ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 30/10/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

رؤيـــــة

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


(تم إضافة مقال : ماذا يعد أهل السنة للعلويين، مترجماً في نهاية هذه الرؤية)

كيف يصنع العلويون في سورية 

مستقبلهم الوطني

زهير سالم*

ماذا يعد أهل السنة للعلويين ؟

عنوان مقال نشر باللغة الانجليزية على موقع سيريا كومنت في 30 آب 2006 ، طرح حزمة من الافكار والتساؤلات تستحق التوقف عندها ومناقشتها . لم يشأ كاتب المقال ان يفصح عن اسمه الحقيقي ، مفضلاً ان يرمز له بأي اسم يحمله احد ابناء الطائفة !! سنناقش في هذا المقام الافكار الواردة في المقال، ونجيب على التساؤلات المطروحة إيمانا منا بأهمية وجدية ما طرح ، وصدقية هذه الافكار في التعبيرعن حالة يعيشها فريق من ابناء مجتمعنا ، بغض النظر عن شخص الكاتب وحقيقة ودوافعه .

سنضطر ابتداءً الى تقديم  تلخيص وافٍ للمقال لنعين القارئ على متابعة  الحوار  . نستطيع ان نركز المقال في النقاط التالية :

* حديث عن طبيعة النظام القائم واستناده على افراد اكثر من استناده على طائفة , في محاولة لنفي الصبغة الطائفية عن النظام ، بمعنى ان الطائفة ليست مستفيدة جميعا من هذا النظام .

* دور تعاقب الاجيال في صياغة الموقف الطائفي , يبدو ان الكاتب ينتمي الى الجيل الثاني من حكم العلويين, فهو كما يريد ان يخبرنا  من الجيل الذي لم يعاصر (مرحلة الاضطهاد السني !!) قضية لا نريد أن نتوقف عند مناقشتها في هذا السياق.

* الطائفة العلوية لا تزال تتحكم بالمواقع المهمة في الجيش و الأجهزة الأمنية .إقرار مفيد في سياق الحوار.

* يرى الكاتب أن الاتجاه الذي تسير إليه سورية لا يبشر بخير ..ثمة تخوف من كارثة يقاد إليها البلد . يحمّل الكاتب مسؤوليتها مجموعة مؤلفة من طوائف كثيرة ، ولكنها في النهاية ستحمل للعلويين وحدهم (يحاول الكاتب أن يشير إلى اشتراك جميع الطوائف في حكم البلد أو في صنع الكارثة )

* ثم يتساءل الكاتب :لماذا لا يفعل العلويون شيئاً لتفادي الكارثة ؟ لماذا نصمت عنها ؟ ولماذا لا يقوم جنرال علوي بانقلاب عسكري؟

* للإجابة على هذه التساؤلات يتحدث الكاتب عن نوعين من الأسباب ، عام يتعلق بالسوريين جميعاً وخاص يتعلق بالعلويين ..

في السياق العام يذكر ستة أسباب نكاد نوافقه على معظمها ؛ فثقافة الخوف التي انتشرت بين الناس ، وقيام الشك والريبة في نفوس المواطنين، وثالثاً الصراع الخارجي الذي تفرضه الإدارة الأمريكية ، وعاطفة الشارع السوري ضد هذه الإدارة ، وتحكم الرئيس الراحل بالجيش وإحكام القبضة عليه ، مما يصعب أي عملية تحرك أو يجعلها مستحيلة ؛ كل هذه العوامل متضافرة تجعل التغيير في سورية مستحيلا او بعيد المنال كما يرى كاتب المقال ، مالم يشارك فيه العلويون ، وهؤلاء العلويون لن يشاركوا في التغيير مالم يروا بديلاً واضحاً . ومن هنا يطالب الكاتب المعارضة (أن تقدم رؤية واضحة عن المستقبل تطمئن الشعب السوري بحيث يقتنع بالمخاطرة بالميزات القليلة التي يتمتع بها .وعلى رأسها الأمن . يؤكد الكاتب أنه لا تزال عبارات الوعود العامة والغامضة عن الديمقراطية والحياة الأفضل تصبغ خطاب مؤيدي تغيير النظام !!

في النقلة إلى الأسباب الخاصة بالعلويين . يركز الكاتب على ان السبب الرئيس الذي يحول دون فاعلية العلويين في دعم عملية التغيير هو (الخوف من الآخر ) وهذا الآخر في رأيه يتمظهر في فريقين من الناس .

الاول زعماء المعارضة الدينية السنية و الأكراد الذين يتناولون بفظاظة ووضوح (نريد انهاء الحكم العلوي). والفريق الثاني هم كل من يقول على استحياء أو بإيجاز إنه يجب إنهاء احتكار المناصب العليا في الجيش و الأمن ..

يزعم الكاتب أن أحدا من السياسيين أو المثقفيين لم يجب على السؤال : ما هي خططكم بالضبط تجاه العلويين بعد أن نتخلى عن السلطة ؟! ثم يسرد العديد من الأسئلة عن مستقبل مجموعات من المواطنين العلويين على النحو التالي :

ما هي خططكم تجاه عشرات الألوف من العلويين العاملين في الجيش واجهزة الامن؟

 ما هي خططكم تجاه الحرس الجمهوري والقوات الخاصة؟ ...هل ستدفعون لهم معاشات تقاعدية إذا قررتم حل قواتهم أم أنهم سيطردون ويرمون في الشوارع –على الطريقة الامريكية ؟! هل تقدرون مخاطر مثل هذا التسريح على الامن ؟!

