سورية:
إرهاب مفتعل
إجابة
على أسئلة لم تطرح؟
زهير
سالم*
لن
يتردد حكام دمشق عن متابعة
المسيرة، وعن الإعلان عن أي
حادث جنائي أو مدني على أنه
معركة مع (إرهابيين) يستهدفون
النظام. حتى ولوكان هؤلاء
الإرهابيون (المزعمون) من
عتاة الجناة المطلوبين في
أقطارهم على خلفيات السرقة وقطع
الطريق.
في
أحداث المزة التي جرت منذ ما
يزيد على العام قرأ المتابعون
الافتعال وسوء التخطيط
والغفلة، التي وقع فيها مخرج
الحدث ومنفذه، وتمتم الناس
يومها بما شاؤوا. وفي أحداث
قاسيون حيث كان (الإرهابيون)
لصوصاً ملاحقين من قطر عربي
مجاور معروفين بالاسم والصورة
والهوية أصر (المخرج) السوري على
أن قواته الأمنية ألقت القبض
على خلية من الإرهابيين
يستهدفون أمن سورية واستقرارها!!
وفي منطقة مضايا الجبلية
والحدودية مع لبنان، والتي هي
ممر تاريخي لحركة التهريب اعتبر
النظام كل صدام مع هؤلاء صداماً
من الإرهابين. وهكذا حين تتبع
هذه الأحداث المفردة تجد حرصاً
بالغاً لدى الحاكمين في دمشق
على إظهار أنفسهم في مظهر
المستهدف من قوى الإرهاب!!
قد
يتبادر إلى الذهن مباشرة أن
النظام السوري يريد من هذه
اللعبة أن يستدر العطف، وأن
يظهر بمظهر الضحية، وأن يغير
ولو شيئاً قليلاً في الصورة
النمطية التي خلفها في أذهان
الأقربين والأبعدين: جلاداً أو
داعماً أساسياً لسياسات القتل
وأعمال الخطف والاغتيال.
والقائمة التاريخية أطول من أن
نثقل بها هذا المقال.
ومطلب
النظام السوري هذا يستحق في
رأينا كما في رأي الكثيرين كل
هذا الافتعال والادعاء. مطلب
تتوكأ عليه المجموعة الحاكمة في
دمشق لتدفع عن نفسها شبهات
كثيرة، ولتغير من خلاله تاريخاً
عريقاً لن يكون مقتل الحريري أو
الحاوي أو سمير قصير آخر حلقاته.
ولكن
المآرب الأخرى التي يسعى إليها
النظام السوري في نظرنا هي
الأهم. ولعل أهم هذه المآرب هو
أن يجيب النظام على سؤال يدور في
الرؤوس ولم يطرح بعد: لماذا
تستهدف قوى الإرهاب كل دول
الإقليم العربي دون النظام
السوري بشكل خاص؟
ما
هو السر الذي يمنح النظام هذه
البراءة المقدمة على طبق من
ذهب؟! لماذا يُستهدف اليمن
والعربية السعودية ودول الخليج
ومصر والأردن ولبنان، ويكون
للإرهاب في كل قطر خبطاته
العمياء، وتبقى سورية وحدها في
دائرة الحفظ والصون؟ تساؤلات
يحاول النظام أن يجيب عليها قبل
أن تطرح خشية أن تطرح.
والمتتبع
لطبيعة الأعمال التي يحاول
النظام أن يجعل منها بمثابة (دفع
بالغيبة) أو (دفع بالاستهداف)
يشعر أنها جميعاً عمليات هزلية
محدودة فاشلة أشبه بمفرقعات
الأطفال منها بأعمال إرهابية!!
ثم
لا بد للمرء أن يتساءل: لماذا
تهادن قوى الإرهاب نفسها ـ لا
قوى المقاومة ـ هذا النظام؟!
لماذا ترى في الوجود الأمريكي
على أرض العراق احتلالاً، وهو
كذلك بكل تأكيد، ولا ترى في
الوجود الصهيوني على أرض
الجولان احتلالاً أولى
بالمقاومة وأجدر بالنسبة
لأبناء دمشق وحلب وحماة، وهذا
الاحتلال من دمشق على مرمى
قذيفة (الكاتيوشا).
لماذا
يتحرك (أدعياء مقاومة) من
دمشق إلى بغداد إلى قطر عربي
ليضربوا في مدينة عربية
والجولان منهم على مرمى الحجر
كما نقول. أية مآرب أخرى وراء
هذا التحرك الذي
لم تغب عنه الأصابع
الدميمة؟!
أي
سر هذا الذي يعطي النظام السوري
والاحتلال القائم على أرض
الجولان هذه الحصانة؟! وأي دافع
يدفع النظام السوري إلى افتعال
أحداث أو تسميتها بغير أسمائها
لتوظيفها في سجل الدفاع عن
الذات، في وقت تتساقط أوراق
التوت وتحيط بالنظام عواصف
الشبهات: تساؤلات مشروعة عندما
تطرح لن يستطيع النظام في دمشق
أن يجيب عليها بزوابع يفتعلها
في فنجان.
*مدير
مركز الشرق العربي
06/09/2005
|