لمن
تقرع الأجراس؟!
حسب
استطلاع الجزيرة
43%
المسلمين يخافون المشروع
الإيراني أكثر!!
زهير
سالم*
في استطلاع للرأي أعلنت عنه
قناة الجزيرة، على هامش برنامج
فيصل القاسم عن المشروعين
الأمريكي والإيراني أيهما أخطر.
أفاد 43% المشاركين في استطلاع
الرأي أن المشروع الإيراني أخطر!!
لو كنت مسؤولاً إيرانياً
لاعتبرت النتيجة صادمة ومخيبة
للآمال، وتقتضي إجراءات عملية
لتدارك الخطر قبل أن يفلت
الزمام. ولكنت سأعتبر أن اعتقاد
10% من شركاء الدين والجوار أن
مشروعنا الخاص أخطر عليهم من
مشروع امبريالي تمثله أمريكا،
أو استعماري استيطاني تمثله
إسرائيل، دون أن ننسى بالطبع
المفارقة العقائدية الأساسية
بالنسبة لأمريكا وإسرائيل
والأفضلية التي تتمتع بها إيران
على هذا الصعيد.. كنت سأعتبر هذه
النتيجة (10%)كارثية بكل
المعايير، فكيف والنتيجة قد رست
على الرقم الذي أشرنا إليه 43%.
وعلينا ألا ننسى أيضاً أن
استطلاع الرأي هذا قد تم في
اللحظات التي ترفع فيها إيران
وحلفاؤها سورية وحزب الله شعار
المقاومة، وتتمسك بالحق
الفلسطيني، وتمد يد العون
لمنظمات الجهاد، وترفض مشروع
الهيمنة. كل هذه الطروحات تعتبر
جواز عبور للعقول والقلوب..
الجواز الذي حرمت منه أمريكا
واستأثرت به إيران وحزب الله
بعد نصره الأخير..
في النظر الحسابي العددي،
وقف 57% المشاركين
في استطلاع الرأي إلى جانب
إيران \أكثرية!!\ ولكنها أكثرية
واهمة خادعة. لو كنت إيرانياً،
لما رضيت أن تكون نتيجة استطلاع
مثل هذا مع الصدق الكامل أقل من
نتائج أي استفتاء يجريه أي رئيس
عربي على نظامه!! نعم لو كانت
السياسات الإيرانية تمضي في
سياقاتها السليمة كما كنا نتمنى
لكانت نتيجة استطلاع الرأي من
خانة الثلاث تسعات..
من أي شيء يخاف هؤلاء الناس؟
من الذي يخوفهم؟ وكيف يجب علينا
أن نكتسب ثقتهم؟
أما السؤال الأخير فنترك
الإجابة عليه للساسة
الإيرانيين، للساسة (الملالي)
الذين نجحوا دون شك –أقصد
الملالي- في إثارة الذعر والرعب
في العالم الإسلامي، والذين
امتلكوا من الإمكانات
والأدوات، ومفاصل القرار ما
جعلهم أصحاب الكلمة الأولى ليس
في إيران وحدها، وإنما في كثير
من ديار العرب والمسلمين!! تخيف
الساحة العراقية بكل قسوتها
ووحشيتها وتطرفها جماهير
المسلمين في كل مكان. الاعتذار
بوجود غلاة ومتطرفين شيعة على
الساحة لن ينفع.
على الطرف السني: كل أهل
السنة الحكام ورجالات الأحزاب،
والمرجعيات الدينية والثقافية
أدانو بصراجة وبوضوح كل أعمال
القتل الفوضوي أو الطائش أو
الطائفي. الذين يمارسون هذه
الأعمال من أهل السنة هم في
الأصل مجموعات خارجة على أهل
السنة أنفسهم، فلا يمكن بأي شكل
من الأشكال أن يحسب ذلك عليهم..
أما على الطرف الآخر..
فالموقف الشيعي يستند إلى
مؤسسات تضبطه وترشده وتدعمه
وتخطط له وتدفعه إلى تنفيذ
الفظائع والاغتيالات المدروسة
والمنظمة والنخبوية يحق قادة
الجيش العراقي، والعلماء
العراقيين. كل ما يجري على أرض
العراق على أيدي عصابات الموت
ومنظماته وميليشياته يجري
بقرار مرجعية ووفق حسابات
محسوبة وبيد قوية مقتدرة مدعومة
من الاحتلال متلبسة لبوس الجيش
والأمن الوطنين.. والميليشيات
التي نفذت وتنفذ القتل على
الهوية ممولة ومدعومة من إيران
الدولة وإيران المرجعية.
