هدايا
أمريكا لإيران
سورية
ـ لبنان ـ العراق ـ حماس
والدور
على مَـن ؟
زهير
سالم*
يتلمس القارئ السياسي اليوم بجد
مكانة إيران في الميزان
الاستراتيجي الأمريكي. إيران ما
قبل الخميني، وإيران ما بعد
الخميني. وحين ترتد الرؤية إلى
ما بعد الحرب الكونية الثانية
أو انطلاقة الحرب الباردة فإنها
سوف تتجاوز الولايات المتحدة
الأمريكية لتتحدث عن الغرب في
إطار حلف الأطلسي بطيفه الواسع
المتوحد، رغم التعدد، وتشعب
المصالح.
نظر إلى إيران، خلال حقبة
متطاولة في موازنات المنطقة
العربية والإسلامية، على أنها
نقطة الحماية المتقدمة التي
يستند عليها المشروع الغربي في
المنطقة. في حين اعتبرت دولة
إسرائيل القاعدة الاستراتيجية
الأساس التي تدخر للساعات الأشد
عسراً في التطورات المحتملة أو
المتوقعة .
دائماً نظر إلى إيران على أنها
عصا ترويض، لكثير من الحلفاء
غير الموثوقين، مهما كانت
تقدماتهم وتنازلاتهم. حتى عندما
كان العراق أو صدام حسين، يروض
الثوار الجامحين الذين أسقطوا
حليف الولايات المتحدة القوي في
المنطقة الشاه (رضا بهلوي)؛ كان
القصد أن تستعيد الإدارة
الأمريكية أو الغرب حليفها الذي
لا ترى أن تتخلى عنه، لأن التخلي
عنه في تصورهم يدخل خللاً على
توازن المنطقة لا يمكن للغرب
تلافيه.
اعتمدت النظرية الغربية منذ
أواسط القرن التاسع عشر
الأقليات الدينية أو المذهبية
كمدخل من مداخل السيطرة. ومن
زاوية الرؤية هذه نُظر إلى
الشيعة على أنهم أقلية في الجسم
الإسلامي العام 10%، يمكن
الاعتماد عليها.
ومن هنا رجحت الدراسات
الاستراتيجيات الغربية
والأمريكية دائماً التحالف مع
الإسلام الشيعي، إذا صحت
العبارة، في مواجهة الثقل
الاستراتيجي البشري والثقافي
والاقتصادي الذي يتمتع به
الإسلام السني. واعتمد الترجيح
أيضاً على دراسة مستقصية للبنية
الفقهية للمدرستين السنية
والشيعية. هذا التحالف القديم
المكين (الاستراتيجي)، لا تنال
منه المفارقات العارضة، أو
تقلبات المناخ الفصلي الذي
تحدثه دورة الشمس ليكون شتاء
وليكون صيف.
كان لإيران الشاه مكانة ليس موضع
مراء. وظلت لإيران الخميني
مكانة، ربما عليك أن تجهد نفسك
قليلاً لتتبين مقعدها
وأبعادها، وحسبك أن تعلم أن
صدام حسين الذي استخدم كعصا
ترويض، روضت الإدارة الأمريكية
به ثوار طهران الانفعاليين، لم
تلبث أن كسرت بالطريقة التي
رأينا.
يذهب كثير من المحللين
والمتابعين أن من أسرار
الاستعجال في إعدام المتهم صدام
حسين، قبل أن يأخذ سياق القضايا
الكبرى مجراه، ولا سيما فيما
يتعلق بما نفذ على أكراد الشمال
في حلبجة وفي الأنفال، حرصاً
أمريكياً وإيرانياً وطائفياً
على التستر على الملف المخزي
للجرائم المنفذة ضد الأكراد !!
الذي ربما يخلخل موقف الحلفاء /المتشاكسين/
اليوم على أرض العراق.
لا أحد يستطيع أن يزعم أن صدام
حسين تحدى أي إدارة أمريكية
مباشرة، أو عاكس سياساتها، أو
أطلق عليها من الألقاب كما فعلت
إيران. لم يهتف العراقيون أبداً
كما يهتف الإيرانيون في محافلهم
كل يوم /الموت لأمريكا/. كان صدام
حسين دائماً ينفي أنه يمتلك أي
سلاح نووي، وارتضى أن يفتح غرف
نومه للمفتشين الأمريكيين أو
الأمميين ليدخلوها أي ساعة
يشاؤون؛ بينما يصر الحليف (المدلل)
اليوم على حقه في الطاقة
النووية ويتحدى الأمريكي
والغربي والدولي والإقليمي،
دون حذر أو خوف من حساب أو تبعة.
من خلال الخيار الفرنسي الأولي
منذ أن دخلت فرنسا سورية بدأ
التمهيد للصيغة التي استقرت
فيها بعد خمسة عشر عاماً من
الاستقلال. أي أن تتحول سورية
إلى مرتكز إضافي متقدم يُعتمد
عليه في ترويض المنطقة وفي هدر
طاقاتها وشل إنسانها.
بعد كسر عصا الترويض /صدام حسين/
أو اجتياح الدولة التي بقيت
سداً منيعاً لمحاصرة أحلام
الشاه أو أحلام الملالي وحراس
الثورة من الإيرانيين.. تتسلم
إيران اليوم العراق هدية
أمريكية سائغة بالإضافة إلى
سورية استكمالاً لمنحنى الهلال
أو المنجل الذي يراد منه أن يحصد
شيئاً من الهوية وشيئاً من
الوجود تفتيتاً أو إمعاناً في
التجزئة لكل لا يبقى في المنطقة
ما يخيف.
في لبنان بالماء الإيراني
والرعاية السورية المتلفعين
دائماً بالأفضلية الغربية
والأمريكية نما واستوى /حزب
الله/ قوة ظاهرة تجاهد اليوم
لاحتواء لبنان في معادلة /الحزب
القائد/ الوصي على الدولة
والمجتمع التي أنجزها في دمشق
الخيار الغربي منذ أربعين عاماً
وماتزال.
في خطوة رابعة أو خامسة شديدة
المكر أو شديدة الغباء لا ندري
أحكم الحصار على حركة حماس
وحركة الجهاد، ولم يترك لهما في
الفضاء العربي والإسلامي
ملاذاً إلا في دمشق أو في طهران!!
بوش إذ يهدد اليوم الأقطار
العربية في وجودها إذا لم تدعم
المندوب السامي لطهران في بغداد!!
يخاطب الحكومات العربية ببساطة
ويسر، وبمكر أو بغباء: اقتلوا
أنفسكم أو اخرجوا من دياركم..
أمران أحلاهما مرّ.
---------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
23/01/2007
|