كنعان
بعد الزعبي
زهير
سالم*
حين وضع الصياد بندقيتة في
مواجهة الذئب وأحكم فوهتها بين
عينه ظل الذئب مفتوح العينين
يحدق بثبات في وجه الصياد
قائلاً حسب الشاعر الفرنسي (
دفيني) : تعلم أيها الأنسان كيف
تموت... إذ لطالما أمتدت مخالب
هذا الذئب وأنيابه لتنال من حكم
عليه القدر أن تضعه بين براثنه
...
لماذا ينتحر
كنعان ؟
إن كان غازي كنعان قد انتحر
فلماذا ؟ لأنه بالتأكيد قد جبن
عن تحمل مسؤولية عمل جنته يداه ،
وشعر إن تحقيق ميليس قد أحاط به،
فانهارت أعصابه وهو في قفص
الانتظار للتقرير القريب...
غازي كنعان إن كان قد انتحر فقد
عجز أن يتعلم من ضحاياه ، الذين
كانوا يسيرون إلى الموت مرفوعي
الرأس، باسمي الثغر دون أن يغفل
أحدهم عن أن يوزع ماتبقى لديه من
ملابس على إخوانه
الصامدين في أعماق الزنازين
، وبالتالي فقد قرر الهرب إلى
الأمام لئلا يواجه اللحظة
الصعبة التي حكم هو وشركاؤه على
آلالاف من السوريين واللبنانين
بها .
وإن تكن الأخرى أي إن يكن غازي
كنعان قد نحر فما كان ذلك إلا
لقطع خيوط التحقيق والوقوف
باغتيال الحريري عند سقف غازي
كنعان ...
تأكد لغازي كنعان أن النظام
الذي ينتمي إليه لن يحميه ، وأنه
أي النظام لا
يجد مانعاً أن يكون غازي كنعان
مع الليبين اللذين سلمهما
بلدهما إلى المحكمة الدولية ..
وربما بدا لغازي كنعان إن يهدد
بأنه في حال التخلي عنه ولو مع
وعود براقة على العمل على
الاستنقاذ ، سيقلبها على مذهب (
علي وعليهم ...) فقطع عليه حبل
التفكير هذا .
حديث
غازي كنعان إلى الإذاعة
اللبنانية لم يكن يعني إنه يريد
الأنتحار ، وإنما يعني أنه كان
يريد أن يقفل الملف ، ملف الجدل
الدائر حول دوره أو تهديداته
للرئيس الحريري ولكن آخرين
كانوا يريدون
إغلاق ملف آخر ..
قتل الزعبي فأغلق ملف الفساد
بشبكته العنكبوتية التي تتغلغل
في بنية الدولة والمجتمع ..
وقتل غازي كنعان لإغلاق ملف
الجريمة .. الأكيد إن كنعان قد
شرب من نفس الكأس التي سقى منها
الآلا ف من المواطنين في سورية
ولبنان .
*مدير
مركز الشرق العربي
13/10/2005
|