مستر
(هايد) في تدمر أحرقت المراكب
فهوناً
ما
زهير
سالم*
مرة أخرى يستبد مستر هايد
بالدكتور (جيكل) فيغيبه ويواريه
وربما إلى الأبد هذه المرة
ليشحذ السكين من جديد ويسلطها
على رقاب أبناء جماعة الإخوان
المسلمين.
كانت وصية الإمام علي: (أحبب
حبيبك هوناً ما فعسى.. وأبغض
عدوك هوناً ما فعسى..) أما الحديث
الشريف فاعتبر الفجور في
الخصومة من علامات النفاق (وإذا
خاصم فجر). والناس في أحيائنا
الشعبية يتواصون: (إذا خاصمت
فاترك للصلح مكاناً).
ثم إن دعوى الديموقراطية وقبول
الآخر، والاشتراك في السهم
الوطني إنما تمتحن في ساعات
النزق والغضب ساعات العسرة
الحقيقية لا في ساعات الرضى
والرخاء والاسترسال في التنظير
وإطلاق سوانح الكلام.
ومن الطبيعي في الحياة
السياسية أن نختلف، وأن نتخاصم
وأن يرد بعضنا على بعض، من حقنا
أن نقبل وأن نرفض، أن نتحالف
ونتواثق أو ننعزل ونتقاطع، و(نا)
في حقنا تشمل كل مواطن سوري ولد
من أبوين سوريين. هذه بعض الحقوق
الديموقراطية ولهذه الحقوق كما
يعلم العقلاء أجمع سقفها وأرضها.
في القرن الحادي والعشرين نستحضر
وصية الإمام علي الذهبية (هوناً
ما..) ولا
ننسَ جميعاً أننا أبناء وطن،
وأن شراكتنا في هذا الوطن شراكة
اضطرار لا شراكة اختيار. وأن
الكلمة من سخط الله تخر بصاحبها
في جهنم سبعين خريفاً. وإن كان
صاحبها ممن لا يبالون بجهنم!!
فليذكر أنها قد تقطع عليه الطرق
وتسد في وجهه السبل يوماً ما.
نمر كراماً على تلك الحمم التي
تناثر تحت أقدام قائليها، حمم
تطلقها بعض الفضائيات في حالة
عُصابية تذكرنا بلا ريب بعُصاب
الثامن والعشرين من حزيران في
زنانين تدمر 1980 حيث فارت دماء
الشهداء، كما تذكرنا بأحياء
حماة وحلب وإدلب، يوم قرر
عُصابي شاب ولا يزال عُصابياً
بعد أن شاب، أن يثأر أو أن ينتقم..
العُصاب الذي كان يتحكم بالرجل
دفعه منذ زمن مبكر إلى أن يقطع
خيوطه مع الجميع، حتى مع الحزب
والعشيرة والأخ الكبير، مع أنه
أفنى زهرة شبابه في خدمته، فكان
عصاه الغليظة، وأقدم على جميع
ممارساته انتصاراً له!! لقد اضطر
الأخ النافذ إيثاراً لمصلحته أن
يتخفف من عصاه بعد أن فقدت
صلاحيتها، فمن يطيق أن يحمل على
كاهليه عُصابياً لا يدري متى
يثور؟!
ظل السيد (هايد) حتى وهو يحاول
أن يتجاوز ذاته عُصابياً إلى
أبعد الحدود. فهو لا يفهم، أو لا
يريد أن يفهم، لماذا قطعت خيوطه
مع الجميع؟! ولماذا أغلقت دونه
أبواب العوْد وظل غراب (ادغار
ألان بو) ينعب فوق رأسه (نيمفور)
لا عود.. لا عود..
عدم القدرة على الإدراك تلك
تؤكد ـ عذر الرجل على ما يبدو ـ
في أنه فعل ويفعل ما فعل ويفعل
وهو في لوثة العُصاب، وفي حال لا
يميز فيها كما يقول الفقهاء في
طلاق الغضبان بين الأرض والسماء
أو بين الدم والماء.
ومرة أخرى، ثالثة أو رابعة
يستبد بالرجل عُصابه، ويتحرك
على المسرح شخص قديم جديد هو هو
مايزال يأمر رجاله فيطيعون
ليذبحوا الأبرياء أو لينالوا من
الأوفياء.
من حق الرجل على ولده، وقد قارب
أرذل العمر، أن يكفه ويواريه.
وأن يهمس في أذنيه: في تدمر
صبيحة الثامن والعشرين من
حزيران/1980 أحرقت المراكب، وهدمت
الجسور، وقطعت على نفسك طريق
العود، إلا.. من حق ولده أن نقول
له: لا تحمل على كاهليك جرائره،
كما حمل ابن عمك جرائر أبيه، ولو
كنت هناك صبيحة الثامن والعشرين
من حزيران لكان لك فيما أنت فيه،
ربما، رأي آخر.
أمر السياسة كما قال الأوائل لا
يصلحه إلا الرجل المكّيث.
والجسر الذي تهدمه في ساعة لا
تبنيه في أعوام. وعود على بدء
الإمام علي رضي الله عنه لكل
العاملين على الساحة الوطنية:
هوناً ما فعسى..
*مدير
مركز الشرق العربي
----------------------
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
23/03/2006
|