الذين
صنعوا هزيمة حزيران
زهير
سالم*
إذا كانت النكبة
سنة 1948 تحمل معناها (النكبة) فإن
الهزيمة الحقيقية التي ألحقت
بأمتنا كانت
ما حدث في السابعة الستين نكبة
الثامنة والاربعين بكل آلامها
وابعادها لم تنل من النفسية
العربية ولا من الموقف العربي .
بل ظلت (فلسطين) الجرح الساخن
الذي يثعب دماً ، ويفجر في قلوب
أبناء الامة العزم والتصميم
والإرادة على تجاوز المحنة
واستعادة الحق. قبل السابعة
والستين كانت (فلسطين) الشعار
والدثار وكانت كل شيء في حياة
الامة ، كما كانت (قميص عثمان)
يرفعه المتاجرون والمستأجرون
والمصممون على تصفية القضية عبر
السيناريو الذي أخرجت ملامحه
وتفاصيله فيما تلا من عقود ...
حق علينا كجيل شهد
الهزيمة ولم يشهد النكبة أن
ننصح كل ابناء الأمة أن يعودوا
إلى التصريحات الرنانة
والخطابات البليغة والادعاءات
المجلجلة لتي كان يطلقها
قبضايات وفتوات قفزوا إلى كرسي
الحكم وتحملوا مسؤوليات
الوزارات فلا اتقنوا فن الموت
الكريم كما فعل وزير دفاع من قبل
(يوسف العظمة) ولا فن الحياة .
وانما كل الذي اتقنوه هو ما
رأينا وما زلنا نراه ، انتقال
بالأمة من هزيمة إلى هزيمة ،
والانتقال بالشعب من محنة إلى
محنة .
بعد حزيران وبعد
شعار ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا
بالقوة، بدأت تتسلل إلى حياتنا
السياسية والثقافية المبادرات
والشعارات والوعود والتطمينات
..لتكون حرب تشرين (التحريرية)
ولتي أكد صاحبها الأول (السادات)
انها كانت تمريرية كما قادها
صاحبها الثاني إلى مزيد من
الهزيمة (عشرين قرية سورية)
وأفواج من (الوافدين) الذين
انضموا إلى افواج (النازحين)
الذين تكدسوا فوق افواج (اللاجئين)
ذلك هو انجاز الحكام الثوريين
التقدميين ، الذين اتقنوا قلب
المفاهيم فكانوا الرحماء
بالآخرين القساة الغلاظ على بني
جلدتهم ..
الهزيمة التي
أنجبت (فصل القوات) ومدريد
والخيار الاستراتيجي الفريد،
ومقولة بلا شروط، والمصافحات
البرتوكولية، ما زالت تفعل
فعلها فينا، فتدحرنا موقعا بعد
موقع، وما زال فلاسفة البعث
وأمناؤه قادرين على فلسفة كل
هزيمة انتصارا..
في كل دول العالم
وعند كل بني البشر ينزاح من
تسبب في كارثة (انقلاب قطار) أو (احتراق
مصنع) أما في عالمنا المنكود (بالقبضايات)
المزيفين ،فقد ترقى من صنع
الهزيمة ، وتكرّس من كرسها ،
ونال عهدها كل من وقع سلفا على
سواد أوراقها.
الخامس من حزيران
هزيمة صنعها من مُكن من صناعتها
ثم وُسد إليهم أمرنا من بعد
ليجعلوا دهرنا كلها حزيرانات
وماتزال...
فهل إلى خروج من
جحيم الهزيمة من سبيل؟
على شعبنا نطرح
السؤال . ومعه نصوغ الجواب.
*مدير
مركز الشرق العربي
06/06/2005
|