وماهي خططكم تجاه عشرات الألوف من العلويين الذين يعملون كموظفيين في كثير من المؤسسات غير الفاعلة -يقصد الوهمية – هل ستغلقون هذه المؤسسات؟ .

هل ستوقفون المشاريع الاصلاحية في المنطقة الساحلية ؟

هل ستعكسون قانون مصادرة الأراضي وإعادتها إلى ملاكها ؟

هل ستطالبون بمحاكمة المسؤولين الأمنيين على أعمالهم خلال 35 سنة الماضية ؟ وما هي الرتب التي ستعتبرونها مسؤولة ؟

هل ستحاكمون النخبة السنية أيضا بنفس المعيار ؟!

يؤكد الكاتب إن الاجابة على هذه الأسئلة مطلوب وأن تحييد القضية المذهبية والسكوت عنها لا يخدم القضية الوطنية .. وأنه إذا كان (السنة ) يريدون تغيير النظام فعليهم معالجة المسألة العلوية أولاً ..وبغير ذلك لن يتم التغيير إلا بطوفان شعبي داهم وهو ما يراه العلويون حتى الآن الخطر البعيد  ..

 

*** ***** ***

اضطررنا إلى تلخيص المقال لأهميته ، ولضرورة تفهم أبعاد الحوار وأفاقه في إطار من الصدق والصراحة الوطنيين ، حيث لا تنفع الشطارة والمراوغة ، كما يقول الكاتب . نؤيد ابتداء رأي الكاتب أن مشاركة المواطنين العلويين في عملية التغيير ستجعلها اكثر سهولة وأكثر سلاسة وأكثر أمناً للجميع ؛ ولكننا نؤكد في الوقت نفسه أن التغيير قادم بإذن الله لأنه سنة التاريخ وسنة الحياة ..

وملحوظتنا الابتدائية أن الكاتب وضع أهل السنة وحدهم (عربا وأكرادا) في مواجهة العلويين!! متناسياً أن الفئة الحاكمة وضعت العلويين في مواجهة جميع مكونات المجتمع السوري . فالكاتب لا يستطيع أن ينكر حالة الاستياء التي تسود أبناء المذاهب والطوائف جميعا ، كما تسود رجال الفكر والسياسة الذين يصعب حسبانهم مباشرة على تيار مذهبي أو طائفي ..

ثم إن التقويم العام للنظام القائم في سورية على أنه حكم أقلية علوية لا يعتمد على مقياس من هو المستفيد من النظام!! فنحن نعلم أن الأقلية المستفيدة من النظام تتوزع على جميع الطوائف وإن بنسب متفاوتة ..الصبغة العلوية تستند على حقيقة من هم القائمون على النظام ؟ فنظرية ابن خلدون عن (العصبية) التي تحمي السلطان تتجلى في أوضح صورها في نظام الأقلية العلوي ، الذي يقوم على دعم نخبة مغلقة من رجال الجيش والأمن. وهو ما لا ينازع فيه كاتب المقال. مرتكزات الحكم علوية محضة . دون أن يعني ذلك أن جميع أبناء الطائفة مستفيدون ، وان أحداً من غير أبناء الطائفة لا يستفيد. من الضروي جداً أن نميز في توصيف النظام بين المستفيدين منه والقائمين عليه . ونظن أن قول الكاتب في إحدى عباراته (نتخلى عن الحكم ) غنية عن أي تعليق .

الذي يثير الاهتمام بالمقال ايضا اعترافه الصريح ان التغيير الجذري من الداخل لن يكون إلا بمساعدة العلويين انفسهم ، او بقيام انتفاضة جماهيرية كاسحة . وهاتان الحقيقتان المتعانقتان بحاجة الى الكثير من التأمل . حقيقتان تمثلان رؤية صائبة عمليا ، وتلقيان على عاتق العلويين مزيدا من المسؤولية الذاتية و الوطنية. ان لم تكن الاولى فستكون الثانية, وماذا بعد الثانية؟!

ثمن المشاركة في التغيير

جملة التساؤلات التي طرحها الكاتب تشير إلى حراك فكري وسياسي يتردد وسط الطائفة . وهي تساؤلات مبشرة بخير من ناحية ،  كما تشير إلى عقلية من يريد أن يحتفظ بقانون للامتيازات الخاصة  صنعها ظرف طارئ في تاريخ الوطن  !!

سنعود إلى أصل العنوان الذي اقترحناه لمقالنا : كيف يصنع العلويون مستقبلهم الوطني ؟! سؤال نطرحه بدورنا على العلويين أنفسهم . وهم في رأينا الطرف الأَولى و الأقدر على الإجابة عليه ..

كاتب المقال وضع العلويين بين خيارين : مشاركة في تغيير سلمي هادئ و سلس . أو انتفاضة جماهيرية كاسحة يكون لها ما بعدها ..

