ما
وراء المحور الإيراني ـ السوري
؟!
زهير
سالم*
شيء طبيعي أن يشهد عالم السياسة
صداقات وتحالفات ومحاور. فالعمل
السياسي في بعض جوهره هو هذا.
وشيء طبيعي أيضاً أن تخضع
العلاقة السياسية إلى التغير
والتقلب فتزداد الحميمية أو
تضعف وتتوثق العلاقة أو تفتر.
ما بين إيران وسورية شيء أكبر
من السياسة وأبعد غوراً. شيء
يتغافل عنه الكثيرون من صناع
القرار العربي، ومن النخب
العربية هرباً من مواجهة تبعاته
وتحمل مسؤولياته، فهذا الحال
العربي لا يراقب العلاقة (السورية
ـ الإيرانية) ولا يبالي بها وهو
إن قاربها بلفظ أو تصريح صلي
ناراً حامية جعلته يلوم نفسه
على الساعة التي سمع أو رأى فيها.
على الرغم من أن سورية عضو مؤسس
في الجامعة العربية إلا أن
علاقتها بإيران منذ ثورة
الخميني أكثر حرارة واتقاداً من
علاقتها بالجامعة العربية
وأقطارها مجتمعين ومنفردين.
ودائماً كانت سورية مستعدة
لمشاققة هذه الجامعة في سبيل
الحفاظ (على شيء ما..) يربطها
بإيران الخميني غير السياسة أو
المصلحة السياسية!!
كإسلاميين شغوفين بحب المثال
والنقاء انفعلنا كثيراً بثورة
الخميني. اعتقدنا أن الرجل الذي
أطاح بالشاه ودمر بنية السافاك
يمثلنا، وأن ما بيننا وبينه من
حيث المنطلق والأهداف أكبر مما
بينه وبين نظام (علماني!!) يحارب
الإسلام وأهله تحت ستار حرب
الرجعية والجمود، ويرفض جوهر
الدين ومظاهره ويسلك نفس سلوك
الشاه في الظلم والبغي ومهادنة
دولة اليهود حتى..
عندما جلس وفد المستضعفين في
سورية الذين كانوا يذبحون على
الهوية المذهبية أمام آية الله
الخميني وعرضوا قضيتهم عليه
بوصفه (القائد الثائر) و(الأب
المشفق) استمع الرجل لحديثهم
ولكنه لم ينبس ببنت شفة!!
منذ ذلك اليوم وشيء ما يحدث في
سورية، شيء لا تلتقطه عدسات
الفضائيات، ولا تشير إليه
تقارير المراسلين، ولا يتوقف
عنده أولئك الذين تعودوا أن
يعدوا المآذن والتكبيرات، وأن
يحصوا النساء المحجبات والشباب
المصلين. شيء يمكن أن تفسره
الصورة التي بثتها وكالات
الأنباء بالأمس للرئيس
الإيراني أحمد نجاد أمام ضريح
السيدة زينب أو السيدة نفيسة!!
أو صورة وزير خارجيته يجهش في
البكاء في تلك الحضرة الخصوصية.
اليوم حين يفرض بعض من في
العراق سيطرتهم على الساحة
العراقية بالاستقطاب المذهبي.
استقطاب طِوَلُه مرخى وثنياه في
طهران أو في قم، ويمتد ليجمع على
الساحة اللبنانية بين حزب الله
الإسلامي ومنظمة أمل
العلمانية؛ يتوجب على العقلاء
أن يستبصروا، وعلى الصامتين أن
ينطقوا..
بين سورية وإيران شيء لا تكدره
السياسة، ولا تعصف به مصلحة
وقتية، شيء يتسلل عبر آلاف
المبشرين الإيرانيين إلى ريف
سورية وحواضرها.. مبشرين
يعتمدون على أشياء كثيرة منها (سلطة
البعث العلماني الـ ..) وأزيز
الكراهية لرجال (رضي الله عنهم
ورضوا عنه). شيء يتغاضى عنه
النظام العربي، والنخب
العربية، ويذبح من أجله
الممانعون من أبناء الشعب
السوري. وفي حين يرفض مراسلو
الصحف والوكالات أن يرفعوا
تقاريرهم عن عدد (الحسينيات)
التي انتشرت في جنوب الشام
ووسطه وشماله، تتحرك أمواج
تسونامي مخيف على الجنبات
الشرقية للجزيرة والخليج
العربيين.
*مدير
مركز الشرق العربي
----------------------
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
22/01/2006
|