رسالة
من البحرين
شاهد
على الضمير
زهير
سالم*
نتائج انتخابات البحرين شاهد
آخر على ضمير الأمة. خمسة
وثلاثون نائباً من أصل أربعين
إسلاميون. وهذا لا يعني أن
الآخرين معادون للإسلام.
الحديث هنا عن (البحرين) كما كان
هناك عن الكويت، ولكنه ليس عن
مصر أو فلسطين أو اليمن أو
السودان!! الرسالة تقول توقفوا
عن تهجئة الموقف الإسلامي
بالحرف اللاتيني. توقفوا عن
تفسير التاريخ بالنهج الشمولي
الذي التقطتموه، من أصحاب
الجدلية التاريخية، أو من
نقيضها الذي تمثلونه.
التوجه الإسلامي، والالتزام
الإسلامي ليس ناتجاً (تعويضياً)
على خلفيات من التخلف والجهل
والفقر والحرمان والبؤس
والبطالة، وانعدام الفرص، وليس
رد فعل على الظلم والاستبداد
والقهر إنه في روابينا
الاستجابة الطبيعية لغيث الفكر
والمعرفة والفهم. إنه كالعشب
ينبت على كل شبر من تراب طيب.
لا نعتقد أنه من قواعد التفكير
وأصوله أن تتساءل: لماذا يكون
الناس في عالم الإسلام إسلاميين!!
أو لماذا تؤوب الجماهير والنخب
والأفراد إلى الإسلام؟! من
الطبيعي أن يطرح السؤال عكسياً،
لماذا يشرد بعض الناس عن
الإسلام؟ ومن هم الذين يشردون؟
وكيف يسوغون أو يفلسفون هذا
الشرود؟!
الرسالة من البحرين واضحة. هناك
أمة تمتلك ذاتية، وليس فقط
خلفية، حضارية ومعرفية وكلما
ازدادت معرفة أو تخففت من أعباء
ضروراتها التي أغرقها فيها
المستبدون الفاسدون، ازدادت
تمسكاً بذاتيتها واكتشافاً
لمرتكزات هذه الذاتية وآفاقها،
وازدادت في الوقت نفسه إدراكاً
لحقيقة الدور الإنساني المطلوب
منها.
هذه الأمة لا تمتلك، اليوم،
الطائرة القاذفة، ولا الصاروخ
العابر للقارات، ولكنها تمتلك
الفكرة وتعتد بملكيتها هذه،
وتدرك أن الصراع على الأفكار هو
الأقوى والأبقى. لذلك هي تتقدم
بثقة، وبصدور مكشوفة إلى قائد
الطائرة وقاذف الصاروخ، وتردد:
إن العالم يحتاج إلى
غير هذا، وأن الإنسانية
تتطلع إلى غير هذا. إلى غير الذي
يجري في أفغانستان أو العراق أو
فلسطين، وإلى غير الذي جرى في
منهاتن وفي أنفاق لندن ومدريد.
إن الحوار (المفبرك) الذي دار
خلال قرن مضى مع حكام ونخب
مصطنعين قاد الإنسانية إلى
المشهد العاصف الدامي (تسونامي)
في الشرق أو
(كاترينا) في الغرب.
الرسالة من البحرين كما من كل
بلاد الإسلام هي شاهد على
الضمير، ضمير هذه الأمة، وحين
تتقدم أم الطفل الحقيقية في
برلمان البحرين أو الكويت أو
مصر أو فلسطين أو اسطنبول أو
السودان، أو حين تُغيّب تحت
ركام الاستبداد والقهر، فإنها
ستعرف في هذا الزمان كيف تستجيب
لدواعي أمومتها، وكيف تحتفظ
بوليدها، مدركة أن (سليمان
العصر) لم يؤت الحكمة ولا فصل
الخطاب!!
---------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
14/12/2006
|