ذكرى
الجلاء
والجمهورية
الثالثة
زهير
سالم*
أسس
السابع عشر من نيسان للجمهورية
السورية المستقلة ، الجمهورية
التي كانت مع فتوتها طموحة
واعدة. ولقد أنجزت رغم عدم
الاستقرار الذي تسببت به نزوات
العسكريين، الكثير
مع
الثامن من آذار 1963 قامت في سورية
الجمهورية الثانية، جمهورية
الخوف والعجز، الجمهورية
التي أنجزت هذا الحصاد الذي
يعاني منه الوطن والإنسان ويشكو
منه الجميع..
ليس
تشاؤما ولا شنآنا أن نقول بأن
هذه الجمهورية كانت جمهورية
تدمير وتضييع وإعاقة. وأنها قد
أخرجت سورية عن مدرجة التطور
والتقدم، لتلقي بها على هامش
الحياة. في ظل هذه الجمهورية
استبيح الإنسان وكسرت إرادته
وشوهت صورته، ونهبت الثروة
الوطنية وفرضت أشكال من التنمية
الضالة ،والتجارب الفاشلة،
وانتشر الفساد فعم وطم..
وفي
ظل هذه الجمهورية كانت هزيمة
السابعة والستين، الكارثة التي
أنجبت ألوانا من التخاذل
والضياع وقادت قطرنا إلى مربع (الخيار
الاستراتيجي الوحيد) ومظلة
الانحسار تحت شعار (بلا شروط..)
ومع
أن هذه الجمهورية قد رفعت
شعارات (الوحدة والحرية
والاشتراكية..) إلا أننا بعد
أربعين سنة من الهتاف لهذه
لأهداف أصبحنا أبعد ما نكون عن
الوحدة، وغدا سقف حريتنا منذ
قامت هذه الجمهورية أرضا، أما
الاشتراكية فلم تعن غير تكون
طبقة جديدة من محدثي الثراء
واخطبوطات الفساد..
في
ذكرى الجلاء، الذكرى الأعز
والأغلى على قلوب السوريين،
يتطلع المجتمع السوري بكل فئاته
إلى صبح الجمهورية الثالثة..
الجمهورية
التي تقوم على أساس الوحدة
الوطنية والمشاركة الشعبية
لتنطلق إلى الدولة الحديثة
بآفاقها التعاقدية والتعددية
والتداولية...
تقويمنا
للأمس ليس للتشاؤم ولا للإدانة،
وإنما لضرورة الإدراك أننا في
نفق مظلم لنسعى إلى الأرحب
والأوسع..
في
ذكرى الجلاء الأول يتطلع
السوريون إلى السابع عشر من
نيسان نقطة انطلاق للتحرير
الحقيقي.. بقي أن نؤكد أن الجلاء
الأول لم يكن هبة أو منحة وإنما
كان وليد جهد وجهاد.
*
مدير مركز الشرق العربي
17
/ 04 / 2005
|