ما
يزال لديهم وقت للكراهية
زهير
سالم
كل المبادرات
الوطنية التي صدرت عن القوى
الإسلامية والمدنية اتجهت
باتجاه واحد: سورية لجميع
أبنائها. وانطلقت من منطلق واحد:
الشعور بالولاء للوطن وبعلاقة
حميمة للمواطنة تقوم على مشاعر
الإخاء وحتمية العيش المشترك.
الجواب الجافي
الذي جاء على هذه المبادرات نبع
من طبيعة الفريق الذي صاغه، ولا
نظن أن الكوادر البعثية
الحقيقية كان لها فيه أي دور،
هذا (الفريق) الذي تسلل إلى
تاريخنا وإلى واقعنا بقيم الحقد
والكراهية والقسوة، حتى أنه
عندما يقال أمامك أن (مواطناً)
سورياً صدر منه بعض ما صدر منهم
لا تكاد تصدق لأنك تعرف في كل من
عاشرت من السوريين روحاً
إنسانياً يأبى أن ينتكس في سلوك
وأخلاق الشياطين.
حين تظلك ذكرى
المجزرة الرهيبة في تدمر، ربما
يخيل إليك، أن الفعل قد صدر في
ساعة (نزق) أو (حمق) فانفلت
الإنسان من آدميته، ثم لا بد أن
تكون له بعد تلك النزوة فيئة
يراجع فيها نفسه، ويأخذها بما
يليق بالنفس الإنسانية لتتحلى
بوصف الآدمية العام. وحين تذكر
المآسي والفواجع التي ارتكبت
تحت لافتة قانون الذبح /49/، أو
حين تسمع سلوكيات بعض الجلادين،
تظن أن ذلك كان وليد لحظات حمي
فيها الوطيس وحميت الأنوف في
وقت معاً، وأريد له أن يكون غطاء
لما فرط، وليس لما يأتي..
ولكن، عندما تسمع
أناساً (يلبسون ثياباً!!)
يتمدحون بالفعل المشين،
وبالخلق الذي يخزي صاحبه، أو
حين تسمعهم يكرسون قانون الذبح
الهمجي؛ تتساءل عن سر الارتكاس
الذي يمكن أن يبلغه الآدمي
عندما يرد إلى أسفل سافلين. أسفل
سافلين حالة عبر عنها القرآن
تمثل حالة الانسلاخ عن
الإنسانية المخلوقة أصلاً في
أحسن تقويم.
كيف يمكننا
والعواصف تضرب وطننا بأركانه
الأربعة، أن نفتعل العدوات، وأن
نثير الصراعات الصغيرة لنوظفها
في شفاء نفس سقيمة تعودت ألا
تنضح إلا بالحقد والكراهية،
وألا تنز إلا دماً وصديداً؟!
حين مد موشي قصاب
يده إلى بشار الأسد، وجد مباشرة
يداً ممدودة، ثم ردت المبادرة
بأختها..!!
وحين يعلن أحد
مفكري البعث على الفضائيات
مخاطباً أحد محاوريه: (اليهود
والأمريكان أقرب إلينا منكم).
فإنه فسر في الحقيقة ما أعيتنا
الحيلة في تفسيره منذ أكثر من
عقد.
بين تلك اليد
الممدودة لموسى قصاب بلا شروط،
وبين قاعدة أن العدو الخارجي
أقرب إليهم من الخصم الداخلي
تتجلى الحقيقة التي توجب على
المعارضة أجمع أن تعيد صياغة
مواقفها، وأن تعيد فرز القوى
على الساحة القائمة بين يديها،
أن تعيد فرز القوى على الأساس
الذي حدده المفكر البعثي الكبير:
العدو الخارجي وحلفاؤه أصحاب
اليد الممدودة بلا شروط في كفة
وأبناء سورية على اختلاف
الانتماءات والتوجهات في كفة
أخرى.
ليحاصروا أنفسهم
في عتمات الكراهية والحقد،
ولنبسط بساط الحب فبساط الحب
أحمدي يتسع لكل أبناء الوطن
لعمرك ما ضاقت
بلاد بأهلها
ولكـن أخلاق الرجال تضيق
*مدير
مركز الشرق العربي
28/06/2005
|