فليحفظ
الله لبنان
فليحفظ
الله سورية
أهذا
الذي أرادته حكومة دمشق؟!
زهير
سالم*
في لبنان المشهد
مربك، تختلط فيه الأوراق
والأصوات والمواقف. تخسر سورية (الدولة)
كل شيء العلاقات والأصدقاء. حتى
اللبنانيون الذين يرون مصلحة
لبنان في عناقه مع سورية، ملأت
السلطة السورية أفواههم ماء فما
عادوا قادرين على الكلام إلا
مواربة.
فقدت سورية
ظهيرها التقليدي في لبنان، يوم
قررت شرذمة هذا الظهير. كان غباء
واضحاً أن تصر الحكومة السورية
على التمديد للرئيس (لحود)، كان
بإمكانها وعلى طريقتها اصطناع
أكثر من لحود على الساحة
اللبنانية. الإصرار على لحود
بدا وكأنه تخل عن الحريري، الذي
اضطرته هذه السياسة إلى خطوة
إلى الوراء، خطوة تلقفتها
المعارضة اللبنانية التقليدية
أيضاً وفرحت بها. وجاءت الكارثة
باغتيال الحريري، لتجعل من
الخطوة التكتيكية استراتيجية
وموقفاً.
وعلى الصعيد نفسه
كان لبنان الأعلى غير قادر على
الاستمرار في لعبة يتجاوز فيها
نفسه ومكانته. فاستقال الرئيس
عمر بن عبد الحميد كرامي. وجاءت
استقالته تعبيراً عن كبرياء
موروث. الجميع كانوا يدركون
رغبة الرجل في إنقاذ لبنان من
الفوضى والفراغ والفتنة. ولكن
الاعصار الذي أثارته السياسات
السورية حالت بين الرجل وبين ما
يريد.
سياسات الحكومة
السورية اللامبالية حاصرت
القوى اللبنانية في مربع اليأس
من علاقة قائمة على الاحترام،
وفرضت عليها العزلة وتغولت على
القرارها ، وقادتها بالتالي إلى
الرفض المكعب، الذي تعدى رفض
النظام إلى رفض طالما حذر منه
العقلاء في القطرين.
خلال ما يقرب من
عقدين استهترت الحكومة السورية
بالمجتمع اللبناني: القاعدة
والنخبة. وتشهد ملفات العلاقة
أن لبنان تحول إلى قائمقامية
لضباط الأمن السوريين و ومزرعة
للمخدرات و محطة للتهريب.
أعرضت الحكومة
السورية عن كل مبادرات العقلاء،
ونصائح رجال الإصلاح. فكانت
النتائج هي ما تشهده شوارع
لبنان اليوم، وما يتردد في
نوادي السياسات الدولية التي لن
ينفعنا أن نجمع على أنها لا تريد
الخير لسورية ولا لبنان.
لقد قادتنا
السياسات غير الرشيدة إلى هذا
المستنقع، وسندفع جميعاً الآن
الثمن، كما يدفعه العراق. وهذه
السياسات، عينها، ستقودنا في
سورية أيضاً إلى المربع نفسه،
وستضيع أصوات الناصحين في سورية
كما ضاعت في لبنان، وسيدفع
الجميع ثمن أخطاء الذين لا
يحبون الناصحين.
انفرط العقد في
لبنان، وسينزوي قريباً مخرجو
المأساة ، ووقف عمر كرامي يضرب
كفاً بكف ويقول: فليحفظ الله
لبنان.. وليس مبكراً فيما نظن أن
نقول أيضاً: وليحفظ الله سورية.
وقديماً قالوا: يفعل الجاهل
بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه.
*
مدير مركز الشرق العربي
03
/ 03 / 2005
|