وحددوا
الزمان والمكان
زهير
سالم*
عندما حلقت الطائلت الصهيونية
فوق قصر الرئاسة، بساكنه، على
الساحل السوري ، كظم صاحب القصر
غيظاً .. وأعلن الناطقون
الرسميون أن سورية لن تستجر ..
وانها ستحدد زمان الرد ومكانه
وأسلوبه ..
وجاء الرّد على ما يبدو ، على يد
حزب الله، ومرة أخرى عبر
الخاصرة اللبنانية الرخوة (الجنوب
اللبناني ..)
إن إيماننا الأولي بوحدة
المنطلق الأستراتيجي ، ووحدة
الهدف العام لأمتنا ..وتأكيدنا
على حقنا الأساس في الدفاع عن
الذات ضد عدو ومغتصب احتل أرضنا
وتجاوز باحتلاله وتصرفاته كل
القيم الانسانية والمعايير
الدولية ..
كما أن تأييدنا لكل عمل مقاوم
يهدف إلى زحزحة ثقل الاحتلال
بكل رزاياه عن صدر أمتنا ،
وإدانتنا لكل الاعمال العسكرية
المهووسة لقوات الاحتلال
المصابة اصلا بجنون العظمة ،
وخيلاء التفوق .. إن كل ما سبق لا
ينبغي أن يمنعنا من إعادة قراءة
الموقف بكل ابعاده كي لايذهب
بنا بعض من يظن في نفسه القدرة
على اللعب بعواطف الشعوب
المقهورة المكبوتة بمعاركه
الصغيرة حيث يشاء ..
استراتيجيا نعتقد أن تسول
السلام الذي تمارسه المجموعة
الحاكمة في بلدنا ، عدا عن
دلالاته الاخلاقية المريبة ،
أثبت بعد ثلاثين سنة تقريباً من
توقيع اتفاقية فصل القوات ، إنه
أسلوب غير مجد على الإطلاق . إن
انحباس المجموعة الحاكمة في
دمشق ، إذا افترضنا حسن الظن
الأولي ، في مربع خيار السلام
الوحيد ينم على قصور وضعف
وتخاذل إذا لم ترد أن تزيد على
ذلك .. لا بد من هدم جدران هذا
الحبس الاختياري واعتماد جميع
الوسائل المشروعة للدفاع عن
الذات .
نعتقد أيضاً أن ما يجري على أرض
فلسطين الداخل ، وكذا ما يجري في
جنوب لبنان يؤكد أن واقعا
جديداً من وسائل التحرير
والمقاومة قد نشأ على الارض ،
وأن هذا الواقع كما نجح في جنوب
البنان ، ويؤدي دوره اليوم في
فلسطين يمكن أن يقوم بنفس الدور
في الجولان السوري المحتل وبشكل
اعمق مشروعية وأكثر جدوى ،
وابعد أثراً هذا عندما تقرر
مجموعة الحكم أن تثبت قدراتها
التحقق بالاوصاف الاساسية
للقيادة السياسية الفاعلة .
إن هاتين الحقيقتين تؤكدان أن
الاختباء وراء الاهداف الصغيرة
، لتعزيز موقع ذاتي هنا ، أو
أثارة غبار لإخفاء بعض الحقائق
هناك ؛لم يعد سياسية ناجحة . كان
البعثيون يؤكدون علينا دائماً
أن صراعنا مع الصهاينة هو صراع
وجود وليس صراع حدود ..فهل ما زال
البعثيون يتمسكون بهذا العنوان
الذي تمت صياغته بأسلوب لغوي
منمق وموزون .. جواب ينتظره
شعبنا من قيادات مسؤولة لنعرف
إلى اين نسير.
نحن نعتقد أن الهدف المعلن
لعملية حزب الله (تحرير الأسرى)
بحطف بعض الاسرى الاسرائيليين
أصغر من أن يستوعب كل هذا الحجم
من التضحيات . ونحن نعتقد أن
مزارع شبعا أصغر من الجولان
المحتل ، ونحن نعتقد ثالثاً أن
سورية أولى وأقدر من لبنان على
تحمل تبعات موقف مقاوم صادق
وأصيل ..ولأن هذا الموقف سيكون
له ابتداءً منطلقاته المشروعة
التي تسقط كل الدعاوي الذرائعية
التي يثيرها اليوم المشككون ..
نعتقد أن انغماس سورية في
معركتها المباشرة (تحرير
الجولان) وبخطة مدروسة محكمة لن
يخفف العبء فقط عن شعبنا في
فلسطين ، وإنما سيعطيه الفرصة
أيضاً لتجاوز المراحل الصعبة
فيستغلظ الغرس ويشتد أزره
ويستوي على سوقه .. ونقول همساً
إن المبادرة لدراسة الخيار في
هذا الاتجاه والدفع به إلى حيز
الواقع ستطوي كثيراً من
المشكلات الداخلية ،
والاستحقاقات الدولية
والاقليمية ، وفي مقدمتها نتائج
التحقيق في اغتيال الرئيس
الحريري ..ستكون العملية نوعاً
من الهرب الى الامام ولكنه فر
يعني الكر حقيقةً .ستكون كلفته
عالية لا شك ولكن الوطن سيكون
الرابح الاول منه ، وستكون
الكلفة في مكانها الصحيح .
وتصدمنا في هذا السياق أيضاً
اشارة استفهام كبيرة ، تصدمنا
ربما حتى تدمي جباهنا ، حين نتابع
التهديد الاستعراضي للرئيس
الايراني أحمدي نجاد ..بإن ايران
سترد ردا قاسياً في حال هوجمت
سورية ؟! أولا تستحق فلسطين ؟!
أولا تستحق لبنان هذه الغيرة
الايرانية؟! ..إلا يستحق
الابرياء من الاسر الفلسطينية
واللبنانية التي
تطمر تحت التراب على شاطئ غزة أو
في بيوت لبنان بعض النصرة من
ايران هذا
إذا كانت ايران برئيس جمهوريتها
تعني ما تقول ..
واخيرا ..لقد حددت المجموعة
الحاكمة في سورية الزمان
والمكان والاسلوب ، فردت على
الطائرات الصهيونية التي حلقت
فوق قصر الرئاسة ..رد يطمع
باشياء كثيرة ربما ولكن ليس
منها تحرير الجولان الذي يدور
كل شيء بعيدا عنه .. رد يتطلع إلى
توثيق عرى البقاء فوق تل من
الاشلاء اشلاء الضحايا واشلاء
الارادات
---------
*مدير
مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
15/07/2006
|