احتجاز
قتلة الحريري
الغرب
من
المصداقية السياسية
إلى
المصداقية الحضارية
زهير
سالم*
نرجو أن يكون
احتجاز المتورطين في عملية
اغتيال الرئيس الحريري أول
القَطْر، فهؤلاء (الكبار) على
الساحة اللبنانية لم يكونوا قط
إلا صغاراً في ديوان الفاعل
الحقيقي في سورية ولبنان منذ
أربعين عاماً. وما كان أمثال
هؤلاء ليجرؤوا على تنفيذ مثل
هذه الجريمة النكراء لولا
التكليف المباشر الذي تلقوه من
حيث يعلم الجميع.
سيكون عيداً
حقيقياً لكل الشعوب المحبة (للحب)
حين سيضطر القتلة الذين يحتلون
القصور والمواقع أن يفكروا
طويلاً قبل أن يقدموا على
ارتكاباتهم التي لم تكن في لحظة
خافية عن الأعين أو عن القلوب!!
فلكي نصير إلى
عالم يسوده الحب والوئام وتنتفي
منه الكراهية والإرهاب ينبغي
على العالم أن ينقل مصداقيته من
مستواها (السياسي) إلى مستواها (الحضاري).
فإذا كان قتل رفيق الحريري
جريمة نكراء أجمع العالم على
استنكارها، وكانت من أجلها لجنة
التحقيق الدولية العتيدة؛ فإنه
في المعيار (الحضاري) و(الإنساني)
لا يجوز أن يكون أي فرد أقل
شأناً بقيمته الإنسانية عن رفيق
الحريري، ولكي تنظر شعوبنا
المضطهدة المقهورة إلى العدالة
العالمية نظرة الرضى والقبول،
ينبغي أن تشمل التحقيقات كل
القتلة الذين قتلوا الناس في كل
مكان، بمن فيهم أولئك الذين
ذبحوا الأبرياء في تدمر أو في
حماة أو في شوارع حلب وإدلب وجسر
الشغور، ينبغي أن يساق الجميع
بلا استثناء إلى محاكم دولية
عادلة ونزيهة، هكذا نريدها لهم،
لا إلى محاكم مثل المحاكم التي
يقتصون فيها من خصومهم
السياسيين، أو من مخالفيهم في
الرأي أو حتى في إبداء الإعجاب
بشاعر دون شاعر أو تشجيع فريق
كرة قدم على فريق!!
وإذا كان الإنسان
قد شرع في تلافيف تطوره الحضاري
قوانين اللجوء السياسي لمضطهدي
الرأي والضمير، فإنه قد حان
الوقت لتسقط هذه القوانين بسقوط
جميع أشكال الاضطهاد، لتكتسب
العدالة العالمية والحضارة
الإنسانية مصداقيتها. فلم يعد
مقبولاً في هذا العصر أن يكون
بمقدور إنسان مهما كان موقعه،
أن يضطهد إنساناً أو أن يخرجه من
أرضه ودياره.
وكم قرن القرآن
الكريم بين جريمتي (القتل) و(الإخراج
من الديار) ليدلل على المعنى
الكريه لهذه الجريمة النكراء.
ومن قاع الاغتراب المفروض علي
وعلى مئات الألوف من أبناء وطني
أكتب هذه السطور، كلنا يقتل كل
يوم قِتْلة الحريري أو ربما
قتلات أبشع منها وأشنع.
في يوم عيد لبنان
يوضع المشتبه بهم في قتل
الحريري رهن الاحتجاز. ننتظر أن
يمتد السياق ليشمل القتلة على
كل صعيد ليشعر ملايين المقهورين
المستلبين ببعض احترام العالم،
ولا بد لهذا الشعور أن يستنبت في
بواد النفوس احتراماً أكبر.
*مدير
مركز الشرق العربي
01/09/2005
|