الإصلاح
بين التجميل والتغيير
زهير
سالم*
لا شيء يربكني
ويفحمني أكثر من سؤال السائل:
أليس إلغاء القانون الذي يوجب
الإذن الأمني لفتح صالون
الحلاقة أو المخبز أو لإقامة
حفلة العرس خطوة على طريق
الإصلاح؟! أوليست هذه القائمة
التي ضمت ما يقرب أو مايزيد على
ثمانين مهنة هي من هبة العهد
الإصلاحي الجديد والتوجه
الإصلاحي الجديد لشعب سورية،
الذي سيبدو بفضل هذا الإلغاء
أكثر حرية وانفتاحاً وتألقاً؟!
يختم السائل كلامه أجب بنعم أو
لا. وعندها أجدني وتجدني ويجدني
مرتبكاً مفحماً، ويبدو الرفيق
غير الرفيق مزهواً منتصراً!!
الحقيقة التي
نواجهها أن بعض القوم ممن يمسك
بزمام السلطة في بلدنا، لا يؤمن
بالإصلاح، ولا يرى ضرورة له،
وهو من موقعه المستشرف لكينونة
الماضي ولصيرورة المستقبل أعرف
من كل من حوله أو تحته بما يصلح
لحاضرنا ومستقبلنا، وهو عندما
يجارينا الحديث أو الطرح إنما
يفعل فعل الأب المشفق أو المعلم
الحكيم عندما يخاطب أولاده
وتلامذته على قدر عقولهم
ويجاريهم في طروحاتهم على طريقة
حوارية سقراطية تصير بهم إلى
حيث يريد لا حيث يريدون.
(ترف) أو (غثاء)، أو
(وسيلة ضغط)، أو (مطلب خارجي) تلك
هي رؤية القوم في حزب البعث
لمطلب الإصلاح، وهم حين
يتحاورون أو يتناجون إنما
يتحاورون في طريقة إقناع
الآخرين على اختلاف منظوماتهم
بأنهم جادون في التغيير ساعون
إليه.
لنترك السياسة،
والمادة الثامنة من الدستور
وجميع اللغط الذي جرى حولها.
ولنترك القانون 49 وكل التسويغات
التي أطلقت لتكريسه وتأكيد
ضرورته واستمراريته، وإعلان
أحد مهندسي الإصلاح في الحزب
على فضائية عربية بأن السيد (علي
العبدالله) قد تم اعتقاله بموجب
هذا القانون، وبدعوى (الترويج
لجماعة الإخوان المسلمين) وهي
إحدى مواد القانون التي وقع
الأستاذ (علي العبدالله) تحت
طائلتها، ولننس مزاعم البعثيين
على مر أكثر من ثلاثة عقود أن
القانون شأنه شأن قانون الطوارئ
غير موضوع موضع التنفيذ، أقول
لنترك السياسة ولننتقل إلى
الاقتصاد بل إلى الشعار المطروح
لمكافحة الفساد.
يذكرك الرفاق
البعثيون بذلك اللص الذي سرق
الدجاج من قن جاره، ثم ذهب ليصلي
في المسجد وريش الدجاج مايزال
عالقاً برأسه. بمعنى أن كل قيادي
بعثي مدان بالفساد، ويحمل دليل
إدانته رسمياً، ثم يقف على رؤوس
الأشهاد ليتحدث عن مكافحة
الفساد.
ثمة علوم إنسانية
يقال عنها إنها قد نضجت واحترقت
لوضوحها وثبات قوانينها،
واستقرار تطبيقاتها، وأزعم هنا
أن منها علمي: المواريث الذي
يسميه فقهاؤنا علم (الفرائض)
وعلم الحساب الذي تميز العرب
بإبدعات كثيرة في نظامه الرقمي.
أما علم المواريث
فهو الذي بإمكانه بطلب بسيط أن
يقدم لك كشفاً (بحصر الإرث)
ليخبرك بالتفصيل كم ورث هذا
المسؤول أو ذاك عن (أبيه) أو عن (جده)
الذي لم يمر على حزب البعث أو لم
يكن لبنة في بناء سلطته،
والإشارة إلى هذا القيد ضرورية،
وهي تخبرك من ناحية أخرى أن عمر
الفساد في سورية، شأن محنة
الشعب السوري عامة، قد امتد عبر
جيلين على الأقل.
أما علم الحساب
فهو الذي يساعدك على حسبان ما
استحقه هذا الموظف في ميدان
عمله، سواء كان على رأس الهرم أو
في قمته أو في أي موقع من مواقعه.
ثم بعملية جمع
وطرح بسيطة مع احتساب المصروفات
ونسبة غلاء المعيشة، وانحطاط
قيمة الرواتب ستكون الحقيقة
واضحة بين يديك للعيان، وعندها
سيحق لك أن تسأل لابس البدلة
الأنيقة من أي لك ثمن هذه
البدلة، وأنت أطولنا قامة كما
سئل عمر بن الخطاب من قبل..
الاحتيال على
المطلب الإصلاحي ليس أقل بلاهة
من احتيال المريض على طبيبه.
يزعم أنه تناول العلاج...
*مدير
مركز الشرق العربي
15/06/2005
|