إسلاميون
مرنون
ونظام
مغلوق
زهير
سالم*
أبدى السيد بسام العموش النائب
الأردني السابق في مقال له في
جريدة الرأي عجبه للحالة
السورية المعكوسة: إسلاميون
مرنون ونظام حكم مغلوق. وذلك في
معرض تعليقه على موقف عبد
الحليم خدام من الوساطة التي
حاولها إخوان الأردن، يوم كان
السيد العموش واحداً منهم،
مراراً مع النظام السوري. في
حينها كنا نفهم تماماً التشدد
الذي كان يروى عن عبد الحليم
خدام، فالرجل كان ينفذ الدور
المسنود إليه باتقان، إذ بينما
يبدو حافظ أسد أكثر ديبلوماسياً
يلقي على شخصية (سنية) دور
المتشدد العنيد لغايات في نفوس
أصحابها، وطبعاً لم يكن خدام
يومها يهتم كثيراً بأن يمثل أي
دور يسند إليه وهذه ملحوظة لا
تهمنا كثيراً في هذا السياق،
وإن كانت قد أثارت السيد العموش
حتى جعلها محور حديثه.
الذي يهمنا ـ نحن ـ هو ملحوظة
السيد العموش الدقيقة والصائبة
والتي تحتاج ربما إلى بعض
التفسير (مرونة المعارضة
الإسلامية وتشدد
النظام الحاكم) وهذ حالة خاصة
بالنظام السوري. فدائماً تلجأ
الأنظمة للتواصل مع القوى
الشعبية، وفتح مربعات اللقاء
معها، ولاسيما حينما يتعرض نظام
لبعض ما يتعرض له النظام السوري
اليوم. السر في هذا الموقف، في
تحليلنا، إنما ينبع من جملة
حقائق أساسية متبادلة بين
النظام والمعارضة الإسلامية.
الحقيقة الأولى هي شعور
المعارضة الإسلامية بحكم
انتمائها الوطني الأصيل
بالمسؤولية التاريخية عن
الظروف الصعبة التي تمر بها
المنطقة والقطر بشكل خاص.
فالمعارضة
الإسلامية متأكدة أن المشروع
الخارجي بأبعاده الثقافية
والسياسية والاقتصادية
والعسكرية بشكل تهديداً
مباشراً للذات الوطنية وللوجود
والهوية والثقافة؛ وهي بالتالي
تنحني على جراحها مطالبة برص
الصف الوطني لحماية الوجود
والهوية.
يبنما يصر أصحاب الدوائر
الصغيرة بدءاً من دائرة المركز
إلى آخر قسم شرطة في القامشلي أو
في السويداء على التقكير بطريقة
(المستعصم)، فيتصرف كل فرد منهم
وهو محاصر في كرسيه الذي يجلس
عليه، وكيف يمكن أن يكون عليه
الأمر لو أن.. ثم يغلق التفكير في
(لو) هذه وهو يراها فعلاً قد فتحت
عليه عمل الشيطان. اللامبالاة
بالمصير الوطني هي التفسير
الوحيد للموقف الذي تنتهجه
مجموعة الحكم في كل دوائرها!!
فهم قد انتصروا في السابعة
والستين وإن ضاع الجولان!!
الحقيقة الثانية التي تميز
موقف المعارضة السورية عموماً
عن موقف النظام أن هذه المعارضة
بكل شرائحها قد بلغت درجة من
النضوج والوعي السياسيين بحيث
أصبح من اليسير أن ترى في إعلان
دمشق فصائل من الطيف السياسي ما
كان أحد يتصور لها أن تلتقي في
يوم ما. هذه الحالة من النضوج
تخلف عنها نظام مازال منذ قام
نائماً في عسل السلطة، لا يكاد
يشبع من تحقيق المصالح الفردية
والفئوية. لم يستطع رجل واحد من
رجال السلطة هؤلاء أن يخرج من
شخصية (المنهوم) إلى شخصية (السياسي)!!
والحقيقة الثالثة وهي الأنصع
في هذا السياق أن المعارضة
الإسلامية المقموعة والمطاردة
والمحكومة حسب القانون 49
بالإعدام هي أكثر ثقة بالذات،
وبالحاضر والمستقبل، بينما
النظام المتسلح بكل أشكال
السلطة وأدواتها محاصر في قرارة
الخوف والريبة، وهو مايزال من
هذا المنطلق يعيش التردد في
أمره كله.
والذي يؤكد هذه الحقيقة ما رواه
الدكتور (محمد المسفر) في القدس
العربي عن لقاء القوميين العرب
مع بشار الأسد:
رئيس الجمهورية يطلب ضمانات من
مواطنين معتقلين مسلوبة
إرادتهم ومشردين مسلوبة حقوقهم!!
الرئيس والحزب والجبهة
التقدمية وأجهزة الأمن والقوات
المسلحة.. كل هؤلاء يريديون
ضمانات!! هذه الحقيقة ثالثة
الأثافي كما تقول العرب.
*مدير
مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
03/01/2006
|