إضعاف
أو إسقاط
رب
عيش أخف منه الحمام
زهير سالم*
السيد الأمريكي
متردد بشأن النظام السوري بين
صيرورتين: إضعاف أو إسقاط.
والحوار حول الصيرورتين يتم
علناً، من خلال التقارير
السياسية التي ترفعها مراكز
الدراسات الاستشارية،
واللوبيات المختلفة، إلى مطبخ
القرار في البيت الأبيض.
إسقاط...
لضرورة أن ننسجم مع
سياساتنا في المنطقة. يجب أن
نتجاوز جميع الأنظمة منتهية
الصلاحية. ويجب أن نسبق إلى
التغيير لكي يكون البديل
مقارباً لنا، لكيلا يفرض علينا
البديل الأسوأ.
إسقاط...
وسنستفيد من وجودنا
في العراق، وكذا وجودنا في
إسرائيل. وستقدم لنا تجربتنا في
العراق الكثير من الدروس
المساعدة. عبورنا إلى سورية
سيكون أسهل، ولن نحتاج إلى
احتلال عسكري، فبشار الأسد لا
يملك مثل صدام حسين خزانة نفط
ملأى، ولذا فلا يتصور أن يصمد
صموده ـ ويضيفون ـ بقليل من
الصراخ رحلوا عن بيروت، لم نكن
نتصور أنهم سيرحلون عنها بهذه
السرعة، ولكنهم فعلوا. إذا
رفعنا وتيرة الصراخ قليلاً،
واستنبتنا زعامات موالية تتحدث
باسم المقهورين، وتلبي طموحات
الحالمين، وإذا عزفنا على الوتر
الإثني والطائفي.. سنكون قادرين
على إعادة تشكيل نظام في سورية
أليق بالمرحلة التي ندعو إليها...
إسقاط...
خطؤنا في ليبيا لا
يجوز أن يتكرر. ففي عصر العولمة
عيون العالم مفتوحة علينا. لقد
كان ذلك الخطأ طعناً في صميم
مصداقيتنا!!
إضعاف...
لأننا لن نجد بديلاً
يخدم أهدافنا الاستراتيجية في
المنطقة، كما فعل، أو يمكن أن
يفعل النظام في سورية. ينبغي ألا
نتوقف عند المشاغبات الطافية
المتسللة من بقايا العنفوان
الثوري أيام الحرب الباردة،
فهذه المشاغبات ستتلاشى
تلقائياً مع تقدم الوقت. لقد كنا
دائماً على صواب حين كنا نقوم
موقفنا مع نظام سورية على أساس
ما يفعل لا ما يقال. بإمكاننا أن
نستمر في سياستنا تلك. والإضعاف
وحده كاف لضبط ما يقال أيضاً...
وإذا كانت حماية
إسرائيل مطلباً استراتيجياً
لنا، فإن علينا أن نتذكر بأن
طلقة واحدة لم تخرج من بندقية
سورية منذ توقيع اتفاقية فصل
القوات في الرابعة والسبعين،
وحتى عندما بالغت إسرائيل بقصف
مواقع سورية في لبنان أو قرب
دمشق، فقد ظل هذا النظام
منضبطاً في دائرة الحدود التي
رسمناها، ولم يتعامل مع هذا
القصف بأكثر من التنديد
والاعتراض.
علينا أن نوازن، كما
فعل العقيد القذافي، بين
التعامل مع مطالبات حزب الله في
لبنان، وبين جبهة سورية لتحرير
الجولان يمكن أن تنشأ في حال
غياب نظام متفهم لأبعاد
سياساتنا وخطوطها الحمراء.
إضعاف...
لتكون سورية بكل
مكوناتها، في ظل النظام الذي
نتحكم به، أكثر ضعفاً. وعندما
يكون الحديث عن سورية وشعبها،
فلا يجوز أن ننسى أن هذا الشعب
إذا ما منح الحرية الحقيقية
فسيكون قادراً على إحياء حالة
التحدي في ميادينها: العقائدية
والقومية والاقتصادية، وهذا
مما لا يجوز أن يسقط من الحساب.
خصوصية الشعب السوري هي التي
أملت علينا من قبل اعتماد مثل
هذا النظام...
تلك هي طروحات
الأمريكيين، ورؤاهم. أما أبناء
سورية وأحرارها فلهم موقف طالما
نادوا به، وعبروا عنه، ودعوا
إليه ومازلوا.
وأما رجال النظام
الذين بدوا مرتاحين لطروحات
الإضعاف متناغمين معها، ساعين
لإقرارها؛ فنقول لهم ما قال
الشاعر العربي من قبل:
رب عيش أخف منه
الحمام
*
مدير مركز الشرق العربي
31
/ 03 / 2005
|