في
الخرطوم
دماء
على النيل!!
زهير
سالم*
في
صباح قريب استباح الهمج
الخرطومَ، قتلوا النساء
والأطفال وأحرقوا المرافق
والممتلكات الخاصة والعامة،
سرقوا أموال الناس في رائعة
النهار!! ولكن أحداً من العالم
المتمدن لم يرفع صوتاً
بالاحتجاج، مجلس الأمن لم
يتنحنح للدفاع عن أبناء الخرطوم
من المدنيين، ولم يهز عصاه في
وجه هؤلاء الأوباش ذلك لأن
هؤلاء الهمج والأوباش ينتمون
بولائهم للعالم المتمدن نفسه!!
ما
جرى في الخرطوم تدور فصوله في كل
أنحاء عالمنا العربي
والإسلامي، وهو أحد الأسباب
الرئيسية لهذه الكراهية ولهذا
العنف ولهذه الفوضى!! فهل يدرك
أحد في العالم السر الخفي الذي
يمد مستنقع الكراهية بمغذياته
الأساسية ثم يسربه ليتفجر
براكين غضب هناك وهناك. براكين
مدمرة تنتمي إلى اللامعقول
الإنساني واللامعقول الشرعي
واللامعقول السياسي!! ولا غرو
فهي على اللامعقول ذاته قد
اهتزت ومنه قد ربت ونمت.
قتل
جون قرنق في حادثة طبيعية،
تحطمت طائرته التي انطلق بها من
دولة مجاورة للسودان فكان ما
كان. فلماذا يدفع أبناء الخرطوم
الذين يشكلون جزءاً من السواد
الأعظم لشعب السودان ثمن
الفاجعة من دمائهم وأموالهم؟!
وهل كون جون قرنق أو أنصاره
ينتمون بالولاء إلى العالم
المتمدن يجعلهم في حل من ذبح
الناس وسرقة أموالهم وإحراق
مؤسساتهم دون أن ينبس العالم
ببنت شفه؟! سأفترض أن العكس قد
حصل وأن حسن البشير قد قضى في
مثل تلك الحادثة، وأن أبناء
السودان قاموا كرد فعل على تلك
الحادثة، بما قام به هؤلاء
الهمج، ضد أبناء الجنوب، وعلينا
بعد ذلك أن نتصور التنديدات
والاستنكارات والتهديدات
والتفسيرات والقرارات.. مرة
أخرى نتساءل: لماذا؟
لماذا
عندما تتعلق الأمور (بهويتنا
المركزية) في جميع الأقطار
يعمى العالم ويصم العالم ويخرس
العالم؟!
لماذا
عندما يتعلق الأمر بهويتنا
المركزية، وهي هوية السواد
الأعظم من أبناء أمتنا، يكون
الذبح مباحاً والسلخ مباحاً
والنفي مباحاً وتحل شريعة القتل
والاستئصال والاجتثاث والإعدام
على الانتماء محل شريعة حقوق
الإنسان؟! ثم يبهت أمام كل ذلك
هذا العالم المتمدن؟!
لماذا
يكون نصيبنا في هذا العالم أن
نذبح بكل سكين وأن نجلد بكل سوط
وأن نكبل بكل قيد، ثم إذا هزت
الريح باباً من أبواب البعض
اقتادنا هذا العالم المتمدن إلى
المحاكم الخاصة، وأشهر في
وجوهنا شريعة الامتيازات التي
يحتمي بها من يزعم له أنه لا
يسأل عما يفعل؟!
(برجيت
باردو) تلاحقنا على حقوق
الخراف، وبوش يسألنا عن حقوق
أشخاص ينتمون بطريقة ما إليه
أقررنا لهم بما لم نحظ حتى الآن
بعشره، ولكن هذا العالم المتمدن
لايزال يؤيد ذبحنا وسلخنا
وقيدنا وما جرى في الخرطوم وفي
الفلوجة وما يجري في سورية
الشام كل الشام شاهد على ما نقول.
*مدير
مركز الشرق العربي
06/08/2005
|