صحيح أن جزءاً من الجواب مطلوب من القوى السياسية والمجتمعية الوطنية ؛ ولكن الجزء الأوفى من الجواب منتظر من العلويين . وستبقى الفرصة متاحة للعلويين ما زالوا يملكون زمام المبادرة . مؤشرات كثيرة دولية و إقليمية ومحلية تؤكد أن الفرصة باتت مهددة أو مضيقة . إذا أضاع العلويون الفرصة  فلا أحد يدري كيف سيكون المستقبل الوطني بشكل عام ، ومستقبل العلويين بشكل خاص . العلويون حسب كاتب المقال يتخوفون مما سيخسرون ، ولكن الآخرين لا يجدون ما يخسرونه ، بعد أن جردهم النظام الحاكم من كل شيء !! الذي نخاف منه كقوى وطنية مسؤولة أن يكون الخاسر الأول في معركة المستقبل هو سورية ، أي أن نكون جميعاً خاسرين !! وأن يكون المستفيد طرفاً ثالثاً أو رابعاً لا ندري. هذا أول ما يحتم علينا أن نتجرد عن التفكير في دائرة (نحن ) و(هم) في إطار وطني . وهذا ما تسعى القوى الوطنية المسؤولة أجمع إليه .

ومن هنا يأتي الجواب على جملة التساؤلات التي طرحها كاتب المقال غير عائم ولا ضبابي ، إنه الجواب الوطني المعتمد عند الجميع : المطلوب: وطن لجميع أبنائه . وطن تكون فيه المواطنة اساس الحقوق والواجبات. نظن أن من حق المواطن (الكردي) مع وافر الاحترام ، أن يطالب بالمساوة المطلقة بالمواطن العلوي ، دون أن يتهمه أحد بالفظاظة !!  وأن يطالب بحقه الدستوري في كل مفاصل الحياة العامة ، وما ينطبق على الكردي ينطبق على الجميع.  ومرة أخرى ينبغي ألا يفكر العلويون بقانون /للامتيازات /جديد .

المعارضة الاسلامية  مثلاً التي تتحدث باسم شريحة من الحراك الوطني الاسلامي ، والتي مارس رجال السلطة بحقها أقسى المجازر ، و أكثرها دموية وشمولية في تاريخ سورية الحديث ، وربما القديم أيضاً ؛ كانت من المؤسسين للتوافقية الوطنية : سورية لجميع أبنائها . والمواطنة مناط الحقوق والوجبات ...وهي اصدرت أكثر من ورقة أعلنت فيها موقفا متقدما في رؤية الهوية الوطنية الجامعة للشعب السوري على الصعيدين الاسلامي والقومي. فعلى الصعيد الاول أكدت بوضوح ان مظلة الاسلام تظلل جميع المنتمين إليه من ابناء المذاهب بمن فيهم العلويون انفسهم . فصادرت بذلك الورقة التي طالما لعبت بها المؤسسة الأمنية (فتوى ابن تيمية) لتخويف العلويين من السكين السني القادم!!  وللحقيقة التاريخية أيضا فان المعارضة الاسلامية لم تعتمد ابدا هذه الفتوى كمنهج للتعامل مع العلويين أو مع غيرهم . كانت ورقة هذه الفتوى لعبة ماكرة للأجهزة الأمنية ، لبث الخوف والريبة بين المواطنين ،كما يقول الكاتب ، وبالتالي لحشر أبناء الطائفة وراء النظام وتفتيت الوحدة الوطنية لمصلحته.

في ظل الحقائق السابقة: سورية لجميع أبنائها ، والمواطنة مناط الحقوق والواجبات  ، وسيادة القانون لا نظن ان من حق احد ان يطالب أن يكون فوق القانون ، ولا بمقدور احد ان يمنح احدا امتيازا بقانون عرفي من نوع خاص.. دولة السواء الوطني هي التي ندعو الجميع اليها ، بمن فيهم العلويون. وحين نتحدث عن سورية لجميع أبنائها من البديهي أن نؤكد أن التفكير في مواطن القامشلي أو ديرالزور أو السويداء ينبغي ان يكون على مستوى التفكير بالمواطن في حلب أو حماة أو دمشق أو طرطوس أو القرداحة.. في دولة السواء الوطني لا مكان لمنطقة تهمل على حساب أخرى. ولا حق لمواطن ان يدعي حظا في السهم الوطني أوفر من اخيه . إن الحديث عن الحكومات (السنية) السابقة أو المتعاقبة يخرج عن اطار الوصف الوطني الطبيعي. ان الوطن الذي كان قد خرج لتوه من مرحلة الاستعمار ، هو الذي فتح الباب واسعا أمام أبناء الطائفة لينضموا الى الجيش في ظروف اجتماعية قاسية ، دون أن تحسب بدقة الحسابات التي قادت الوطن الى هذه المآلات الصعبة!!

ولا يمكن ان يكون في دولة السواء الوطني مكان لسياسات استئصال أو إقصاء أو تجويع أو تهديد بالرزق أو حرمان من فرصة العمل . ولا يمكن في دولة سيادة القانون أن تحمل وازرة وزر أخرى ، وعندما يكون القانون عادلاً  ، والقاضي نزيهاً ، والمحكمة دستورية فلا يخاف من تبعات القانون إلا المجرمون ..

إن القوى الوطنية في سورية لا تملك (منديل أمان) تقدمه للعلويين ؛ إن لم يسع العلويون أنفسهم إلى إحلال شعار أمن الوطن مكان أمن السلطة ، أمن المستقبل  مقابل مكاسب اللحظة . نقول هذا تقريراً لا تهديداً ولا تلويحاً بتهديد . لأن أحدا ببساطة لا يمتلك الساحة لحظة انطلاق (انتفاضة جماهيرية كاسحة) حسب تعبير كاتب المقال نفسه .

باختصار شديد يمكن القول مع كاتب المقال ، إن كثيرا من أوراق الخلاص أو التغيير هي في أيدي العلويين ، وعلى العلويين أن يوازنوا بين الانسحاب الكيفي في اللحظة الداهمة تحت سلطان الفوضى ، وبين الانسحاب الآمن المنظم في ظل حسابات دقيقة وضمن مشروع وطني عام يبسط الجميع أيديهم إليه!!

