قمة
شرم الشيخ
سورية:
الغائب الحاضر
زهير
سالم*
لن نتوقف هنا عند
تقويم عام لمؤتمر شرم الشيخ. ولن
نخوض في مخاضات المتفائلين،
لأننا نعتقد أن مشكلات المنطقة
أكثر تعقيداً من أن تحل في مؤتمر
(تصالحي) عابر، ولأننا نعتبر
أيضاً أن محمود عباس قد وُضع
بهذا المؤتمر أمام تحد خطير قد
يقوده إلى الحرب الأهلية، أكثر
مما منح من فرصة. وأن المستفيد
الأول، وربما الأخير، من ذلك
المؤتمر كان شارون. شارون الذي
تم إعادة تقديمه للرأي العام
الدولي والعربي على أنه رجل
ممكن للسلام.
الذي يهمنا من قمة
(شرم الشيخ) هو الموقف السوري من
هذه القمة. موقف ما قبل وما بعد..
فقد حرصت
الديبلوماسية السورية عن طريق
الأطراف العربية الثلاثة
المشاركة في القمة ـ مصر ـ
الأردن ـ فلسطين ـ على تثبت
حضورها، وعلى إيصال رسائلها
الإعلامية والسياسية إلى حمامة
السلام (شارون) ومن وراءه:
التشجيع على المؤتمر، والتقويم
الإيجابي للمبادرة، وتقديم
الأفكار والمقترحات،
والاستعددات من قبل ومن ثم
النظرة التفاؤلية إلى ما تم،
والانطلاق إلى أجواء الترحيب
والتنسيب وإعلان الرغبة في
التنسيق؛ كل هذا يؤكد أن سورية
لم تكن غائبة عن مؤتمر شرم
الشيخ، وأنها كانت حاضرة في
محاولة غير خجول، لاختراق
الساحة بتقديم المزيد من
التنازلات.
لم تنظر
الديبلوماسية السورية بريبة
إلى المؤتمر، ولم تشكك كما جرت
العادة بالمقررات والنتائج
والمآلات التي تتحكم
بالمجتمعين، لم تلمز من طرف
محمود عباس كما كانت تفعل مع
عرفات، ولم تعلن مواقفها
الفوقية الاستعلائية في
إملاء قواعد التفاوض وأصوله
وطرائقه. لم تشترط حتى التنسيق
المسبق على الطرف العربي أو
الفلسطيني.
بلا شروط، وبلغة
التوسل والرجاء حتى للوسطاء،
تلك هي أوراق الديبلوماسية
السورية في قمة شرم الشيخ، ولم
ترشح حتى الآن أي معلومات
إيجابية يمكن أن تعتبر بحق
مخرجات عملية للمدخلات التي
تقدمت بها الديبلوماسية
السورية.
المقتل الأساس في
الموقف السوري هو (حالة اليأس)
التي يتلجلج فيها صانع القرار.
ويبدو أن الضربة التي وجهتها
السياسة الأمريكية لنظام البعث
في العراق، قد خلعت حقاً قلب
البعث في الشام، فمنذ سقوط
بغداد والموقف السوري يتوارى
خلف سياسات الاتقاء.
تكرر
الديبلوماسية السورية دائماً
أن السلام خيار سورية
الاستراتيجي الوحيد، فهل يغيب
عن أذهان هؤلاء أبعاد إسقاط
الخيارات الأخرى أمام رجل سلام
مثل (شارون) أو رجل حرب مثل (بوش)؟!
ومنذ سقوط بغداد
واستراتيجية الديبلوماسية
السورية تقوم على أساس صفقة (المكاتبة)
لفك الرقبة، بأي ثمن يمكن أن
تقتضيه إدارة بوش وديك تشيني
وكوندليزا رايس بل ومنظمة
الإيباك. ففي حين يغفل النظام في
دمشق عن مئات الألوف من
المواطنين السوريين الذين
يؤكدون ولاءهم لوطنهم ولا يبغون
عنه بديلا، تسارع وزيرة
المغتربين منذ أشهر تقريباً إلى
فتح أبواب القصر الجمهوري في
دمشق لبضعة عشر يهودياً من أصل
سوري، خرجوا من الوطن يوم خرجوا
بضغوط من الخارجية الأمريكية (كريستوفر)
في إشارة لا تخفى دلالتها لا على
الذين في داخل الوطن أو في خارجه.
ومنذ تسلم حزب
البعث السلطة في سورية قامت
الاستراتيجية الداخلية لهذا
الحزب على الانفراد والاقصاء
والاستئصال. وهذه هي
الاستراتييجة الوحيدة التي
نجح هذا الحزب بالحفاظ عليها
حتى الآن!!
*
مدير مركز الشرق العربي
13
/ 02 / 2005
|