لبنان
وماذا
بعد الدمار
زهير
سالم*
ذهبت ريح الحرب في لبنان في
طريق آخر. وأصبحت غايتها بعيدة
عن الرؤية المباشرة للمتابعين.
كان هدف حزب الله اصطياد جنديين
صهيونيين، وتوظيف أسرهما في
عملية تبادل أسرى، في أفق لا
يتجاوز تعزيز المكانة وتكريس
الهالة. تستوحي من اسم العملية،
الوعد الصادق، المعنى الذي كان
حزب الله يحرص عليه من وراء
العملية بألقها الإعلامي في زمن
الرداءة العربي.
هل حقاً كان حزب الله يهدف إلى
تحرير بضعة أسرى لبنانيين من
السجون الصهيونية (سمير قنطار)
وصحبه؟ من الناحية الإنسانية
يوجد في السجون السورية مئات
الأسرى والمفقودين اللبنانيين.
ألا يشعر السيد حسن نصرالله أن
من واجبه أن يتذكر هؤلاء ولو
لدواعي إنسانية؟! كثير منهم
اعتقل في مماحكات سياسية عدا
زمانها أو ربما تقارير
استخبارية كاذبة، وهم جميعاً
مثل سمير قنطار تنتظرهم أسرهم
آباء وأمهات أو زوجات وأبناء. لم
يحاكموا لم يدانوا ومازالوا في
حكم المفقود تمنع عنهم الزيارات..
وبمجرد أن أطلق حزب الله شرارة
المعركة نجح في إيقاد نارها،
ولكن لا لتكون معركته إلا لبضع
ساعات، ثم تتحول إلى الجهة
الأخرى فيتلقف العدو الصهيوني
الكرة ويبدأ بتسديد الأهداف.
لا نريد أن نغمط المقاومة
الباسلة حقها فهي تقوم بدورها
كمقاومة بطريقة تجاوزت كثيراً
ما استطاعته الجيوش العربية
مجتمعة خلال عقود. ولكن عمل
المقاومة وإن استحق الإشادة
والتقدير من الناحية النفسية
والمعنوية إلا أنه لا يعدو أن
يكون جهداً رمزياً لا ينقص ولا
يزيد في نتيجة المعركة شيئاً.
امتلك حزب الله عنصر المبادأة
وسجل نقطته الأولى، واسترد
العدو بآلته الحربية الصماء
المبادرة فاجتاح لبنان الإنسان
والعمران. وجعلنا نقف متسائلين:
ماذا يريد؟!
الأهداف المعلنة، الذي يصر
عليها أولمرت ومن ورائه بوش:
تسليم الجنديين الأسيرين ـ بسط
سيطرة الجيش اللبناني على
الشريط الحدودي أو على كل لبنان
ـ تطبيق القرار 1559 ونزع سلاح حزب
الله. تخفي هذه الشروط المعلنة
وراءها أهدافاً وترتيبات بعضها
يقرأ على الساحة اللبنانية
وبعضها يقرأ على الساحتين
السورية والإيرانية..
إن تكثيف القصف العنيف على
الضاحية الجنوبية يؤكد أن هناك
من يفكر بحرب إبادة على هذا
المربع البشري!! وعلى قيادة حزب
الله المتواجدة هناك. نجد
أنفسنا مباشرة أمام (الما بعد)
تحقيق الهدف قبل وقف القتال!!
ليس في الأفق أي مبادرة
للإنقاذ، فهل سيتم تحويل حزب
الله إلى منظمة إرهابية مطلوبة
للعدالة الدولية في كل مكان.
وحزب الله مع كونه جزءاً من
معادلة القوى اللبنانية،
الديموغرافية والسياسية
والعسكرية، فعلى أي نحو بعد هذا
سيكون استقرار لبنان؟!
وحزب الله في الوقت نفسه نقطة
ارتكاز أساسي للنفوذ السوري في
لبنان. النفوذ الذي مايزال
صاحبه مطمئناً إلى أن خروجه من
لبنان كان (مادياً) (انزاح
الجندي عن الأرض) دون أن يخرج
عملياً من السياسة اللبنانية.
فممثلوها في حزب الله أقوياء.
وكذلك بقايا القوى والشخصيات
التي استطاعت أن تحتفظ بها أو أن
تستجدها على الساحة. كيف سيكون
الغد السوري في لبنان بعد حزب
الله؟! وكيف سيكون الغد السوري
في دمشق بعد حدوث تحول جذري
بعيداً عن سورية في سياسات
لبنان؟!
حزب الله دخل الحرب طالباً
وأصبح مطلوباً. سورية دفعته إلى
الحرب لتظهر لمن يهمه الأمر
أنها تمتلك أوراق قوة، فتحولت
أوراق قوتها إلى مؤشر ضعف
ودلالة عجز مع عبء لا محدود ينوء
موقفها أمام الجماهير العربية
التي تتساءل جميعاً: ماذا فعلت
ليلى؟! وليلى هي بالطبع سورية
الحبيبة التي ماتزال تتفرج
بحماسة على كرسي المشجعين..
نظن أن الوقت لم يفت بعد للقيام
بمبادرة سورية إيرانية..
لاسترداد الكرة. مبادرة مكلفة
بلا شك ولكن فيها إنقاذ لبعض ماء
الوجه. أما المبادرة العربية
الجماعية التي نراها حقاً
وواجباً فيبدو أن الحديث عنها
أصبح من لغو الكلام.
---------
مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
22/07/2006
|