( 6 رمضان)
قيمة
الوقت
ينبغي للإنسان أن يعرف شرف
زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه
لحظة في غير قربة، ويقدم الأفضل
فالأفضل من القول والعمل. ولتكن
نيته في الخير قائمة، من غير
فتور بما يعجز عنه البدن من
العمل، كما جاء في الحديث: (نية
المؤمن خير من عمله).
وقد كان جماعة من السلف يبادرون
اللحظات؛ فنقل عن عامر بن عبد
قيس: أن رجلاً قال له كلمني، قال
له: أمسك الشمس.
وقال ابن ثابت البناني: ذهبت
ألقن أبي (يعني عند الموت)، فقال
يا بني دعني، فإني في وردي
السادس. ودخلوا على بعض السلف
عند موته ـ وهو يصلي ـ فقيل له؛
فقال: الآن تطوى صحيفتي.
فإذا علم الإنسان ـ وإن بالغ في
الجد ـ بأن الموت يقطعه عن
العمل، عمل في حياته ما يدوم له
أجره بعد موته، فإذا كان له شيء
من الدنيا، وقف وقفاً، وغرس
غرساً، وأجرى نهراً، ويسعى في
تحصيل ذرية تذكر الله بعده،
فسيكون الأجر له، أو أن يصنف
كتاباً من العلم، فإن تصنيف
العالم وحده المخلد، وأن يكون
عاملاً بالخير، عالماً فيه،
فينقل من فعله ما يقتدى الغير
به، فذلك الذي لم يمت.
ابن الجوزي
صيد الخاطر
|