لماذا
يشعر الأكراد بالغربة
في
وطنهم
(أولو
الفضل في أوطانهم غرباء)
زهير
سالم*
أولو الفضل في
أوطانهم غرباء، حكمة حكيم
المعرة في البيت الأول من
لزومياته. وشكوى الأكراد
السوريين في صورها المتعددة،
تعبر عن حالة صاحب الفضل الذي
عدا عليه قومه، أقول قومه وأنا
أقصد أهل الدار الجامعة التي
يشارك الأكراد في تشكيل صميم
نسيجها الحيّ. والأكراد (أولو
الفضل) في هذه الدار لأنهم عبر
التاريخ المشترك الطويل لم
يكونوا إلا الأمناء الأوفياء.
وحين ينزف الكردي
أمام مقلتيك مرارة شكوى فاسأل
من الذي لسع هذا الحِبّ بسياط
الكراهية؟! الكراهية التي
أفرزها أقوام ما هم من هذه الدار
إلا كمستمتع بظل؟! كثيراً ما
تجرفنا الأحداث والمواقف
والتعبيرات فينغمس الجرح
الكردي في الجرح العام فإذا هو
غور من أغواره، وينسيك غياب
الشعور بالمفارقة الحقيقية أن
تتلمس جرحاً نازفاً في جنب أخيك
لأنك تعتبر الجرح جرحك والهم
همك..!! ذلك اعتذار عن عتب وصل، إن
كان يجدي اعتذار المرء لنفسه.
ففي كينونتنا منذ كنا، أننا (أهل
الدار) من العرب والأكراد
والتركمان والشركس أمة واحدة
واصلنا على ذلك وفاصلنا، ومددنا
حبالاً وقطعنا أخرى. وماتزال
حبال ودنا جسور عبور، نردد كلمة
قالها رسول الله صلى الله عليه
وسلم للأنصار: بل الدم الدم،
والهدم الهدم، حربي حربكم وسلمي
سلمكم..
في ضميرنا تتجلى
صورة الكردي (صلاح الدين)
المشروع الرمز، والقادة الغر من
بني أيوب، الذين أعطوا السيادة
حقها. كان رحمه الله تعالى
القائد العدل الشفوق على شعبه
وجنده كما على عدوه، الفارس
المحراب في المحراب، الذي تساءل
كيف أبتسم وبيت المقدس في أيدي
الصليبيين، فأي شيء حسن لم يكن
له؟!
حين نذهل عن
الوقوف عند الجرح الكردي في
جسدنا الواحد، فمعنى ذلك أننا
نذهل عن أنفسنا، وعندما نبكي
هذا الجرح فإنما نردد قول
البهاء زهير وما أبهاه
وبكى بعضي على بعضي معي
نحيي انتفاضة
الأخوة الأكراد من أجل الحرية
والحقوق المشروعة في ذكراها
الأولى. فهي بعض انتفاضتنا،
وندعو بالرحمة والمغفرة
للشهداء، ونطالب بإطلاق سراح
المعتقلين، مع كل معتقل للرأي
الحر في سورية.
ونؤكد مرة أخرى
لأشقائنا الأكراد، أنكم في صميم
الدائرة، دائرة الكل فلا
يلجئنكم أحد إلى المحيط، ولكم
في داركم الحق والحق لا يمنحكم
إياه أحد منَّة ولا تفضلاً. لكم
الحق الخاص بكل أبعاده انتماء
وروابط ولكم الحق العام الذي
أنتم شركاء في سهمه.
شعور الغربة بعض
اليأس الذي يريد أن يفرضه علينا
جميعاً والمنتفعون، وقد تعلمنا
وإياكم في تاريخ جهادنا الطويل
أن العاقبة للمتقين.
*
مدير مركز الشرق العربي
13
/ 03 / 2005
|