إلى
الجلاء.. من جديد
زهير
سالم*
امتد الاحتلال الأول لسورية
ربع قرن من الزمان، كانت
السنوات الممتدة بين ميسلون
والجلاء مضماراً للإنسان
السوري يبدع وينجز في أساليب
النضال ويثبت أنه أولى بالحياة
وبالحرية، وأنه الأقدر على تحمل
المسؤولية.
جثم الاحتلال الأول، بكل
عنجهيته وغطرسته على الأرض
السورية، ولكنه لم يستطع أن
يقترب من حمى الروح السورية
القوية الوثابة، ولم يطغ لحظة
على عقل السوريين ولم يحط لهم من
عزيمة، أو يحرف لهم من إرادة.
الروح والعقل والعزيمة
والإرادة كانت هي الأدوات التي
عبد ت الطريق إلى الجلاء، وكانت
هي المعبر إلى صباح الحرية
الأغر وفضاءاته الوطنية الرحبة..
ثم كان الاحتلال الثاني،
الاحتلال الذي امتد من صباح
الثامن من آذار 1963/ الأغبر، وكان
لسورية مع هذا الصباح (غورو)
جديد يعلن إنذاره الأول فيصادر
في الحياة العامة كل شيء، ويحتل
بذلك السيادة الوطنية والقرار
الوطني والموقف الوطني.ثم يكرس
هذا الاحتلال بدستور ورقي هش
كهشاشة الأيدي التي كتبته في
ساح الدفاع عن الوطن!!
صباح يعلن فيه (غورو) سورية
الجديد نفسه وصياً على الدولة
والمجتمع!! على الروح والعقل
والعزم والإرادة. يتساءل
المواطن السوري: ما الفرق بين
المندوب السامي الفرنسي الذي
مزق ودمر وأحرق وصادر وبين (
الوصي) المفروض على شعب سورية
بفعل المادة الثامنة من الدستور..؟!
ألم تكن هذه المادة ، التي
فرضت على شعب سورية ،باسم الحزب
الوصي، في
سبعينات القرن العشرين، سبباً
في استقالة حكومة، وحل برلمان
أو انحلاله لأن الرجال الذين
كانوا فيه رفضوا أن يعطوا
المندوب السامي بعض هذه الوصاية
على القرار والإنسان؟!
في صبيحة الجلاء، يستعيد
الإنسان السوري أدوات الجلاء من
جديد، ليسلك طرقه و يسعى إلى
غايته ، كان أول الطريق إلى
الجلاء روحاً وطنية وثابة رفضت
التقسيم تحت الشعارات
والعناوين، رفضت التمزيق
والتفتيت، تجاوزت الخاص إلى
العام، انصهرت في بوتقة وطنية
واحدة، بل التهبت رفضاً لفكرة
الوصاية ولأدواتها ،
ولبرامجها، ولهياكلها.
كان أول الطريق إلى الجلاء،
عقل مدبر يعرف ما يأتي ، ومتى
يأتي ، وكيف يأتي، وما يدع ،
وكيف يدع ، ومتى يدع..عقل وطني
جمعي يختار لكل لحظة أسلوبها ،
ولكل معركة أدواتها، عقل قادر
على استقطاب الكل تحت القبة
الوطنية، وحول المحور الوطني،
لعزل كل عوامل الإعاقة عن طريق
المشروع الوطني في التحرر
والنماء. عقل تحكمه أوليات
المنطق، ومعطيات الواقع، ولا
تتحكم به نزوة، أو يستبد به
انفعال، ولا تحد من اندفاعه، أو
تحرفه عن هدفه رهبة!!
أول الطريق إلى الجلاء...همة
قعساء وعزيمة ماضية، وإرادة لا
تعرف التردد.
---------------
*مدير
مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
17/04/2007
تعليقات
القراء |
جان
كورد
لقد
ولدت في عصر الاستقلال وها
أنذا أقترب من الستين من
عمري ، وحقيقة لم أشعر يوما
كمواطن سوري بأنني عشت حياتي
في سوريا في الحرية، ولا
أزال رغم تواجدي لأكثر من 28
سنة في أوروبا أشعر بالخوف
من أن يدمر حياتي أكثر مما
دمره في البلاد هذا النظام،
فأي جلاء وأي استقلال وأية
حرية نتحدث عنها؟
مع
فائق الاحترام والتقدير
------------------
أبو
جابر
ويبقى
السؤال لماذا استطاع
الإنسان السوري أن
يجلي المحتل الأول وما
يزال الثاني يصول ويجول منذ
أكثر من أربعين سنة؟! وهل من
مراجعة ؟
------------------
تمام
والله خير الكلام ما قل
ودل لمن يفهم ولكن الذين
يفهمون اليوم هم القلة
القلية وعليهم يعول المرء
بعد الله لتحقيق جلاء حقيقي
من الاستبداد والطغيان وهو
أشرس بكثير من الاستعمار
المكشوف
|
|