باتريك
سيل إذ يثير الغبار
يوجه
بوصلة الاتهام إلى موكليه
زهير
سالم*
يتميز الصحفي (باتريك
سيل) بتتبعه للقضايا العربية
والإسلامية، وبانحيازه الدائم
إلى جانب نظام دمشق. وهو منذ أن
حاز شرف إصدار كتاب عن حياة
الرئيس الراحل حافظ الأسد، ما
انفك يحمل وكالة عدلية في
الدفاع عن نظام البعث، وآل
الأسد بشكل خاص، لا عن قضايا
الحرية وحقوق الإنسان التي تشغل
بال مواطنيه كما بال العالم
بأسره هذه الأيام.
في مقال للسيد
باتريك سيل في جريدة الاتحاد
الإماراتية تساءل (سيل) عمن
اغتال الحريري؟ ودخل على الجواب
محاولاً إظهار بعض الموضوعية
المنمقة، بأن أصبع الاتهام يتجه
نحو (سورية)، ثم كرّ على هذه
الفرضية لينفيها نفياً جازماً
لأن هذه العملية كما رأى وكما هو
الواقع أدخلت الضرر الشديد على
النظام السوري ليس في لبنان
وحدها وإنما في العالم بأسره.
وبلفتة ماكرة
ينصرف ـ سيل ـ إلى ذكر محتملين
آخرين على الساحة، ينسب إليهم
عملية اغتيال رفيق الحريري.
وإذا كانت لباقة (سيل) دفعته إلى
ذكر (إسرائيل) كمشبوه محتمل، إلا
أنه وفاء لبلفور ولموقف غربي
عام يمر على ذكر إسرائيل عرضاً،
دون أن يعطي حظها من التهمة
الحجم الذي يستحق!!
وبعد أن يظن سيل
أنه أحكم عقدة قصته المائعة،
يسارع إلى ركوب الموجة الغربية
في توجيه التهمة إلى أحد
فريقين، بل إلى فريق بعينه،
وإنما يذكر الآخر إمعاناً منه
في ذر الرماد في العيون.
الفريق الذي
يذكره سيل كنوع من التقية هو
اليمين المسيحي اللبناني!!
ولكنه يتجاوز هذا ليشير بكيد
واضح إلى الأصوليين الإسلاميين
في لبنان، الذين أرادوا حسب ـ
سيل ـ الانتقام للاخوان
المسلمين في سورية الذين نكل
بهم حافظ أسد في الثمانينات!!
(سيل) الصحفي
البارع لم يقرأ الخارطة
السياسية، ولم يقرأ الحدث. فهو
ينسى أو يتناسى أن الجماعة
الإسلامية في لبنان كما حزب
الله، هم في صميم الموالاة
لسورية حتى هذه اللحظة. وأن
الانتقام من (النظام السوري!!) لا
يمكن أن يكون بالعدوان على
شخصية سنية متقدمة مثل شخصية
الحريري، أعطت لبنان كما أعطت
أهل السنة مكانة بارزة. وأن
الإخوان المسلمين في سورية قد
نبذوا العنف من وسائلهم منذ
أكثر من عقدين.
ينسى (سيل) أن
الطريقة التي نفذت بها الجريمة،
والتي اعتمدت القوة والقدرة
معاً توجه أصبع الاتهام حتماً
إلى دولة ضالعة في مهنة
الاغتيالات دولة مثل التي
اغتالت الشيخ (أحمد ياسين)
والمجاهد (عبد العزيز الرنتيسي)
أو مثل التي اغتالت الشيخ (حسن
خالد) مفتي لبنان السابق أو
العلامة (صبحي الصالح) أو الصحفي
(سليم اللوزي) أو الزعيم (كمال
جنبلاط) أو أو..
يقول المثل
العربي (يكاد المريب أن يقول
خذوني) ومحاولة باتريك سيل أن
يثير الغبار ليدفع التهمة عن (موكليه)،
ربما تبرز الدور المريب لهؤلاء
الموكلين في عملية الاغتيال.
كأي متقحم على
شؤون المنطقة، يبدي باتريك سيل
تخلفاً شديداً في فهم وإدراك
الحقائق والتعامل معها. يتحدث
الناس عن المحامي السيء عن
القضية العادلة، ولكن سيل كان
في هذا الموقف المحامي السيء عن
المتهم السيء.
*
مدير مركز الشرق العربي
23
/ 02 / 2005
|