حتى
لا يذهب صاحب الشعرة بالجمل !!
زهير
سالم*
الشعور بالقوة يأتي من
الإدراك الأولي لحقيقة
الانتماء. ففي صميم هذه الحقيقة
تتلاشى الفردية بكل محدوديتها
وضعفها ويحضر (الجمع) بكل ثقله
وامتداداته وتطلعاته. القصة
التي تعلمناها ونحن صغار عن سعد
زغلول، سواء صحت أو لم تصح، بأنه
عندما طلب منه أن ينحني لملكة
بريطانيا أو لملكها لا أدري،
استشعر ملايين المصريين
يجذبونه إلى الأعلى.. هذه القصة
تبرز الدرس الذي يجب أن يتعلمه
الجميع.
ندرك أن الكلمة التي تقال في
أي مجمع، والموقف الذي يتخذ،
والعنوان الذي يرفع ينبغي أن
يكون وفياً للانتماء الجمعي
للشعب أو للأمة بكل ثقله
وامتداداته وتطلعاته..
وندرك أن هذا الانتماء وهذا
الوجود لا يمكن أن يتجافى أو أن
يجور على هوامش تعلقت به أو عاشت
على حافاته منذ أقدم العصور. إن
من روعة هذا الانتماء أو هذا
الوجود أنه قابل للاستيعاب قادر
على الضبط بالحكمة والاعتدال
وعلى الوزن بالقسطاس المستقيم.
هذا لا يمنع أن يدخل الخلل
على المعادلة أحياناً وأن يتطرق
الفساد إلى الأصل الصالح. ولا
سيما حين يصبح الخلل أو الفساد
بلوى عامة يعاني منه الأصل
والفرع.
تشعر مع ريح (الاستصغار)
بأنك (الأقل الأذل) حيث تريد أن
تنفي عن حياة الجميع وبدون
استثناء (القلة والذلة) !! وتشعر
بعد أن أكدت أن من الإنصاف أن
نتحدث بلغة ( النحن) وليس بلغة (الأنا)
إلا أن أصحاب هذه الأخيرة لم
يتركوا للأولى شيئاً..
وتشعر أحياناً أن بعض من ملك
من الجمل (شعرة) لم يعد يبالي أن
يُذبح الجمل من أجل شعرته التي
ما انفك عن البكاء عليها ، والتي
تفوق في مكانتها زبيبة عقلة
الأصبع التي لن تعوضه عنها كل
جواهر البحر..
مصطلحات وتسميات وتنازلات
وريح هوج ، نتحسسها و نسمعها
ونتتبعها، ونستشعر فيها أن ثمة
من لا هم له سوى هذه (الأنا) في
دوائرها الصغيرة التي تضخمت حتى
كادت أن تفوق ضفدع لافونتين
قبيل لحظات الانفجار.
يبقى على أصحاب الجمل أن
يدركوا أن جملهم أكثر من شعرات
فلا يضيعوه ؛ وأن يتماسكوا فلا
يستخفهم الذين لايبالون
الحكمة والقصد والنباهة و
الثقل الذي يجعل كل ما ينفع
الناس يمكث في الأرض..
ذكرى
---------------
*مدير
مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
18/07/2007
|