الدفاع
عن نهج شارون
زهير
سالم*
كان (شارون) رمزاً لنهج أكثر منه
إنساناً يحيا ويموت. ولقد تركزت
رمزية شارون بالنسبة لأبناء
أمتنا على الأقل في أنه السفاح
الذي لا يشبع من دم، وأنه صانع
صبرا وشاتيلا، ومدمر البيوت على
رؤوس أهلها، وقاتل الرجال
والنساء والأطفال دون أن يهتز
له جفن.
رمزية شارون
تجلت في أنه الرجل الذي يحاول
دائماً أن يفلسف القتل والهمجية
بعناوين براقة ليظهر أمام من
اعتاد أن يصفق له، ويفديه بروحه
ودمه على أنه (حمامة السلام)
الوادع الأليف.
القتل والانتهاك وسفك الدماء
كان دائماً خيار شارون الأول؛
ولكن الحقيقة أن شارون لم يكن
الوحيد في التاريخ الإنساني أو
في الساحة السياسية الذي يمارس
هذا الخيار.
كثيرون في منطقتنا مارسوا هذا
النهج على إنساننا العربي
المسلم، وبتغيير بسيط بأسماء
المدن أو المواقع أو الهويات أو
الأشخاص يمكن أن يبدو شارون
مظلوماً بوقف هذا النهج الرعيب
عليه، ونسبته فقط إليه!!
وإذا كان أبناء أمتنا، وهم
محقون، يدينون شارون ويعتبرونه
مثل السوء على الهمجية والوحشية
وسفك الدماء؛ فإن الموقف
الموضوعي الذي يعبر عن توازن
عقلي ونفسي عند أصحابه أن تتم
إدانة النهج لا الشخص، وأن يعمل
الجميع على تعرية مفردات هذا
النهج وأبعاده، والانتصار
لضحاياه المساكين المظلومين
سواء ذبحوا في صبرا وشاتيلا أو
في تل الزعتر والكرنتينا أو في
تدمر وحماة!! المطلوب إدانة
الذبح الجماعي للإنسان سواء كان
على الهوية الدينية أو القومية
أو الفكرية أو المذهبية.
المطلوب إدانة نهج شارون في
الاغتيال وفي تهديم البيوت، وفي
اجتياح المدن حيثما حلّ هذا
الفعل كائناً من كان مرتكبه
ومهما تكن ذرائعه. شارون لم
يتوقف أبداً عن تقديم ذرائع
لأفعاله المنكرة، حتى وهو يغتال
الشيخ أحمد ياسين الرجل المقعد
على الكرسي المتحرك، أو وهو يدس
السم لياسر عرفات، أو وهو يوجه
صواريخه الحارقة لشباب فلسطين
في غزة وطولكرم وجنين بنفس
الطريقة التي اغتيل بها محمد
عمران وصلاح البيطار وكمال
جنبلاط وبنان الطنطاوي ونزار
صباغ وحسن خالد وصبحي الصالح
ومروان حديد...
نهج شارون اعتمد كسر إرادة
الشعوب، واحتجاز حرياتها خلف
الجدر والأسوار تحت وطأة الحديد
والنار حيث يغيب مصير الإنسان
فلا يدري به وعنه أحد كما هو حال
عشرات الآلاف من المفقودين
السوريين واللبنانيين، ليس في
سيبيريا الستالينية، وإنما في
الزنازين الرطبة المعتمة في ظل
نظام يدعي العروبة وبتأييد نخب
عربية لا تستحي أن تصفق للنهج
الشاروني تفدّيه بالروح والدم.
نحن مع المقاومة اللبنانية، مع
المقاومة التي حررت الجنوب
اللبناني ليس من شخص شارون
وإنما من نهجه أيضاً ولا يعقل
لهذه المقاومة أبداً أن تنحاز
لنهج شارون بمجرد تغير الأسماء
والمواقع والهويات.
لأمر ما كان استقرار واستمرار
الخيار الشاروني في سورية
مطلباً صهيونياً إجماعياً
وشارونياً خاصاً.. وهو مطلب لم
يتوقف عنده رجال المقاومة في
لبنان، ولا الذين تجحفلوا في
دمشق خلف هذا الخيار يفدونه
بالروح والدم. كان الناس قبلاً
يقولون: قليلاً من حياء، ولكننا
نضطر في هذا المقام للقول:
قليلاً من عقل..
*مدير
مركز الشرق العربي
----------------------
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
24/01/2006
|