كلمة الانسحاب هنا لا تعني انسحاباً من الجفرافيا أوانسحاباً من الحياة السياسية أو الاجتماعية فهذا النوع من الانسحاب غير وارد في اذهان اصحاب المشروع الوطني ، وإنما المقصود الانسحاب  اولاً من بنية السلطة والكف عن ممارسة سياسات التسلط والفساد والابتزاز. بالطبع ستعني هذه العبارة  الشريحة المنغمسة في لعبة النظام الحاطبة في حباله فقط .

والانسحاب ثانيا من خندق السلطة ، والكف عن دعمها ، والتغطية على جرائرها ، والخروج من ليل الصمت على سياسات العسف والظلم والفساد . انسحاب بالتقدم إلى المشروع الوطني وتحمل تبعاته بإخلاص وصدق ، والوقوف في خندق النضال الوطني إلى جانب عارف دليلة وغيره من الكثيرين الذين نظروا إلى أنفسهم على أنهم مواطنون سوريون قبل أن يكون لهم أي انتماء آخر ..

وبالطبع ستجد الشرائح المسحوقة من أبناء الطائفة خلاصها الحقيقي في المشروع الوطني التحرري بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

تدرك القوى السياسية كما يدرك المثقف السوري أن آل الاسد حكموا ويحكمون بأسم الطائفة زوراُ ، ويدرك جميع هؤلاء أن امتيازات الحكم لم تنل كل ابناء الطائفة ، ولا أحد ينسى أن محمد عمران مات مقتولاً بترتيب طائفي ، وأن صلاح جديد مات في سجن حافظ ، وأن إبراهيم ماخوس ما زال في منفاه ،وأن منير الاحمد قتل تحت التعذيب ، وان سليمان الاحمد وغيرهم كثيرين كانوا اقطابا في المعارضة الوطنية ، وهم على علم أيضاً أن عبارة (آل الاسد) لم تعد دقيقة بعد انشقاق رفعت وبنيه ؛ ولكن من الصعب نقل هذا الادراك إلى رجل الشارع العادي في ساعة الانتفاضة الجماهيرية الكاسحة التي اشار إليها كاتب المقال . وهذا يخيفنا كقوى وطنية مسؤولة ويفرض علينا أن نحذر منه .

معاناة العلويين في مناطقهم محسوسة للنخبة الوطنية فقط . المجتمع السوري عامة يعتبر كل علوي  شريكا في السلطة !! ويضعه موضع الريبة والشك . العلويون أنفسهم هم الاقدر على الخروج من الخندق الذي حشرهم فيه النظام .إن اشتراك العلويين مثقفين وسياسيين في صياغة مشروع الخلاص الوطني ، وفي تشخيص مواطن الخلل ، وفي اقتراح الحلول للمشكلات ؛ هو احد المخارج المنتظرة لحل الازمة ، أو لتوقي نتائجها. التشخيص الصامت لا يجدي .والكتابة باللغة الانكليزية على المواقع الاجنبية لا تأتي بحل . والانتظار لا يعني غير تضييق أكثر للفرصة ..

والمستقبل الامن لا يكون بوعد يصدره أي فريق وطني ، لأنه بواقعية وصدق لا يملك أحد أن يصدر مثل هذا الوعد . المستقبل الأمن ممكن والطريق إليه ميسور وهو بيد الطائفة نفسها ..إنه في الانخراط في المشروع الوطني ، والتضحية مع الآخرين ، وعزل النظام (الفرد) و(الفئة) ؛ هذا هو الطريق إلى المستقبل الأمن ..

يمتلك العلويون اليوم عدة خيارات ، سيكون أسوءها أن يقرروا الانتظار ، وكأن الامر لا يعنيهم . بشار الاسد اليوم يلعب على وجودهم وعلى مستقبلهم . فهل يتركونه يلعب بورقتهم كما يشاء ، وأن يغامر بمستقبلهم ومستقبل أولادهم ومن باب أولى بمستقبل وطنهم سورية كما يريد؟!

بشار الاسد يرفض المشروع الوطني ، ويصر على المضي في سياسة الاستبداد والفساد لزيادة عوامل الاحتقان . بشار الاسد يرفض المصالحة الوطنية بدعوى أنه ليس هناك جرح وطني !! مائة ألف إنسان هم حصيلة المجزرة الوطنية من قتلى ومفقودين ومهجرين .الى جانب ممارسات في السجون يندى لها الجبين .

بشار الاسد يصر على أنه ليس هناك جرح وطني . سيكون مخطئاً من يصدقه ، أو من يصدق أن هذه الدماء هانت على أهلها ..

المصالحة الوطنية مخرج ، وهي ممكنة ما دامت إرادة الخير قائمة في نفوس الكثرة الكاثرة من ابناء الوطن  . المصالحة الوطنية مبادرة يباشرها العقلاء من أبناء الطائفة لمصلحتهم ، لامتصاص عوامل الثأر والنقمة والغضب ..مرة أخرى لا نقول هذا تهديداً ، وانما استجابة لرغبة كاتب المقال بألا تحيد القضايا الخطيرة .

في ظل المصالحة الوطنية لا بد أن يتحمل المسؤولون الأولون مسؤوليات جرائرهم أو جرائمهم، ومرة أخرى في ظل سيادة القانون وامام قاض نزيه وقضاء دستوري عادل ...

