ما
وراء الأكمة
في
العلاقة
السورية ـ السعودية
زهير
سالم*
لم تكن تصريحات فاروق الشرع
التي اعترف فيها بوجود خلل في
العلاقة (السورية ـ السعودية)،
والتي ألقى اللوم من خلالها على
غير سورية أي على العربية
السعودية، هي الإساءة الأولى
التي تصدر عن سورية تجاه
العربية السعودية، ولم تكن كذلك
هي الإساءة الأكبر، فقد كانت
عبارة (أنصاف الرجال)، والتي
صدرت عن بشار الأسد مباشرة، وفي
ظرف أكثر حساسية (بعيد الحرب
الإسرائيلية على لبنان) هي
قذيفة العيار الأثقل سواء
بالنسبة لبعدها الشخصي، أو
بالنسبة للمصدر الذي صدرت عنه.
ومع ذلك فلم تلق هذه العبارة،
على ثقلها، ردة الفعل الذي
لقيته تصريحات الشرع.
يعلم الجميع أن سياسات العربية
السعودية أكثر استقراراً من أن
تنفعل بالتصريحات الطيارة التي
تتناثر دائماً حول المملكة من
هنا وهناك. ولذلك نستطيع أن ننسب
الهجوم الشديد الذي طفا على
السطح، والذي قوبل به تصريح
الشرع إلى أمور أخرى غير هذا
التصريح. ستعتبر ردة فعل
العربية السعودية مبالغاً فيها
إذا ما قيست إلى تلك التي كانت
على عبارة مثل (أنصاف الرجال)!!
ولقد ظلت ردة الفعل السعودية،
على حدتها، حتى الآن تحت السقف
الإعلامي المباشر أو غير
المباشر، فمع أن الشرع يمثل
الرجل الثاني في النظام السوري
من حيث الترتيب البرتوكولي، لا
من حيث الحقيقة، فإن ردود الفعل
السعودية لم تصدر حتى الآن عن
شخصية ذات اعتبار في تركيبة
النظام السعودي. وبالمقابل فإن
الموقف الرسمي السوري آثر أن
يمتص الصدمة، وأن يمتنع عن
الدخول في صراع إعلامي مباشر
وسافر مع العربية السعودية.
ولكن لم يخل الأمر من تنويهات
وتعقيبات تناثرت هنا وهناك على
أقلام مناصرين لسورية أو تابعين
لها تندد بأشكال وصور مختلفة
بالعربية السعودية نظاماً
ومنهجاً ورجالاً.
ومن طرف ثالث يلحظ المرء أن هذا
الضجيج الإعلامي الموجه ضد
سورية رافقه ضجيج آخر ربما يكون
أكثر حدة بالنسبة لإيران. ففي
خطبة الجمعة 24/8/2007 حمل خطيب
الحرم المكي حملة شعواء على
الشيعة وشكك في انتمائهم إلى
أهل البيت، واعتبر عقائدهم وما
يدينون به دخيل على دين الإسلام!!
وبعد يوم واحد أي السبت 25/8/2007
قدمت قناة العربية المحسوبة على
السعودية، والممثلة لسياساتها
برنامجاً تحت عنوان (أين يختبئ
هؤلاء؟) أكدت من خلاله أن قادة
كباراً في تنظيم القاعدة
يختبئون في إيران، وأنهم على
علاقة وثيقة بالنظام الإيراني،
ضربة قاسية تحت الحزام كما
يقولون، في الوقت الذي تصارع
فيه إيران من أجل ملفها النووي.
وكانت هذه القناة قد استضافت في
يوم الجمعة نفسه النائب السوري
المعارض والمنشق (محمد مأمون
الحمصي) الذي قضى سنوات في السجن
قبل أن يستطيع الإفلات إلى
الخارج، ليشن هجوماً متعدد
الرؤوس على المظالم التي
يمارسها النظام السوري بحق
مواطنيه. كما قامت جريدة الوطن
السعودية بإجراء مقابلات صحفية
مع كل من السيد عبد الحليم خدام
نائب رئيس الجمهورية السورية
المنشق، والسيد علي صدر الدين
البيانوني المراقب العام
لجماعة الإخوان المسلمين في
سورية في سابقة أولية لفتح
النار على النظام السوري وتبني
قوى المعارضة السورية.
