الخبراء
الأمريكيون ينصحون الإدارة:
بيد
عمرو لا بيدي
زهير
سالم*
المتابع
للشأن السياسي الأمريكي في
الشرق الأوسط، ولدراسات
الخبراء، ومقررات السياسيين؛
يلحظ انقلاباً شمولياً في هذا
الشأن بعد تجربة العراق بكل ما
فيها من فشل وخيبة. فالإدارة
الأمريكية التي ركبت رأسها
وأصرت على احتلال العراق
مستجيبة لنوازع الطمع الذاتي،
وللتطمينات التي تلقتها من بعض
أصحاب المآرب الذين ظنوا أن
العراق ورقة في جيوبهم يلعبون
بها كما يشاؤون؛ الإدارة
الأمريكية في هذا اليوم تعض
أصابع الندم على اليوم الذي
أقدمت فيه على التفكير في
العراق، بل بمنطقة الشرق الأوسط
بعنوانه الجديد.
خلاصة
ما يتتابع عليه الدارسون
الأمريكيون اليوم من ريتشارد
هاس وأمثاله، أن التوجه إلى
الشرق الأوسط الجديد كان خطأ
كبيراً. وأن هذه الشعوب ـ حسب
رأيهم ـ المتخلفة والمتطرفة
والما قبل قبلية أو عشائرية لا
تستحق لا حرية ولا ديموقراطية،
بل كثير عليها نعمة الدولة
المستبدة التي أنعم الغرب عليها
بها منذ الحرب العالمية الأولى.
فهؤلاء المستبدون هم الدواء
الأنجع لهذه الحالة (الما قبل
إنسانية) حسب رأي هؤلاء.
في
أحاديث القوم اليوم ومشورتهم
السياسية لإدارتهم نبرة من
الاستعلاء العنصري على شعوب هذه
المنطقة التي تقاوم بمقاومتها
إياهم، التقدم والتحرر
والديموقراطية وحقوق الإنسان!!
ولذا فهي لا تستحق جراء نكران
النعمة هذا إلا حكاماً من طراز
المستبدين الذين تم إنجازهم في
تجربة القرن الماضي المتطاولة.
الخبراء
الأمريكيون هؤلاء لا يدققون
كثيراً في مخرجات تجربة ذلك
القرن عواقبها وتداعياتها التي
تحيط بالعلاقات الإنسانية
الحضارية والسياسية وتفرض
نوعاً من الحصار والخوف على
ساكن القصور كما على ساكن
الخيام.
والخبراء
الأمريكيون هؤلاء مجمعون على
ضرورة الانسحاب الأمريكي من
العراق بأقل الخسائر، وهم قلما
يفكرون بنتائج هذا الانسحاب
وتداعياته، غير أنهم ينشدون حفظ
بعض ماء الوجه ولو أياماً بعد
الانسحاب، في صورة أي شكل من
أشكال الاستقرار الوهمي ولتكن
بعدهم الكارثة.
وهؤلاء
الدارسون لا يتواضعون لمراجعة
سياساتهم وأخطائهم بل يأخذون
على حكومتهم الانغماس في هذا
الصراع الدامي، وتورطها في
سياقات لا إنسانية كريهة، مثل
سياق أبي غريب، وغوانتانامو
وغولاغ البقع المظلمة المنتشرة
في العالم أجمع. وهم وإن رأوا أن
وجود هذه السياقات أمر ضروري بل
حتمي لسياسة منطقة مثل هذه إلا
أن أناقتهم الظاهرة وأناملهم
الرقيقة تعاف ممارسة هذه الأمور
مباشرة.
نصيحة
الخبراء هؤلاء للرئيس بوش
وللإدارات الأمريكية التي
ستأتي بعده: الشرق الأوسط لا
يحكم إلا بالقمع وبالاستبداد.
ومادام لا بد من ذلك فبيد عمرو
لا بيدي. وهي الاستراتيجية
نفسها التي أقرها التحالف
الفرنسي البريطاني في القرن
الماضي. والتي على أساسها قام
نظام مثل نظام البعث في كل من
سورية والعراق. والتي خرج عليها
الأمريكيون بنرجسيتهم الطفولية.
مبادئ ولسون الأربعة عشر ولوائح
المنظمات الدولية لحقوق
الإنسان مقرة لغير هذا الإنسان!!
بيد
عمرو لا بيدي، وبالتالي لا
بد من توثيق التحالف مع جميع
الطغاة والمستبدين، وحفاري
القبور الجماعية، وغض البصر عن
جرائمهم وجرائرهم وتوظيفهم
مدراء محليين لأوطان ينبغي أن
تكون بجملتها (أبو غريب) أو (غوانتانامو).
عاشت
أمريكا..
وليسقط
الشرق الأوسط الجديد..
هذا
ما يسيل به اليوم مداد الكتاب
الأمريكيين مع مداد الدم القاني
في فلسطين والصومال في العراق
وأفغانستان.
---------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
27/01/2007
|