الغفران الوطني لا يملكه فرد أو يمنحه حزب أو جماعة ، الغفران الوطني حالة يمكن للطائفة العلوية أن تصنعها بالسعي إلى ايجاد الظروف المناسبة لهذا الغفران وأول هذه الظروف التوقف عن تغذية الاحتقان .

كل بداية سياسية ينبغي أن يكون لها ظلها الاجتماعي ، والقبول بالاحتكام إلى القانون خير من الاحتكام إلى الفوضى !! وربما يقول قائل: إن العلويين إذا لم يتلقوا تطمينات تحافظ على امتيازاتهم ومواقعهم وتغطي الجرائم التي ارتكبت باسمهم وبأيدي بعضهم ، فلن  يشاركوا في التغيير ، وستكون عملية التغيير أصعب. وهذا كله صحيح ، ولكنه يعني أيضاً أن العلويين قد قرروا أن يذهبوا في المعركة ، التي فرضها آل الاسد عليهم او باسمهم إلى نهايتها ، وهو خيار نحذر منه دون تهديد ، معركة ستكون بين الطائفة العلوية وبين انتفاضة شعبية كاسحة تشترك فيها كل مكونات المجتمع السوري بلا استثناء !!

وعلى الطرف الآخر من المعادلة اليوم قوى وطنية مدركة ومسؤولة أسقطت كل مرتكزات التفكير الطائفي والفئوي وهي تنادي بسورية لجميع ابنائها بدون استثناء فهل يسمع العلويون النداء؟ هل يقبلون بحقوق المواطنة في دولة السواء الوطني وفي ظل سيادة القانون ، وفي ظل تلك الدولة وهذا القانون لا يخاف إلا المجرمون .

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

30/10/2006

 


ماذا يعد السنة للعلويين إثر تغيير النظام

استلمت هذا المقال عبر صديق قديم أرسله إلى موقع "تعليقات سورية" بعنوان: مأزق العلويين السوريين. يتميز المقال بمدخله النزيه والمباشر للمشكلة الطائفية الملحة في سورية.

 كتب قائلاً :

عزيزي جشوا

المقال الذي بين أيديكم مكتوب بلغة انجليزية ركيكة محشوة بالأخطاء النحوية، لكنني أرغب إليكم أن تنشروها على موقعكم تحت اسم مستعار، مثل "سوري من الشرق الأقصى" أو "خضر" أو أي اسم آخر ترونه مناسباً

كثير من الناس يتصفحون موقعكم ويعلقون عليه في مواقعهم، مما سيسمح بفرصة كبيرة لقراءته. وسيناقشه الكثير من المثقفين السوريين المغتربين في مواقعهم ، على الأقل في المنتديات الإنجليزية. يصنف ويتعامل مع الموضوع في غاية الحساسية عندما يطرح باللغة العربية مع الأسف!

الموضوع ببساطة: ما هي خيارات السنة تجاه العلويين في أعقاب تغيير النظام؟

وأطرح هذا السؤال على ضوء النقاش العام الذي يجري حالياً عن توقعات التغيير في سورية.

ففي الوقت الذي يؤكد الجميع على الوحدة الوطنية، يظن الكثير أن الحديث عن الطوائف الدينية في سورية يجب أن يحيد أو يوضع جانباً، وإلا فإنه يتهم بأنه صادر عن علوي رجعي متعصب. لست متشدداً إلا أنني متعصب لأمل –أعلم أنه لن يتحقق- في تكوين وطنية سورية قوية ومستقلة شأنها شأن الوطنية اليابانية أو الكورية.

وباعتباري مهندساً، أجد من العبث أن يعتقد السوريون أنهم قادرون على حل مشكلة دون اللجوء إلى تحليلها في المقام الأول، والتعامل معها من البداية.

-------

ماذا يعد السنة للعلويين إثر تغيير النظام

بقلم خضر

موقع سيريا كومنت / 30  آب 2006

“What do Sunnis intend for Alawis following Regime change?” by Khudr

قرأت مقالاً لمعارض سوري في أحد المواقع يدعو فيه للقيام بانقلاب عسكري يقوم به جنرال عسكري سوري على طريقة الجنرال مشرف. وكان ذلك إعادة صياغة لمقال سابق كتبه "ولكر بيرثس" مدير المعهد الألماني للشؤون العالمية والأمنية. كتب المقال في خريف عام 2005 عندما كان الغرب يفكر بزعيم جديد لسورية. وكان الافتراض أن هذا (التغيير) سيحرك الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراكدة في سورية قدماً في الاتجاه الصحيح. ومع أن الكاتب كان استفزازيا بصورة متعمدة لكنه أثار سؤالاً في غاية الأهمية في بلد وصل كل رؤوسائه إلى سدة السلطة عبر انقلاب عسكري.باستثناء رئيسين.

بالإضافة إلى ما سبق طرح المقال بصورة عفوية سؤالاً أكثر أهمية حول وضع الطائفة العلوية وتغيير النظام. فالقائد العسكري الذي سيستولي على السلطة سيكون علوياً لأن الضباط غير العلويين (السنة والدروزبشكل رئيسي) لن يكون لهم نفوذ على الأكثرية من الجنود وضباط الصف والضباط العلويين ضد نظام علوي متحكم بالسلطة.

