لم
تعد إسرائيل هي العدو..
لم
تعد الجولان هي المطلب..
زهير
سالم*
لم
تعد إسرائيل هي العدو بالنسبة
لبشار الأسد منذ أن صافح
الرئيسُ الرئيسَ ثم أعلن أنه
مستعد للعيش بسلام (جنباً إلى
جنب مع إسرائيل!!) العدو الحقيقي
اليوم هو عارف دليلة، وميشيل
كيلو، وأكراد الشمال المحرومون
من حق الانتماء، والمعنيون
بالقانون 49، وأولادهم وأحفادهم
مهما بعدوا..
لم
تعد الجولان هي الهدف أو المطلب
بالنسبة لنظام بشار الأسد،
فوزير الخارجية وليد المعلم
يصرح للواشنطن بوست، (.. سورية لا
تشترط على إسرائيل الالتزام
بعودة الجولان..)
ماذا
تريدون إذاً؟ أطرح السؤال،
يجيبني السيد الوزير عبر
الواشنطن بوست نريد استقرارنا..!!
هكذا
يبدأ المشهد حرٌّ وبرد، صيف
وشتاء، حسن نصرالله ينادي
بالمقاومة في ساحات بيروت،
محمود أحمدي نجاد، يجمع
المفكرين والأكاديميين لحسم
قضية الهولوكست: كم ؟! وكيف ؟! .
وليد المعلم للواشنطن بوست (ليس
هناك شروط مسبقة أي حوار بناء
يجب أن يبدأ من غير شروط مسبقة!!)
حتى ولا وديعة رابين؟! بشار
الأسد لأولمرت (جربونا
لتكتشفوا أن سورية لا تمارس
الخداع..) توسل يطلقه الرئيس
السوري عبر روبيبليكا
الإيطالية.
تجيبه
(ياعيل غفريت) في يديعوت أحرنوت (ماذا
يمكن أن تخسر إسرائيل من
الاستجابة للتوسلات السورية،
واختبار نياتها..!!)
ولكن
أولمرت يقول: لا.. في الحقيقة لأن
بوش يقول: لا، ولكن أولمرت يزعم
كما يزعم الكثيرون أن الرئيس
السوري لا مصداقية له!! لماذا
أصبح الرئيس السوري، على خلاف
والده، لا مصداقية له؟! هذا شأن
آخر.
بوش
يقول: لا، أيضاً لأن شيراك يقول:
لا، ويضيف شيراك لأحد الزعماء
الأوربيين، كما نقلته ايديعوت
أحرنوت التي تقول بدورها لا،
بعكس هآرتس التي تقول نعم، يقول
شيراك للزعيم الأوربي.. لا، (فبشار
الأسد ديكتاتوري، فاسد، وقاتل)
هذا على ذمة شيراك.
في
هجوم كاسح غير مسبوق بحدته يؤكد
شيراك: (إن سورية دولة خطيرة،
قاتلة، واستبدادية، إنها سيئة
مثل كوريا الشمالية، ويحظر
إجراء حوار معها).
ومع
كل ذلك تستمر سورية في إطلاق
التوسلات: فاوضوا الأسد يصرخ
عراب عربي في جريدة الشرق
الأوسط، احصلوا منه على حقيبة
التنازلات، تسأله ماذا سنجد في
هذه الحقيبة؟ يجيبك: العرض ثمين
ستخطفون من يده راية المزاودة
بأوراق المقاومة وهذا أثمن شيء،
ثم ستقطعون بعض المدد عن
الإرهابيين (حسب تعبيره بالطبع)،
ستهدأ ساحة لبنان، وساحة
العراق، وسيكون هناك سلام في
المنطقة!! يجيبه آخر إنه يريد
مجرد: كسب الوقت، والالتفاف على
المحكمة الدولية. يعيد بشار
الأسد الكرّة: جربونا.
ولكن
ماذا تريد سورية من المفاوضات
مع إسرائيل إذا كانت لا تريد
الجولان، ولا تشترطها. يقولون
إنها تريد محطة للعبور إلى بيت
الطاعة الأمريكي!! الأسد في
ربيبليكا: دمشق مستعدة
للتعاون في حل القضايا
الإقليمية فلسطين ـ لبنان ـ
العراق. بمعنى (يا اللي عقدتها
حلها..).
