الديمقراطية
نبع
الهوية .. وسياج الحرية
زهير
سالم*
نواح وعويل يطلقه
ذلك الذي تبعناه إلى وراء الباب.
كل صاحب عاهة نفسية، يبكي
عاهته، ويحاول أن يضمن لها
مقعداً في الرحب الفسيح من حياة
المجتمع المسلم العربي في سورية
العربية المسلمة.
المشروع السياسي
للإخوان المسلمين قبل بصندوق
الاقتراع الحر والنزيه وسنصر
على تكرار هذا القيد الحر
النزية مرجعاً وحكماً. والإخوان
المسلمون قبلوا بمخرجات هذا
الصندوق، وروضوا أنفسهم عندما
تلحق بهم هزيمة أو يصيبهم إخفاق
عن طريقه، أن يعودوا إلى الشعب
لإقناع الجماهير ببرنامجهم
وبدعوتهم وبدينهم (العقيدة ـ
والشريعة ـ ومنهج الحياة).
وهذه المنطلقات
وإن كانت في أصلها ذات مرجعية
ربانية مقدسة، إلا أن التحدي
الذي قبله الإخوان المسلمون هو
أن يعايشوا الآخرين بالتحاكم
إلى إرادة الأكثرية المطلقة
القائمة على حقيقة أن المواطنة
أساس الدولة.
والإخوان
المسلمون، يرون في (سورية) الوطن
بحدوده السياسية الراهنة حالةً
عارضة نتجت عن مؤامرة دولية
كبرى.. فسورية بالنسبة إليهم جزء
من كل، وهم قد تعهدوا بأن
يستمروا في جهادهم ونضالهم حتى
يردوا الجزء إلى أصله. في إطاريه
العربي والإسلامي.. وسيكون حسم
الموقف في هذه القضية إلى صندوق
اقتراع. فهم مقتنعون أن ليس من
حقهم أن يفرضوا على سورية هوية (عربية)
أومنهجية (إسلامية)، كما أنه ليس
من حق الآخرين أن يسبقوا
الديمقراطية إلى نزع هذه (الهوية).ورفض
هذه المنهجية من حق الإخوان
المسلمين أن يجاهدوا لتثبيت هذه
الهوية ومن حق الآخرين أن
يعملوا على اسقاطها، والذي
سيحسم هذا الخلاف هو صندوق
الاقتراع. وهذا هو جوهر
الديمقراطية فيما نظن.
ووجود الهوية
السابغة للدولة والمجتمع لا
يعني بأي حال من الأحوال إقصاء
أو ظلم من تقصر العباءة السابغة
عنه. ففي جميع دول العالم دون
استثناء تعيش أقليات أصيلة
نسيها التسامح في جنبات مجتمع،
أو وافدة تشكلت بفعل عوامل
الهجرة والتواصل البشري، دون أن
تفكر هذه الأقليات كما نتسامع
اليوم في بلادنا، بأن تنزع عن
الأكثرية ثوبها، أو أن تفرض
عليها أن تنسلخ من جلدها.
وحين يكون لسورية
دستور. يضعه مجلس تأسيسي منتخب،
تتمثل فيه كل فئات المجتمع، فإن
من حق هذا الدستور أن يعبر بصوت
واضح لا لبس فيه عن المرجعية
والهوية في حياة المجتمع
السوري، وأن يحدد
أساس الكينونة وأفق
الصيرورة. وعلى الجميع من رضي
ومن سخط أن يقبلوا بالاحتكام
إلى هذا الدستور.
وعلى الساحة
السورية هذه الأيام آخرون ضجوا
من لغب، واستهتروا بعقول
المخاطبين، وهم يديرون معركة
لفظية يسابقون أوهامهم إلى عالم
تزينه أمانيهم الصغيرة
وشهواتهم المنحرفة. حين تقرأ
مقالاتهم أو ما يظنونه (إفحاماتهم)
لا يخفى عنك: عم يتساءلون، أو
علام يتباكون ؟!
فبينما يناضل
الكثير الطيب من أبناء الوطن،
على اختلاف التوجه والانتماء،
من أجل الحرية التي تبني،
والمشاركة التي تسدد، وبينما
يناضل الكثير الطيب من أجل وضع
الوطن على مدرجة النهوض بعد أن
أغرقه المستبدون والمفسدون
والعابثون اللاهون في حضيض
التخلف والهوان؛ تقرأ لبعض من
أهمته نفسه، أو غلبه هواه
تساؤلات لا تتعلق ببناء حاضر،
أو التأسيس لمستقبل. فئة انشغلت
عن معالي الأمور بسفاسفها. وظنت
الحرية مرتعاً وبيلاً
لتطلعاتها المريضة، أو
ممارساتها المنحرفة.
ولهذا الفريق
الذي ظن أو يظن أن من مقتضى
الديمقراطية، ولوازم الحرية أن
يتاح له الانسياق إلى حيث يزين
له هواه. لهذا الفريق نقول:
أمامك كما أمامنا مجتمع نعبر أو
تعبر من خلاله إلى ما نريد أو
تريد.
حتى في الغرب الذي
يتعشقه المتعشقون ويتأسونه،
ماتزال الديمقراطية سياجاً
تحول بين أصحاب الأهواء وبين
الكثير مما يشتهون!! فمازال
القوم يحرمون الانتحار،
ويلاحقون تجارة المخدرات
وتعاطيها، ومازالوا حتى ينظرون
بامتعاض إلى سلوك ابنة ديك
تشيني ويستخدمون حالتها ورقة
سيئة الصيت في حرب الانتخابات.
ولهؤلاء نضيف
أيضاً أنه ليس للمواطن (الأوروبي)
ولا للمواطن (الأمريكي) أن يصوت
عن المواطن السوري. وعلى أصحاب
العاهات النفسية أن يواجهوا
المجتمع بعاهاتهم قبل أن
يحاولوا إحراجنا بها بشقشقة
ألسنتهم. بل إن بعض هؤلاء لن
يكونوا قادرين على الافضاء بما
يزخرفون أو يتشدقون أمام
أمهاتهم اللائي ولدنهم.
بثقة نتقدم.
وكتابنا باليمين. وشعبنا بفطرته
وبإيمانه وبوعيه قادر على
التعبير عن آرائه.وهو يقول لكل
هؤلاء وأولئك.. (إن كان لكم كيد
فكيدون..).
*
مدير مركز الشرق العربي
04
/ 01 / 2005
|