قلة قليلة من الناس من تجادل بإمكانية تحقيق تغيير جذري من الداخل بدون مساعدة العلويين أنفسهم، باستثناء قيام  انتفاضة جماهيرية كاسحة أو غزو خارجي. على الأقل لا بد أن يحظى التغيير بموافقة العلويين السوريين إذا وافقوا بالوقوف جانباً وعدم التدخل وهم يراقبون انتهاء الحكم العلوي.

وإذا كان السؤال الجوهري هو: لماذا لا يقوم جنرال سوري بانقلاب عسكري؟ إلا أنني أود إعادة صياغته على النحو التالي: لماذا لا ينهي العلويون السوريون حكم الأسد؟

في البداية، ليس من المبالغة الزعم بأن كثيراً من العلويين غير سعداء –على الأقل- بالنظام الحالي. والأسباب الموجبة التي يروجونها هي :

1 -الفقر (مثلاً الأحياء العلوية الفقيرة حول دمشق، والقرى الفقيرة ونسب البطالة المتدهورة في المنطقة الساحلية، الخ)

2 -الاعتقال السياسي الذي لا يجرؤون على التصدي له(أمثلة: صلاح جديد وحزب العمل الشيوعي وعارف دليلة حالياً)

يوجد أيضاً أسباب رئيسية أخرى قلما يتم تداولها، أشير إلى أحدها في هذا الصدد وهو ذلك الجيل من العلويين الذين ولدوا بعد بداية الستينات عندما استولى البعث على السلطة وتبوأ العلويون لأول مرة مناصب عليا في حكم سورية:

لم يعش معظمنا الظروف الظالمة التي خضع فيها آباؤنا وأجدادنا تحت حكم السنة، وبالتالي فلم نقدر الحكم العلوي الذي جاء به الرئيس الراحل حافظ الأسد بنفس درجة تقدير آبائنا وأجدادنا  

أحدث حافظ الأسد تحسينات هائلة في المناطق الريفية بعدما أهملت إهمالاً كاملاً من قبل الحكومات السنية المتعاقبة، سواء العثمانية منها أو السورية (لكن للأسف كرر الأسد هذا الإهمال في منطقة الجزيرة، في شمال شرق سورية). لكن هذه التحسينات أصابها الجمود منذ أكثر من جيل وتأخرت الأحوال أكثر مما تقدمت.

في مرحلة شباب آبائنا تحولت المدن الساحلية الواقعة في سفوح جبال الساحل مثل طرطوس وبانياس وجبلة واللاذقية من مجتمعات سنية صرفة إلى مدن حديثة متعددة الطوائف نسبيا. لكن خلال جيلنا تحولت هذه المدن إلى مدن فقيرة قذرة بسبب سياسات الفساد  وسوء التخطيط والمحسوبية. وشاهدناها تتحول مسرحاً لمراهقي الجيل الجديد من عشيرة الأسد في القرداحة الذين يطلق عليهم أحياناً الشبيحة

3- كان دعم آبائنا الكبير لحافظ ناتجاً من استيائهم من البورجوازية الغنية التي زعم حافظ وحزب البعث مناهضتها الأمر الذي أسبغ الكثير من الشرعية على حركته. كان أتباع رفعت الأسد في السبعينات يرددون على مسامعنا عبارات الإعجاب به لأنه كان لم يكن يتورع عن التقاط علبة سمك فارغة قذرة ويشرب بها الشاي. لكنني أتساءل اليوم بم يفكرون به وهو يستخدم الأواني الذهبية في قصوره  الباذخة في فرنسا واسبانيا؟ في الماضي أعجب العلويون بكثير من الرموز العلوية في مراكز السلطة. لكنني لم ألتق شخصاً يحمل أدنى درجات الإعجاب لرامي أو آصف على سبيل المثال لا الحصر. ولسوء الحظ فنحن نراقب الحكام العلويين وكثيراً من أبنائهم وقد أصبحوا نسخة عما علمونا كراهيته واحتقاره.

4ـ ثمة حقيقة لا بد من تجليتها أن الطائفة العلوية لا تزال تتحكم بالمواقع المهمة في الأجهزة الأمنية السورية. والحقيقة الأخرى أن هذا التحكم لا يخدم إلا دائرة صغيرة في أعلى الهرم، وهي التي يتضاءل نفعها وتفاعلها مع أعضاء الطبقة الفقيرة في القاعدة

5ـ وبملاحظة أن نظام الأسد انخرط كلياً في تحالفات مع الأسر السنية من خلال الزواج (الرئيس مثلاً، وبنات ناصيف، الخ) أو من خلال احتكار الصفقات (ماهر مثلاً وبهجت سليمان وآصف، الخ)، فقد خسر النظام دعواه بأنه يمثل الطائفة العلوية أو يدافع عن حقوقها. أما الدعاوى التي استخدمها حافظ وجيله ليقنعوا بها آباءنا ليقدموا له الدعم فقد فقدت أسبابها إلى حد كبير.

6-  إن الاتجاه الذي تسير إليه سورية لا يبشر بخير. فآخر ما ينظر إليه العلويون أن يكون هناك مجموعة (مؤلفة من طوائف كثيرة، وليس فقط من العلويين) تقود سورية إلى كارثة، في الوقت الذي يتهمهم كل السوريين الآخرين بأنهم المسؤولون عن هذه الكارثة.