إن ترافق الحملتين على كل من
سورية وإيران، يؤكد أن المواقف
السعودية ليست استجابة مباشرة
لتصريحات الشرع، وأن وراء
الأكمة ما وراءها. وأن هذه الشدة
والحدة قد تكون تمهيداً لمواقف
من أحداث جسام تنتظرها المنطقة،
وقد تكون محاولة من العربية
السعودية للتلويح بالعصا طمعاً
في الوصول مع المشاغبين إلى
مستوى من العلاقة أفضل. ولا سيما
أن العربية السعودية تشعر أن
سورية وإيران ينازعانها على
دورها الإقليمي في المنطقة. كما
أن سورية وحليفها حزب الله،
يفسدان عليها دورها في لبنان،
كما خربا من قبل (اتفاق مكة)؛ مما
أدى إلى تعميق الهوة بين حركة
حماس والمملكة، ودفع بالموقف
السعودي إلى إطار الانحياز
الكامل إلى حركة فتح، لتنفرد
مصر بدورها على الساحة
الفلسطينية.
لقد بات الخريف قريباً جداً،
والاجتماع الذي دعا إليه الرئيس
بوش على الأبواب، ويقال بأن
المطلوب من العربية السعودية أن
تلعب دوراً ما في هذا اللقاء، في
وقت ماتزال فيه المشاركة
السعودية في هذا اللقاء مشكوكاً
فيها. وإلى جانب هذا الاستحقاق
هناك استحقاق المحكمة الدولية.
وهناك استحقاق ملف الرئاسة
اللبنانية الأكثر قرباً. وهناك
أيضاً الوضع العراقي الذي يزداد
تأزماً، في وقت غدا فيه تقسيم
العراق ورقة عمل مطروحة وراء
الكواليس. ولا يخفى أن الدور (السوري
ـ الإيراني) هو الدور الأكثر
عبثاً في الوضع العراقي، إلى
درجة جعلت بعض المحللين
الأمريكيين يعتبرون نظام بشار
الأسد وكيل سفر القاعدة إلى
العراق. وكما استقبل الأسد إبان
هذه الأحداث نوري المالكي، فإن
سورية ماتزال ملاذ أكثر من
مليون لاجئ عراقي بمن فيهم رموز
وقادة معارضون.
مشاكل العالم تتمركز هذه
الأيام شرق البحر المتوسط.
ولعوامل تعود إلى الجرأة و(الفتونة)
يفرض المحور (السوري ـ الإيراني)
بكل تجاوزاته، الإنسانية
والمدنية والدينية، نفسه كلاعب
أساس في المنطقة، وإن يكن غير
محبذ به. بينما يتقلص دور أصحاب
الكثرة والوفرة!!
تقود سياسات التردد والتحسب
وأحياناً اللامبالاة القوى ذات
الثقل الأكبر إلى حالة من
انعدام الوزن، بل الاضرار
بالنفس. شيء ما جرأ بشار الأسد
من قبل وفاروق الشرع من بعد على
دولة في وزن العربية السعودية
ومقامها الإسلامي والقومي!!
المحور (السوري ـ الإيراني) لا
يوظف في مشروعه ملالي طهران
ومرجعيات العراق المذهبية وحزب
الله في لبنان والوجود المذهبي
في دول الخليج العربي ومشروع
الحوثي في شمال اليمن وفي جنوب
المملكة السعودية أو في شرقها
فقط؛ المحور (السوري ـ الإيراني)
لا يوظف هؤلاء فقط بجد وحزم
وجهراً لا سراً في مشروعه وإنما
يوظف بجرأة واقتدار أيضاً حركات
الإسلام السني بمن فيها حركة
حماس والجهاد وقوى وشخصيات لا
ترى في حالة الهياج التي تسود
المنطقة يداً تمتد بجرأة غير
تلك اليد!!
ستمر إساءات الشرع كما مر ما
قبلها وربما ستكون في المستقبل
أكثر جرأة وحدة مادامت السياسات
الاتقائية القائمة على
المداراة والتردد هي السائدة في
المنطقة وستظل الشعوب العربية
والإسلامية تبحث عن مرتكز حقيقي
لمشروعها الأصيل بأبعاده
الإسلامية والقومية.
من الصعب قراءة الكف السعودي في
اللحظات الراهنة وفي ظل اضطراب
رؤية دولية تمتد عبر الأطلسي من
واشنطن إلى باريس لتضرب شواطئ
البحر الأبيض المتوسط..
---------------
*مدير
مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
29/08/2007
تعليقات
القراء |
عارف
عبد العظيم
أوافق
الأستاذ البيانوني لمقولته
ارفعوا الغطاء عن نظام أسد
فيسقط تلقائيا.
الدول
الكبرى وبعض الدول العربية
الكبرى حين ترى مصلحتها
تتحقق برفع الغطاء عن نظام
اسد في سورية فسيسقط تلقائيا
وبشكل اقل ضرار لما يحدث
وحدث في العراق بالرغم من
وحشية اسد وزبانيته.
