ـ

ـ

ـ

الأربعاء 04/01/2006

ثمن الدور !!

زهير سالم*

تستعد السلطات السورية لمصادرة ممتلكات نائب رئيس الجمهورية، وفتح ملفات الفساد المتعلقة به، لماذا؟! لأنه ببساطة توقف عن القيام بالدور الذي أنيط به، ثم خرج عن صمته.

كل المسكوت عنه في ملفات خدام، وفي ثروة خدام كان مقابل صمت آخر. وحين نتحدث عن (خدام) فإننا نتحدث عن كل مسؤول سوري (من حافظ إلى محفوظ ومن شاهر إلى ماهر). وحين نتحدث عن ثروة أي واحد من هؤلاء فإننا لا نتحدث عن شقة أو قصر أو سيارة؛ وإنما نتحدث عن الناتج القومي السوري لمدة أربعين عاماً، فالليرة السورية لم يصبها الانهيار لأنها لا تعتمد على رصيد اقتصادي حقيقي، وإنما أصابها الانهيار لأن جملة الناتج الوطني تحول لأعوام طويلة ومايزال إلى حسابات سرية لآل فلان وفلان ممن لا تخفى أسماؤهم عن شعبنا المظلوم المكلوم.

هل يستطيع بشار الأسد ـ مثلاً وهذا ليس كل شيء ـ أن يطيّب ذكرى والده بأن يكشف للمواطن السوري ـ مثلاً ـ عن مصير عائدات النفط التي غُيبت عن الميزانية العامة للدولة لسنوات طوال؟!

القصة منذ البداية أن حافظ الأسد كان محتاجاً لأدوات يسير بها الحكم الذي استولى عليه من خلال موقعه العسكري. كان محتاجاً إلى جانب الدبابة التي قهرت المواطن وسلبته إرادته، إلى (الحزب) و(الجبهة) و(الأجهزة الأمنية) و(مجلس الشعب) و(مجلس الوزراء) كل هؤلاء كانوا جزء من (الديكور) الظاهر، كما كان محتاجاً إلى آخرين يغمغمون معه في ظلمات ليالي الشتاء الطويل في الباطن. وهكذا وجد (الفريق) الذي يلتف حول (الفريق)، كان لكل حجر على رقعة الشطرنج ثمنه أو ـ إتاوته ـ والاتفاقات عقدت بين جميع الفرقاء بطرائق ديبلوماسية غاية في الرهافة. كمواطن سوري ـ مثلاً ـ لم أر صورة الراحل الآخر محمود الزعبي سواء عندما كان رئيس مجلس الشعب أو رئيساً للوزراء إلا في صور احتفالية يصفق خلالها للرئيس!! وكان الرجل يتقاضى ثمن التصفيق هذا بتخمينه الخاص لقيمة ضرب الكف على الكف. وكان الرئيس المطلع على كل شيء يقر لهذه الأدوات بهذا الثمن!! فلم يكن أمر الزعبي ولا أمر غيره يخفى على رئيس مسيطر ذكي بعيد النظر محيط بعمله مثل حافظ أسد ولا عن مثل نجله بشار!!

الذي يؤكد ذلك اليوم أن ملفات خدام جاهزة، وأن أعضاء مجلس الشعب (وهم أدوات على نفس الطريقة، ويتقاضون أثمان مواقفهم بنفس الأسلوب، وتعد لهم الملفات ذاتها بالمنهج عينه) حين تحدثوا عن (خدام) أو عن (الظاهرة) تحدثوا بعلم وبأكثر مما نعرف نحن الذين انتزع الفاسدون اللقمة من أفواهنا، وتاجروا بعرقنا وجهدنا الذي لا نملك غيره.

لو ظل خدام في باريس صامتاً هل قاربه بسوء أحد؟! وهل كان سيقوم مجلس الشعب بنبش ماضيه؟!

كانت تلك نقطة بداية النظام (استئجار أدوات لتقوم بالدور!!) وستظل هذه الطريقة مصاحبة لهذا النظام حتى نهايته. فهل يمكن لخطباء مجلس الشعب أن يطالبوا بفتح ملفات البدايات والنهايات للجميع وبلا استثناء. ليتساءلوا عن كل فرد في السلطة أو في الحزب أو في الجبهة أو في... من أين بدأ وكم ورث عن والده أو عن جده؟! وعن مجموع المستحقات التي تقاضاها خلال فترة خدمته العامة ثم ليقارنوا ذلك بحصيلة ما يملك اليوم على نحو ما يفعلون مع نائب الرئيس.

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

04/01/2006