 فلماذا لا يفعل العلويون شيئاً لتفادي الحالة؟ ولماذا نصمت عنها؟ ولماذا لا يقوم جنرال علوي بانقلاب عسكري؟

تنقسم الأسباب إلى عامة تتعلق بكل المواطنين السوريين، وإلى أسباب خاصة بالعلويين:

أولاً: الأسباب العامة المتعلقة بكل المواطنين السوريين

 

1- لقد زرعت ثقافة الخوف وتجذرت في روع كل سوري بصرف النظر عن طائفته وجنسه

2- لقد تكلست حالتنا على مستوى عميق من الريبة والشك بكل إنسان حتى أصبح من شبه المستحيل على كل سوريين أن يعملوا معاً فكيف بالتنظيم في مجموعة واحدة. وحتى ندرك عمق المعضلة: انظر إلى مدى تفرق السوريين في الشتات حتى عندما يبتعدون عن النظام وتأثيره. لم يعد بمقدور مغتربين سوريين أن ينظموا تجمعاً ثقافياً ناهيك عن حزب سياسي، وما يكاد ينشأ حزب جديد حتى يبدأ أعضاؤه الذين هم من نفس الطائفة والجنس والخلفية ينشطرون عنه في متواليات غير متناهية.

3- العداء الخارجي للولايات المتحدة يشل الحركات الداخلية المنظمة العاملة ضد النظام بصرف النظر عن مقاصدها. فلا يوجد من يود المجازفة بتحرك ما ضد النظام بينما العدو متربص على الأبواب. وفي نفس الوقت لم تبد الولايات المتحدة أي إشارات مهمة لتحسين الوضع الداخلي في سورية أو مساعدة البلد. كل ما تطلبه الولايات المتحدة بجلاء وصوت مرتفع هو إجراء تغيير في السياسات الخارجية، هذه السياسات لا تسترعي اهتمام المعارضة السورية. فالنظام يتمتع بشعبية في هذه المسائل مثل مسألة احتلال فلسطين والجولان والعراق.

 عاطفة الشارع السوري حالياً مناهضة لأمريكا. وهذا يعني أن أي معارضة تود كسب تعاطف الشارع السوري يجب أن تكون معارضة لأمريكا ومرفوضة من الغرب، مثل حماس. وأي معارضة تروم الدعم الخارجي تفقد الشارع كما هي حالة خدام. نحن في حالة دقيقة وحساسة يفهمها النظام جيداً ويوظفها لمصلحته ببراعة.

4- تحكم الرئيس السابق حافظ الأسد بتنظيم الجيش والقوات المسلحة ببراعة فائقة ليتحاشى الانقلابات مثل تلك التي هزت سورية خلال ثلاثة عقود بعد استقلال سورية. فكل القوات السورية القادرة على القيام بانقلاب (مثل الوحدات الخاصة والشرطة العسكرية وأجهزة الأمن) ضخمة يصعب تحريكها ومركزية ذات هيكل قيادة بالغ التعقيد مصمم عن قصد ليخيب أمل المتآمرين. الاتصالات الثنائية بين الوحدات ممنوعة بصورة مطلقة، إذ أن كل الاتصالات يجب أن تمر عبر مسار متعرج، و يجب أن تصعد أولاً في هيكل القيادة إلى القمة قبل أن تنزل ثانية إلى صفوف الوحدة الثانية. والأكثر أهمية أن الوحدات والأقسام الكثيرة لها هيكلية قيادية متشابكة بحيث لا تنتفي الذاتية المستقلة أو ذاتية التسيير. نضرب مثالاً: تقع أي وحدة جوية تحت سلطة مخابرات القوى الجوية والمخابرات العسكرية وإدارة التوجيه المعنوي والشرطة العسكرية وقيادة القوى الجوية والقيادة العامة للقوات المسلحة والحرس الجمهوري والقصر. والضباط أصحاب الولاءات لهذه الأفرع الأمنية المختلفة ينتشرون بصورة كيفية  في قوات الأمن. لا شك أن هذا الهيكل القيادي عديم الفائدة من الناحية العملية في مواجهة الأعداء الخارجيين بسبب تنظيمه السخيف من ولاءات متعددة، لكنه بالغ الفاعلية في ضمان الاستقرار الداخلي إذ يمكن بواسطته إحباط أي محاولة للتمرد بسرعة والتعامل معها على الأرض.    

5- معظم العلويين السوريين الساخطين على النظام الحالي لا يرون فائدة من تغييره بدون بديل واضح. فمن واجب المعارضة أن تقدم رؤية واضحة عن المستقبل وتلهم الشعب السوري بحيث يقتنع بالمخاطرة بالميزات القليلة التي يتمتعون بها، وعلى رأسها الأمن. لا تزال عبارات الوعود العامة والغامضة عن الديمقراطية والحياة الأفضل تصبغ خطاب مؤيدي تغيير النظام. 

6- لا بد من الاعتراف بأن الفساد تغلغل في نفوس كل السوريين تقريباً. ومن المشكوك فيه أن أي شكل من أشكال تغيير النظام سيفلح في إنجاز تحولات اجتماعية أواقتصادية حقيقية قبل أن يمهد لها بعملية جذرية طويلة من الإصلاح والإحياء الثقافي

 قيادتنا فاسدة، لكن أي قيادة شريفة ستجد من المستحيل التغلب على ثقافة الرشوة المنحرفة بصرف النظر عن العمل الشاق وعدم الاكتراث بالمصلحة العامة التي يشترك فيها كل من موظفي الدولة والقطاع الخاص على حد سواء. لقد أصبح شعور معظم السوريين بالفضيلة ملتويا حتى أصبحت المهارة هي غش الزبون.

