المخرج
نصيحة
لا شماتة
زهير سالم*
تؤكد
التقارير كما التحليلات أن الذي
يدبر لسورية اليوم هو نفس الذي
دبر للعراق بالأمس. وفي العراق
سار التدبير، تدبير الأقوياء،
إلى مبتغاه، ولم ينفع في إحباطه
أن فتح الرئيس العراقي غرفة
نومه أمام لجان التفتيش. كما لم
تنفعه الملايين من براميل
االنفط التي حاول من خلالها أن
يربط دولاً وشركات من مصالحها. (البرادعي
وبليكس)، ولكل قضية من هذا النوع
(برادعي وبليكس) خاصان بها، ظلا
ينوحان في السرب الأمريكي حتى
نفذ في جسد العراق السهم
المسموم.
وهكذا
غدا النظام في دمشق (برسم الزوال)
وسيختار أصحاب القرار وسائلهم
وتوقيتاتهم ومراحل خطتهم. يقال
بأن المسألة غدت مسألة وقت،
ويقال بأن المراهنة على الوقت
وعلى المتغيرات، وعلى الصفقة
باتت طرقها مسدودة، ولا سيما
بعد اغتيال الحريري والتفكير
الجدي بوضع (البعث) على لائحة
المنظمات الإرهابية.
من
جهتنا لن ندعي الشفقة على (النظام)
أو الخوف عليه، فنحن وكل مواطن
سوري قد ذقنا من أذى هذا النظام
ما يجعلنا لا نبالي بمن عدا ومن
جلس من رجالاته. المعضلة
الحقيقية بالنسبة إلينا هي
انعدام القدرة على التمييز بين
النظام (المجموعة الحاكمة) وبين
سورية الدولة بأرضها وشعبها
وتاريخها وحضارتها. إن المصيبة
التي وقعت على العراق الأرض
والحضارة والإنسان، هي أعمق
جرحاً وأبعد أثراً من تلك التي
وقعت على أشخاص النظام.
عندما تسمع التهديدات توجه
إلى سورية ممثلة في أشخاص أو في
حزب أو في سلطة، فليس في مقدورنا
أو مقدور أي عاقل أن يتصور أن
الآثار السلبية لهذه
التهديدات، حال تنفيذها لا قدر
الله، لن تطال مستقبل سورية
الحضاري والاستراتيجي والسياسي.
وعندما سيواجه المواطنون
الحقيقيون هذه الآثار سيدركون
أن معركتهم مع النظام لم تكن إلا
نوعاً من لعب الأطفال على الرغم
من المرارة والقسوة.
سورية
بلد صغير، محدود الإمكانات، بل
إن إمكانات سورية البشرية
والتعبوية والمادية هي أقل
بكثير من إمكانات العراق، ومن
رأى العبرة في أخيه فليعتبر،
وهنا يدور السؤال: هل هي دعوة
إلى الاستسلام، وإلى المزيد من
التنازلات؟ لقد أثبتت تجربة
العراق أن التنازل الذي جرّ
تنازلاً لم يجد، وأن مقولة سد
الذرائع غدت بحد ذاتها ذريعة
إلى الضياع الكبير.
إذا
جلست في مقعد رئيس الجمهورية
أمام هذه المعطيات فماذا أنت أو
أنا فاعل؟ وكوندوليزا رايس، أو
بوش يقولان لنا: عنزة ولو طارت،
نقول أولاً إنه لا يعيبنا أننا
بلد صغير، يكاد القانون الدولي
المجير لحساب الأقوياء، أن يسحب
غطاءه عنا..؟!
ثم
إن أبسط موقف ينتظر من الرجل
الحصيف في مثل هذه النازلة، ألا
ينفرد بالقرار، وألا يتحمل
وفريقه مسؤولية حدث له ما بعده،
وقد يكون نقطة تحول في تاريخ
سورية الحديث، نقطة تحول سلبي
بلا شك إذا كنت ممن لا يخدع
بطبقة السكر التي تعلو الكعكة
المسمومة.
لم
نسمع في سورية أي فريق سياسي
يعلن طموحه للوثوب إلى الحكم
واستلام السلطة.. وهذا وحده ورقة
قوة لم يحلم بها صدام حسين.
ولو
كنتَ أو كنتُ على مقعد الرئيس
بشار أو بجواره لاقتضانا الموقف
أن ننصب الخيمة الوطنية لندعو
جميع أبناء الوطن ليأخذوا حظهم
من المسؤولية (الغرم) وليس (الغنم).
وأي قرار يتخذ تحت هذه الخيمة
سيكون قرار الجميع، وستكون
المسؤولية مسؤولية الجميع.
وسيكون هذا هو المخرج الوحيد.
ــــــــــــــــــ
*
مدير مركز الشرق العربي
28
/ 03 / 2005
|