هل
تفعلها المعارضة السورية ؟!
زهير
سالم*
لم تدرك المعارضة
السورية في الداخل ولا في
الخارج، على ما يبدو، حجم
التغيرات التي اجتاحت المنطقة
بعد 11/9، ومن ثم بعد مشروعات (الشرق
الأوسط الكبير)، وبعد احتلال
العراق، ومعنى أن تصبح الولايات
المتحدة جاراً مباشراً لسورية،
وأخيراً، وليس آخراً، مغزى /1559/،
والزلزال الذي أحدثه اغتيال
رئيس الوزراء اللبناني السابق
رفيق الحريري وتوابعه.
شأن المعارضة
السورية في إدراك التغيرات أو
في التفاعل معها هو إلى حد كبير
شأن النظام!! الذي مايزال سادراً
في بيدائه لا يدري كيف يعيد فرز
القوى، وترتيب الأولويات،
والتعامل مع الواقع العاصف في
الداخل والخارج.
المعارضة السورية
في الداخل والخارج ـ وأقصد
بالطبع المعارضة السياسية ـ
معارضة هامدة، أو شبه مستقيلة ،
ولعل هذا ما يريح النظام ويدفعه
إلى الإغراق في ديمومته
المستقرة الهانئة. أما العجاج
الذي يثيره المثقفون السوريون،
فهؤلاء قد سبق لرفاقنا
الماركسيين، أن وصفوهم (بأصحاب
العضلات الرخوة) أي الذين لا
يملكون أكثر من ثمن الحبر الذي
يدبجون به أفكارهم.
أليس من حقنا أن
نتساءل ما الذي يمنع السوريين
المحترقة قلوبهم على أبنائهم
القابعين في أعماق الزنازين أن
ينظموا اعتصاماً حقيقياً أمام
مقر وزارة الداخلية، أو حتى
أمام أحد فروع المخابرات نفسها
ـ اعتصاماً سلمياً مدنياً ـ
يطالبون فيه بالإفراج عن
أبنائهم الذين ذابوا أو ذوبوا
منذ نصف قرن في المعتقلات
والزنازين؟!
ما الذي يمنع
المحامين السوريين وهم الهيئة
المدنية الشعبية المعبرة عن روح
القانون والتشريع أن تنظم
إضراباً ولو لمدة ساعة احتجاجاً
على قانون الطوارئ؟! نتساءل عن
دور النقابات والمؤسسات
المدنية والأحزاب والقوى
الشعبية؟!
ما الذي يمنع آلاف
الشباب والصبايا المحرومين من
وثائق تثبت وجودهم الحيوي
والمدني (شهادة ميلاد ـ أو جواز
سفر) أن يتحلقوا حول السفارات
السورية في كل عواصم العالم كل
يوم وليخرجوا معهم أطفالهم
الرضع وأبناء الخمس والعشر
سنوات ليحدثوا العالم أجمع عن
نظام يحاول أن يمحو من الوجود
شريحة كاملة من أبناء شعبه على
مدار أربعة أجيال ، شردهم هذا
النظام نقول في كل عواصم العالم
لأن هؤلاء المضطهدين منتشرون
حقيقة في كل عواصم العالم
القديم والجديد فهم في دلهي
وكراتشي وموسكو وسدني ونيويورك
ولندن وباريس وطوكيو... ولنضرب
عن ذكر عواصم العالم العربي من
نواكشوط إلى بغداد. لماذا لا
يحمل ابناء الخمس سنوات لافتات
تطالب بشهادة الميلاد ويقفون
صامتين أمام أبواب السفارات
السورية في العالم البدائي
والمتحضر ليعرف العالم أي عقلية
تحكم سورية .
لماذا يتشاغل
أبناء الشعب السوري الذين ذبح
آباؤهم وأبناؤهم على أيدي وحدات
الغستابو البعثي عن تحضير
الملفات القانونية، وجمع
الأدلة لرفع الدعاوى في المحافل
الدولية ، وأمام المحاكم
ذات الاختصاص للتحقيق في
المذابح البشعة التي نفذت بحق
المحافظات السورية، بدلاً من
البكائيات الكربلائية على
أطلال حماة، ونحن في شهر شباط
شهر الذكرى الذي أبيحت فيه
المدينة؟!
لماذا لا تمد
المعارضة السورية في الداخل
والخارج يدها إلى المعارضة
اللبنانية لتجسيد حالة التوحد
الحقيقية للشعبين اللذين صنعا
الحضارة على شواطئ المتوسط
الشرقية، فيمتد لهيب اغتيال
الحريري من صيدا إلى القامشلي؟!
إذا كانت كل
المباردرات الإيجابية لم تفلح
في زحزحة النظام، أو في إقناعه
بأن الأرض
تدور، وأن الشمس تشرق من
الشرق، فإن من واجب المعارضة
السورية أن تتحرك، وآفاق الحركة
أمامها غير محدودة.
على المعارضة
السورية أيضاً أن تدرك أن الأرض
تدور، وأن الشمس تشرق كل يوم من
الشرق، وأول الحركة إدراك،
والعجز عن الإدراك رديف الموت.
*
مدير مركز الشرق العربي
22
/ 02 / 2005
|