اما
حماس والجهاد فقد تزحلقا الى
مستنقع وحل ربما لن يستطيعوا
الخروج منه ولطالما حزرت بعض
المنتسبين اليهم من خطورة
اللجوء الى الحضن السوري
والوقوع في شرك الانتخابات
وتسلم السلطة في بعض أجزاء
فلسطين المحتلة. امر سوريا
ربما اقترب وأؤكد بقولي ربما
إذ ان أسد ومن معه لاعبين
مهرة في أمثال هذه الأمور
والله عليهم قوي شديد قاهر
منتقم جبار قاصم لهم.
--------------------
جمال
ح
شكرا
لك د. زهير
اسمح
لي أن أخالفك في المنظور
الذي تبدأ منه وتخلص إليه من
حيث ضرورة قيام دور نقيض
للمحور الذي جمعت فيه سوريا
وإيران والشيعة عموما مع
أطراف مقاومة سنية تحت عناون
الجرأة واليد الممدودة بقوة
من هذا المحور لهؤلاء
المقاومين أسمح لي أن أخالفك
في اعتماد هذا التقسيم الذي
إن كان يخدم توجها سياسيا
مرحليا فإنه لا يخدم بحال
توجها استراتيجيا لأمة
كاملة هي نهب للتآمر ومهما
بدا هذا الرأي مبسطا فهو
الأكثر تعبيرا عن الرؤية
الضرورية التي يتقسم
المحاور من منطلق اشمل تراعي
فيه بوضوح الأطراف
المتصارعة بعيدا عن خلافات
مرحلية متولدة عن توزيع لا
هو منا ولا نحن منه فما بالك
إذا كان من عدو صريح وآخر
ماكر يسوق لنا المفاهيم
الملغمة والأسلحة الكفيلة
بترجمة هذه المفاهيم إلى صور
قاتلة
--------------------
نادية
جمال الدين
لا
ننتظر خيرا من النظام السوري
ان من يتابع مسيرته منذ
اغتصابه للسلطة يدرك جيدا ان
هذا النظام لم يعمل خيرا قط
بل
لم يترك نقيصة الا وقد
ارتكبها من قتل واغتيالات
وهدم واعتقالات ونهب
واذلال للشعب السوري
واللبناني والفلسطيني لذلك
من اوجب الواجبات العمل على
انهاء هذا النظام واجتثاثه
لانه سرطان خبيث في جسد
الامة كلها .. الم يسلم سورية
وشعبها الى ايران الصفوية
ادعو السيد زهير ان يراقب
دمشق عاصمة الامويين كيف
اصبحت اليوم صفوية بعمائم
سوداء منتنه وانني اجزم ان
سورية مقبلة على ايام اشد
سوادا من عمائم الكفر
الايراني
واحب ان اواكد على شيء
يعيب عليه الاستاذ زهير وهو
انه من لا يكفرهم يكفر بل ان
من لايكفرهم كافر
لان دينهم غير ديننا
وربهم غير ربنا ونبينا غير
نبيهم هم يقولون هذا لسنا
نحن راجع كتبهم التي كتبها
كبار ملاليهم لذلك لاتحزن
عليهم
رد
على تعليق الأخت نادية
يؤسفني
يا أخت نادية ، مع أني لا
أعلم من أنت ، أن تكون
تعليقاتك دائماً بهذه الحدة
وهذا التطرف
وأنا عندما أنقل عن عالم
بحجم العلامة الكوثري
وموقعه إنما أريد أن أستعين
بمثله لرد المسلمين إلى
الجادة ، والمسلم فيما أعلم
وقاف عند حدود الله والهوى
شر إله يتبع من دون الله
فالقصد القصد .. زهير
سالم
--------------------
شهاب
الدين
والله
لو كانت الإساءة أكبر مما تم
و كانت الرياح السورية
مواتية للمركب الأمريكي و
الدولي لما نبس أحد ببنت شفه
والله المستعان
--------------------
لورا
الأمة
العربية الإسلامية ترضي
وتحقق خطط العدو في تناحرها
مع بعض والحل يكون بتفشيل
مآرب العدو وذلك بتوحيد الصف
ووجود مرجع واحد يفتي ويتكلم
باسم المجموع لا أن يتنطع كل
إنسان برد فعل مباشر وغير
مدروس يسيء فيها للإسلام
والعرب على السواء. في
محبتنا وتسامحنا مع بعض نحبط
خطط العدو لا بهدر دم كل من
يخالفنا وتشميت العدو فينا.
|
|