أولمرت،
مع قادة الاتحاد الأوربي الخمسة
والعشرين، لبشار الأسد: ابدؤوا
بتقديم التنازلات أولاً.. أنتم
تقولون بلا شروط.. نحن من يفرض
الشروط، ومن هذه الشروط كما
يقول الاتحاد الأوربي ـ أن
تعترفوا بالمحكمة الدولية ـ
وهنا يردوننا إلى نقطة البداية،
أو إلى مربط الفرس. خلصونا من (المحكمة
الدولية)، يقول السوريون،
ونخلصكم من كل الإثارات الأخرى:
ينفض اعتصام المعارضة في لبنان،
يبحث خالد مشعل عن بلد آخر على
طريقة عبد الله أوجلان، نظل
نأخذ ونعطي ربع قرن آخر بشأن
الجولان، ننهي قضية الجنود
الأسرى، ونخبركم عن مصير الطيار
آراد.. نربط خيطاً من الحرير
الدقيق على رقبة حزب الله أو حسن
نصرالله.
بشار
الأسد يؤكد للربيبليكا: (يتعين
على الولايات المتحدة وأوربا
إدراء محادثات مع سورية وإيران
إذا أردنا حلاً شاملاً للصراعات
في العراق، والشرق الأوسط).
وإذا رفضت الولايات المتحدة
وأوربة إجراء هذه المحادثات؟!
بالطبع فإن الصراعات ستشتد
وستمتد كما قال الرئيس السوري
في مقابلة سابقة من آسيا الوسطى
إلى الجزيرة العربية ودول
الخليج..
وليد
المعلم أو وزير الخارجية يصوغ
الإنذار بطريقة أكثر وضوحاً: (أنتم
على مفترق طرق، يقول للأمريكان
في الواشنطن بوست. (نحن) يقصد
رئيسه وحكومته وما نعنيه من
استقرار!! أو الحروب الدينية
التي يسيطر عليها المتطرفون).
نحن،
لا نريد دوراً، يقولها المعلم
في الواشنطن بوست نريد أمناً
لأنفسنا يسميه (استقرار سورية).
نحن،
لا نريد دوراً، نريد الالتزام
بتوصيات (بيكر ـ هاملتون). وقد
بدأنا (نحن) الالتزام بها من طرف
واحد. افتتحنا سفارة في بغداد،
سنراقب الحدود أكثر، سنعزز
التعاون السياسي والاقتصادي
ستلتمسون النتائج.
نحن
نريد الجلوس فقط مع إسرائيل، لا
نشترط الالتزام بعودة الجولان..
بل ليس لنا أي شرط ما تتحدثون
عنه من حشد للصواريخ لا حقيقة
له، يسانده بشار الأسد في
الربيبليكا: (لا حرب ضدكم لا في
الشتاء ولا في الصيف).
وبعد
فكل هذا لأن بشار الأسد يدرك أن
إسرائيل مهما بلغت قوتها، وساءت
نواياها ليست هي مشكلته الأخطر،
وليست هي التي تشكل التهديد
الأعظم الذي يواجهه، فبالأمس
استمع بشار الأسد إلى القادة
الإسرائيليين وهم يعلنون
تمسكهم به، وحرصهم على بقائه،
بينما هو يستمع إلى أصوات
مواطنيه يطالبون بتغييره ليل
نهار.
إن
خطراً ما لا تشكله إسرائيل، حتى
ولو بقيت في حالة حرب، وإن بقاء
الجولان محتلاً مع عدم أهميته
بالنسبة لبشار الأسد، يبقى ورقة
للتثريب عليه وعلى نظامه من قبل
معارضيه.
رسالة
بشار الأسد واضحة فهو يعلن
حسبما جاء في الرسالة رغبته في
حرق كل الأوراق التي يظن أنها
تشكل بعض القوة لموقفه. يتخلى عن
حماس، يتعاون في العراق، يترك
الساحة اللبنانية، يفرغ
الجولان من أي قوة مادية، يعيش
مع إسرائيل كما يريد قادتها
جنباً إلى جنب بالطريقة التي
يختارون.
رسالة
بشار الأسد تقول ظاهراً بلا
شروط وتقول باطناً نحن مستعدون
لقبول جميع الشروط المسبقة لكي
نضمن الطريق إلى تل أبيب ومنها
إلى واشنطن حيث ننتظر الالتفاف
على المحكمة الدولية أولاً وعلى
الخطر الحقيقي الذي يتهددهم،
خطر المواطن السوري الذي بدأ
يرفع صوته مندداً بالاستبداد
وبالفساد في ساحة يلتقي فيها
عارف دليلة وميشيل كيلو
والأكراد المحرومون من حق
الانتماء والمعنيون بالقانون 49.
---------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
20/12/2006
|