تواطؤ المرجعية الشيعية في
العراق مع الاحتلال أو سكوتها
عنه لا يغيب عن ذهنية الرأي
العام، طريقة تنفيذ حكم الإعدام
صبيحة الأضحى كان حاضراً أيضاً.
سكوت خامنئي عن السيستاني وسكوت
حسن نصر الله عنه أيضاً وسكوته
هو عن الاحتلال كل هذا يدخل في
حساب المشاركين في الاستطلاع.
إذاً الناس في العالم
الإسلامي يخافون إيران أو مشروع
إيران لأنهم يخافون من مستقبل
يتهددهم بالذبح على الهوية، أو
بالتهجير من البيوت كما يحصل في
العراق. أو مستقبل الانقلاب على
الدولة أو الإستئثار بها تحت
شعار حزب (علماني) مثل سورية أو
ديني مثل ما يسعى إليه حزب الله
في لبنان.
كل من يستعيد سماع الخطاب
الشهير الذي أطلقه حسن نصر الله
بعد الإضراب الكبير الذي دعا
إليه؛ لا بد أن يشعر بالخوف
ولابد أن يدرك أن السيد حسن نصر
الله بما يمتلك من قوة المرجعية
وقوة السلاح، كان يقول: أنا
لبنان، أنا الذي أمنح وأمنع،
أذل وأرفع..
والذي يخيف هؤلاء الناس هذا
الشحن العنيف بالكراهية. كنت
سأطلب من السيد خاتمي لو كان له
أي دور في المجتمع الإيراني أن
يستفيد من بعض الخبراء النفسيين
في تقدير الصدى الراجع للخطاب
الذي كانت تطلقه الفضائيات
الشيعية –ليلة عاشوراء- التي
تعبر عن المكنونات مجردة من
الديبلوماسية.. شيوخ معممون
بالسواد –إشارة إلى أنهم سادة
– وبالبياض إشارة إلى أنهم من
العامة يستحضرون الحب والولاء
الذي يكنه عامة المسلمين لآل
البيت في إطار درامي من إظهار
المظلومية، يعددون من قتل يوم
عاشورا وكيف
قتل، وأين أصيب بطريقة تفوق
بدقة وصفها الكاميرا التي
التقطت صور إعدام صدام حسين،
وأخيه برزان فرسمت كيف انفصل
الرأس عن الجسد.. من يستمع إلى
الإلقاءات التي طرحت أو تطرح في
مجالس العزاء يدرك مباشرة لماذا
انفصل رأس برزان عن جسده.
والذي يخيف المسلمين في
العالم الإسلامي هو هذه
التاريخيه الماضوية التي يجر
إليها المجتمع الإيراني
والعراقي، والتي توضع الخطط
لقيادة المسلمين في كل مكان
إليها..
إيران التي تسعى لامتلاك
الطاقة النووية؟؟ ما تزال مصرة
على الإغراق في الدفع باتجاه
الماضي.. باتجاه الأضرحة
والمزارات والمشاهد وطقوس
عاشوراء!!
نحن لا نستشف أن على الساحة
الإيرانية فريقين، وأن ثمة
فريقا متنورا مثقفا يعلم أن هذه
الطقوس المؤلمة والمفزعة في
الوقت نفسه لا سند لها لا من
الشرع ولا من العقل ولا من العصر!!
حين ينظر الإنسان إلى
جماهير من عامة المسلمين تسيل
دماؤهم بالطريقة الفظيعة، ينظر
إليهم أولاً كضحايا حقيقين
لإرادة بعض الثيوقراطيين
المستبدين الذين تغولوا في
إيران على الدولة والمجتمع..
أناشيد الكراهية والانتقام
والبغضاء هي التي تخيف أبناء
المجتمعات الإسلامية وهي التي
تفرز نتائج مثل نتائج استطلاع
الجزيرة.
يخيف المسلمين في العالم
الإسلامي هذا الحشد من أدوات
التبشير رجال وكتب وأشرطة
وسيديات وأفلام وأقوال وفتاوى
ومهرجانات وو.. كل هذا تغاضى عنه
المسلمون كثيراً وسكتوا عنه
طويلاً. ولكن يبدو أن أجراس
الخطر بدأت تدق..
وثمة على الطرف الآخر من
الساحة رجال يتمسكون بوحدة
الأمة، ويرفعون شعار التحرير
بالتنوير.. فقط نتساءل أمام أولي
الأحلام والنهى في طهران: لمن
تقرع الأجراس؟
---------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
06/02/2007
|