 هل يمكن حقاً فرض التغيير من الأعلى إلى الأسفل؟ يتحاشى الداعون إلى تغيير النظام هذا السؤال الشائك، لكن يجب تناوله بجسارة والحوار فيه. هل نحن راغبون في العمل والتفكير بشكل مختلف عندما يتغير النظام؟

 

ثانياً: أسباب خاصة بالمواطنين السوريين العلويين:

السبب الرئيسي الذي يحول دون فاعلية العلويين في دعم أي من خطط تغيير النظام هو خوفهم من "الآخر". إن أولئك الذين يعتزمون تغيير النظام بدون أن يوضحوا لنا ماذا ستعني نهاية الحكم العلوي لآلاف العلويين العاديين لن يصلوا إلى نتيجة.

 ثمة نوعان من "الآخر" في سورية:

آ- زعماء المعارضة الدينية السنية والأكراد الذين ينادون بفظاظة ووضوح: "نريد إنهاء الحكم العلوي"

 ب- والثاني هو كل من يقول على استحياء أو بإيجاز أنه" يجب انهاء احتكار المناصب العليا في الجيش والأمن من طائفة واحدة"

 لم يعالج أي مثقف سوري أو زعيم سياسي أو كاتب مرموق السؤال الجوهري التالي:

ماهي خططكم بالضبط تجاه العلويين بعد أن نتخلى عن السلطة؟

لماذا كل الأجوبة على هذا السؤال غامضة وعامة؟ ما هي خططكم تجاه عشرات الألوف من العلويين العاملين في الجيش وأجهزة الأمن الأخرى؟ ما هي خططكم تجاه الحرس الجمهوري والقوات الخاصة المشكلة في المقام الأول من العلويين؟ هل ستدفعون لهم معاشات تقاعدية إذا قررتم حل قواتهم؟ أم إنهم سيطردون ويرمون في الشوارع ويذلون وينبذون كما فعل الأمريكان في العراق؟ وهل عندكم فكرة عن المخاطر التي ينطوي عليها مثل هذا التسريح على الأمن؟ وهل يرضيكم سيناريو بقاء هذه القوات في أماكنها لقاء تخليها عن السلطة السياسية؟

 وما هي خططكم تجاه عشرات الألوف من العلويين الذين يعملون موظفين في كثير من المؤسسات غير الفاعلة؟ هل ستغلقون هذه المؤسسات؟ وهل لديكم فكرة عن العواقب الاجتماعية لمثل هذا الإغلاق؟ وهل ستوقفون المشاريع الإصلاحية في المنطقة الساحلية شأنكم في ذلك شأن كل الحكومات السنية منذ الاستقلال؟ وهل ستعكسون قانون مصادرة الأراضي وإعادتها إلى كبار الملاكين السنة بعدما تم توزيعها على عشرات الآلاف من المزارعين؟

 وهل ستطالبون بمحاكمة المسئولين الأمنيين على أعمالهم خلال الـ35 سنة الماضية؟ وما هي سوية الرتب التي ستعتبرونها مسؤولة؟ وهل ستطالبون بالمحاكمة على الممارسات السابقة؟ وإذا كنتم ستحاكمونهم فهل ستحاكمون النخبة السنية أيضاً بنفس المعيار؟ وهل ستعامل العائلات السنية التي استفادت من النظام عبر صفقات الاحتكارات والمحاباة مثل عائلة النحاس الدمشقية وجود اللاذقانية بنفس معاملة العلويين؟

الإجابة على هذه الأسئلة مطلوب ليس من مفكري المعارضة فحسب بل ومن كل سوري غير علوي. ماذا ستفعلون بنا إذا أعدنا لكم السلطة السياسية؟ هل أنتم راغبون بالعيش معنا جنباً إلى جنب لتدعيم التنوع السوري وعندئذ نعتبر السنوات الأربعين الماضية مجرد حادثة فاشلة أخرى من تاريخنا الطويل الحافل بالثورات الفاشلة.

 التغيير نحو الأفضل يجب أن يشمل كل قطاعات المجتمع السوري بمن فيهم العلويون السوريون. ولأن العلويين يتحكمون بكل قوات الأمن في الدولة فلن يتغير النظام ما لم تمنح لهم تأكيدات بأنهم سيتبوؤون مكاناً في مستقبل سورية الجديد. وبدون مثل هذه التطمينات والتأكيدات فلن يكون "مشرف علوي" ولن يجلب أي جنرال يقوم بانقلاب عسكري أكثر من الفوضى إلى سورية.

يرفض السوريون الحديث بانفتاح وأمانة عن أكثر تحدياتنا خطورة، وكثير من الحوارات يتم التحفظ عليها في الزوايا المظلمة، لكن هذا الوقت ليس للشطارة أو المراوغة. يجب علينا أن نواجه ونناقش المواضيع الدينية والمجتمعية مباشرة بصراحة وأمانة. إذا كان السنة يريدون تغيير النظام فعليهم معالجة المسألة العلوية أولاً. وما لم تنجلِ الأجوبة على الأسئلة المطروحة من كل القوى المعنية والأفراد أصحاب الصلة فلن تروق فكرة تغيير النظام للعلويين مهما كانوا ساخطين على النظام أو قانطين منه: ولن يتخلوا عن متراس السلطة.

ترجمة: وليد سفور

-----------

المقال موجود على موقع: www.syriacomment.com

“What do Sunnis intend for Alawis following Regime change?” by Khudr

تاريخ 30/8/2006

صاحب الموقع الأكاديمي الأمريكي جشوا لانديس  

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