ورواحهم طوال
الليل بين الارض والملأ الاعلى»،
وما كذب القوم هذا القول، فليلة
الهجوم على الفلوجة كانت ليلة
اميركية حمراء، ليلة استثنائية
تمتع فيها الفلوجيون بهدايا
محرريهم التي اترعت الزمان
والمكان.
وما
كان في ذلك بأس اذا تبعته
الديمقراطية الجميلة الموعودة
والتي سترقص للعراقيين حافية
بلا نعال، وعارية بلا ستار او
دثار. وما في ذلك عيب ولا ضير
طالما ان عروبياً واحداً لم
يسمع صراخ اليتامى وعويل
الثكالى وانين الشيوخ في الليلة
التي أرادها رب العالمين ان
تكون سلاماً حتى مطلع الفجر
وارادها المحتلون ان تكون
نيراناً تلتهم أرواح الأبرياء.
لا
اريد في هذه المقالة ان اسأل
العرب تسيير أساطيلهم الضاربة
باتجاه أميركا، فواقع الحال
يغني عن السؤال، ولكنني ما زلت
اذكر ان لابناء قحطان وعدنان
السنة طويلة وماضية ويمكنهم اذا
اجتمع اللسان الى اللسان ان
يقولوا للاميركان كفى وذلك اضعف
الايمان، فلقد طفح كيل الصواريخ
وبلغ سيل الدماء الزبى! ولكن
يبدو ان لا حياة لمن تنادي في
بني يعرب بعد ان غاب عنهم اهل
النخوات والفزعات من بني مازن،
وكأني بقريط بن أنيف ينشد على
أطلال الفلوجة المدمرة ويقول:
لو
كنت من مازن لم تَسْتَبِحْ
إبلـي
بنو
اللقيطة من ذٌهل بن شـيبانـا
إذاً
لقـامَ بنصـري مَعْشَرٌ
خُشُنٌ
عنـدَ
الحفيظةِ إنْ ذو
لـوثةِ لانا
لا
يسـألون أخـاهم حين ينـدبُهم
في
النائبـاتِ على
ما قالَ بُرهانا
قومٌ
إذا الشرُّ
أبـدى ناجذيهِ لهـم
طـاروا
إليه زرافـاتٍ ووحـدانا
لكنّ
قومي وان
كانـوا ذوي عددٍ
ليسوا
من الشرِّ في شيءٍ وإن هانا
عن
الرأي الأردنية ـ 20/11/2004
|