العقيد
معمر
واللعب
على المكشوف
زهير
سالم*
جميل
من العقيد معمر القذافي هذا
الوضوح وهذه الصراحة، وهذه
المباشرة في الأداء. ففي عصر
تساقطت فيه الأقنعة، وتطايرت
الصحف لم يعد ثمة حاجة للمداجاة.
وهكذا تفجرت ينابيع الخبء
المكنون على لسان العقيد معمر
في مؤتمر القمة ليضع الجميع
أمام مسؤولياتهم: أمريكا ـ
الغرب ـ الصهاينة
ومن ثم قيادة سورية وشعبها.
القذافي
قالها بصراحة: إذا سقطت الحكومة
(القوية) في دمشق فالبديل هو
الإسلاميون الذين يقضون مضاجع
الأمريكان في العراق وجبهة
وطنية سورية لتحرير الجولان على
غرار حزب الله في لبنان.
وهو
كلام طالما رددته (النفاثات في
العقد) من حكومات الاستبداد في
العالم العربي لتحمي وجودها،
ولتؤكد على دورها كصمام أمان
يحمي الغرب ومصالحه من (غيلان
الإسلام) المتربصين بكل برنامج
للإصلاح أو التطوير، أو التعامل
مع الآخر. ولعل الفرق بين العقيد
وغيره أنه ردد في رائعة النهار
كلام الليل.
وربما
فات العقيد المعمر أن نفثاته
تلك قد قات
أوانها، وأنه منذ أن (خلع..) أمام
أعين الجميع لم يعد يستغرب منه
شيء.
والأهم
الذي فات العقيد معمر أن
الإخوان المسلمين في سورية منذ
أن أصدروا ـ ميثاق الشرف الوطني
ـ في أيار 2001 ومن ثم برنامجهم
السياسي لم يطرحوا أنفسهم بدلاء
على طريقة النظم الشمولية
الأحادية وإنما أكدوا ومازالوا
على الشراكة الوطنية، لإخراج
البلد من الوهدة التي دهدهته
إليها سياسات الفساد والإفساد.
وقد
أكد الإخوان المسلمون في سورية
دائماً على أن الخرق الوطني قد
اتسع على الراقع، بحيث ينوء به
العقلاء المخلصون إلا
المغرورين.
أما
حديث العقيد معمر عن جبهة وطنية
لتحرير الجولان فهو الرسالة
التي أراد صاحب مشروع (اسراطين)
أن يوصلها إلى الحليف الذي
يتطلع إلى رضاه.
حديث
القذافي هذا أربك الموقف السوري.
فالقيادة السورية قد ارتاحت إلى
مطالبة القذافي بالمحافظة على
حكومة قوية في دمشق. ولا بد أنها
قد ارتاحت أيضاً لتأكيد القذافي
على أن بديلها هو إسلامي مخيف،
وهو المكر الذي عملت عليه هذه
القيادة ليل نهار. أما المخرز
الذي واجه إنسان عين هذه
القيادة، ببراءة القذافي
المعهودة، فهو حديثه عن الجبهة
الوطنية لتحرير الجولان. الجبهة
التي لاتزال غائبة أو مغيبة كما
قال السيد حسن نصر الله لأن في
سورية دولة قوية (ماسكة..) كانت
تلك بعض حكمة العقيد معمر
وقديماً قالوا: خذوا الحكمة...
ــــــــــــــــــ
*
مدير مركز الشرق العربي
26
/ 03 / 2005
|