نستعير
رؤيتنا اليوم من جريدة الرأي
الأردنية الغراء، ومن الأستاذ
صالح القلاب..
يعلم ونعلم أننا نصرخ في
واد، وننفخ في رماد ولكن النداء
معذرة..
رياح
التغيير
صالح
القلاب
لا
نقاش في أن الخطوة المباركة،
التي أقدم عليها الرئيس المصري
حسني مبارك بكل شجاعة تدل على
الثقة بالنفس وعلى أن مصر دولة
مستقرة ودولة مؤسسات فالدولة
التي تخشى التغيير وتخافه هي
دولة مهزوزة مرتعدة الفرائص لا
تثق لا بنفسها ولا بشعبها وتصر
على التمسك بالماضي لاعتقادها
بأن هذا الماضي هو خشبة الخلاص.
لم
يصدق البعض حتى الآن أن ظاهرة
الانقلابات العسكرية قد ولت بلا
رجعة وأن صيغة نظام الحزب
الأوحد والواحد قد أفلت وأن
ظاهرة القائد مبعوث العناية
الإلهية تلفظ أنفاسها وأن
التغيير إن لم يكن بالقناعة
فسيكون بالضغط والقوة وإن ليس
من الداخل فبواسطة الخارج ومن
خلاله.
هناك
أنظمة لاتزال تغم عيونها أمام
حقائق الأمور وترفض الخروج من
الخنادق القديمة وتصر على (إقامة
الدين في مالطا) وتتمسك بصيغ
شمولية بالية كانت سقطت وشبعت
سقوطاً منذ سقط الاتحاد
السوفياتي في بدايات عقد
تسعينات القرن الماضي وسقطت معه
ظاهرة الأحزاب العقائدية
وظاهرة المكاتب السياسية
وظاهرة الأمناء العامين وظاهرة
الحزب الباني والقائد المظفر
والمنظمات الشعبية التي لا دور
لها سوى التصفيق وتزوير إرادة
العمال والفلاحين والطبقة
العاملة.
لا
مستقبل لقائد أو نظام لايزال
يعتبر البنوك التجارية شياطين
رجيمة ولن يطول بقاء حكم لايزال
يرفض البطاقات الائتمانية
ولايزال يعتبر (الفاكس) و(الانترنت)
وموجات الـ(إف.إم) خطراً أمنياً
قاتلاً ولاتزال عناوين صحفه
شعارات صاخبة من تلك الشعارات
التي ركضنا خلفها في عقدي
الخمسينات والستينات واكتشفنا
بعد (تجارب مرة)!! أننا نركض وراء
سراب خادع في صحراء خاوية بلقع.
إذا
لم تبادر هذه الأنظمة (الآن..
الآن وليس غداً) إلى الانعطاف مع
رياح التغيير فإن العاصفة
الهوجاء التي تضرب الكرة
الأرضية ستقتلعها من جذورها ف(زمن
أول حول) ومن يواصل الإصرار على
السباحة ضد التيار سيدفع الثمن
غالياً وسيجد نفسه ذات يوم قريب
مرمياً على شواطئ حركة التاريخ
كفقمة نفقت بسبب تلوث المياه
وتغيير البيئة.
لقد
هبت رياح التغيير منذ عشية
انهيار الاتحاد السوفياتي
وسقوط جدار برلين ولعل بعض
القوى عندنا، هنا في الأردن،
وفي العديد من الدول العربية لم
تدرك حتى الآن لماذا كانت تلك
المبادرة في نهايات عقد
ثمانينات القرن الماضي عندما
اختار بلدنا الخيار
الديموقراطي وظنت وقتها أن
المسألة مجرد (استراحة بين
شوطين) كما قال البعض، وأن الفضل
يعود لما سمته (هبة نيسان).. التي
لم تكن لا هبة.. ولا هباباً!!
إن
ما جرى في نهايات عقد ثمانينات
القرن الماضي هو نتيجة استشراف
للمستقبل وهو معرفة حقيقة بما
ينتظر هذه المنطقة والعالم
الثالث كله خلف حجب الغيب. وهنا
فإن على القوى السياسية التي
لاتزال تسترشد التجربة
السوفياتية وتقلدها، وإن هي
تعتبر نفسها نقيضاً لها، أن
تعرف أن التغيير لايستهدف
الأنظمة فقط بل أنه يستهدفها
أيضاً وكذلك فإنه على دكاكين
منظمات المجتمع المدني التي
تتعيش وتتكسب من خلال (التقارير
بالقطعة) أن تعرف أيضاً أن ما
تقوم به هو عبء على التغيير
المفترض وهو تشويه للإصلاحات
المطلوبة.
الرأي
الأردنية 28/02/2005
01
/ 03 / 2005
|