إن
كان..
فكيف
؟ ولماذا ؟
زهير
سالم*
لم
تدفعنا معارضتنا للنظام السوري
إلى المبادرة إلى اتهامه
باغتيال الرئيس الحريري؛ لأن
قواعد الشرع والمنطق تحول دون
العقلاء وإطلاق الاتهامات
جزافاً.
ومع
ذلك تبقى سورية ـ النظام طبعاً ـ
مشتبهاً فيه أساس في جريمة
الاغتيال النكراء. والذين
حاولوا استبعاد سورية من دائرة
الشبهة لأنهم رأوها، حسب
قراءتهم العقلانية للحدث،
المتضرر الأول منه، كما أن
أمريكا وإسرائيل هما المستفيد
الأول منه. فكيف يسوغ أن تقدم
سورية على فعل يكون فيه حتفها في
هذه الظروف الدولية العاصفة؟
سؤال لايزال قائماً ومطروحاً،
وحجة قوية بأيدي الذين يحاولون
أن يتذكروا التفجيرات
الصهيونية في شوارع دمشق
والتهديد اللاحق بنقل المعركة
إلى سورية ولبنان.
من
جانب آخر تعتبر سورية ـ ودائماً
النظام ـ صاحبة لسوابق غير
معدودة على الصعيدين الدولي
والإقليمي واللبناني في عمليات
الاغتيال. والعملية بعنفها
وجبروتها ليست غريبة عن
الأساليب الأمنية لرجال
المخابرات السورية.
وحين
يشار إلى (النظام السوري) في هذا
السياق يراها كثيرون، على أنها
صورة من صور الصراع بين مراكز
القوى في دمشق. ففي مراكز القوى
تلك من يريد إحراج الوجه
المركزي للسلطة، ومنها من يقول
في سره (فليكن بعدي الطوفان)
تحليل كهذا أيضاً له شموعه التي
تضيء جوانبه. ألم تنفذ مجزرة
تدمر الرهيبة في حزيران 1980 بمثل
هذه الطريقة الوحشية
الانفرادية بحق زهرات المجتمع
السوري من أدباء وأطباء ومحامين
ومهندسين؟!
ويبقى
السؤال الأخير لماذا؟ لماذا كل
هذا الحقد على شخص الحريري؟
ولماذا كل هذا العنف للتخلص
منه؟! يصمم الكثيرون على تجاهل
السبب الحقيقي الذي قد يدفع (دمشق)
إلى التخلص من الحريري.
ويرددون
بسذاجة بأنه كان منفتحاً
ووسطياً وذكياً ووفياً
ومؤثراًً وو.. ويتناسون أن هذه
الصفات هي التي تجعل منه
خطيراً، وتدفع نظام دمشق إلى
التخلص منه كما تخلص من قبل من
الشيخ حسن خالد مفتي لبنان
والدكتور صبحي الصالح الأستاذ
في الجامعات اللبنانية.
(الخط
الأحمر) الذي انتهكه رفيق
الحريري هو أنه خطا خطوة
إيجابية باتجاه الداخل
اللبناني، أي باتجاه المعارضة
المسيحية الرافضة للوجود
السوري.
والحريري
من مكانته السامقة التي بناها
خلال بضعة عشر عاماً من انغماسه
في الساحة السياسية اللبنانية،
غدا شخصية متجذرة يستمد قوته من
مكانته وليس من أي جهة أخرى. وهو
بهذا المعنى أصبح يشكل خطراً ـ
من وجهة نظر سورية ـ على الخارطة
السياسية اللبنانية، والفرز
المسبق للقوى على تلك الساحة.
ظل
(السُّنة) اللبنانيون، رغم كل
التطورات داخل سورية على ولائهم
لسورية (الدولة)، وظلوا يجدون
فيها مستندهم ومركز قوتهم،
وظلوا متمحورين حولها مدفوعين
بسياسات التخويف التي أفرزتها
تحالفات القوى الأخرى.
(الحريري)
السياسي والرجل، امتلك الثقة
التي تتيح له أن يجلس مع
لبنانيين آخرين من مقام الندية
والثقة بالذات وهي هي الجريمة
التي أباحت من وجهة نظر الآخرين
دمه.
*
مدير مركز الشرق العربي
26
/ 02 / 2005
|