إعلان
دمشق بيروت
لماذا
جُنّت الحية العمياء؟
زهير
سالم*
عندما
وقّعتُ على إعلان دمشق بيروت لم
أوقع عليه كمعارض يسعى إلى
تسجيل موقف ضد النظام. وإنما
وقعت عليه كمواطن سوري يرى بعين
الواقع أي دمار أحدثته السياسات
الخرقاء في أديم العلاقة
الأخوية في خصوصية البلدين
سورية ولبنان.
وقعت
عليه من منطلق حرص استراتيجي
على تعظيم الجوامع، وتنمية
التوافقات. وكواحد من أبناء
الشام يعمر قلبه الحب لسورية
وللبنان، والولاء لسورية
وللبنان؛ حباً وولاء يتجذران
بعيداً على هذه الشطآن التي
كانت مهد حضارة والتي نريدها
سامقة لتعود من جديد للحضارة
ذروة سنام.
لم
أوقعه على أنه ورقة
ضد النظام أو في مواجهة
النظام وإنما وقعته، كما وقعه
الكثيرون على ما أقدر على أنه
المخرج من أزمة. قواعد تفتح
الطريق أمام من يبحث عن مخرج
فيما لو أراد.
كنت
أتوقع أن تضم قائمة التواقيع
على الإعلان أسماء الآلاف. وكنت
أتوقع أن يوقع على الإعلان (المخرج)
رموز السلطة أو رموز السيادة في
البلدين. أول اسمين افتقدتهما
في التوقيع على الإعلان هما:
بشار الأسد وإميل لحود على
السواء!!
وعلى
الرغم من عدم معرفتي حتى الآن
بصاحب القلم الذي صاغ البيان،
وبالجهة التي ضبطت فيه الميزان
أو (الدوزان)، إلا أنه لا بد في
هذا السياق أن أسوق لها الشكر
والتقدير والعرفان. لأنها مع
أنها لبنانية ـ سورية، كانت
سواء في الحب والإخلاص لسورية
ولبنان. لقد نجح من صاغ البيان
في تلبية المطالب، وتقدير
الحاجات، ووضع الأسس لعلاقة
مستقبلية بين أشقاء في توازن لا
يخفى، وحكمة تصادر احتمالات
الفساد والإفساد.
أعود
اليوم إلى الإعلان، ولم أوقع
عليه بالأمس إلا بعد دراسة
وتمحيص وطول تأمل وتقليب لمآلات
العبارات، أعود إليه وأنا
أتساءل: ما الذي أصاب الحية
العمياء بالسُّعار فجعلها تضرب
ذات اليمين وذات الشمال خبط
عشواء؟! أي فقرة في هذا البيان
تخرج عن التوافق الوطني العام
بين الشعبين في سورية ولبنان؟!
أعود
إليه، وقد قرأت بالأمس احتجاجات
المعلق السياسي في صحيفة تشرين
فما وجدت غير اعتراض بعثي يمكن
أن يساق احتجاجاً على طلوع
الشمس أو على غروبها على السواء.
النقاط
العشر للإعلان تجعلك تضرب رأسك
بيدك بقوة لتتساءل: ما الذي
أغاظهم بحق في هذا الإعلان؟! وما
الذي أصاب الحية العمياء
بالسعار لتقود حملة الاعتقالات
في عملية خرقاء لتدمير الذات؟!
فهل
يعترضون
لأن الإعلان طالب
باحترام سيادة البلدين،
والتمسك الحازم بالحيلولة دون
أن يكون لبنان أو سورية مقراً أو
ممراً للتآمر على البلد الجار
الشقيق؟!
وهل
يعترضون
لأن الإعلان أكد على حق
سورية في استعادة كامل أراضيها
المحتلة في الجولان، وعلى حق
لبنان في استعادة أراضيه في
مزارع شبعا وكفر شوبا؟!
هل
يعترضون
لأن الإعلان يطالب
بابتكار رؤية للتنسيق والتكامل
بما يحقق تزخيم العلاقات
والإمكانات؟!
هل
يعترضون
لأن الإعلان طالب
باحترام وتنمية ـ تأمل لفظ
تنمية ـ الحريات العامة والخاصة
وحقوق الإنسان وبناء دولة
القانون والمؤسسات؟!
هل
يعترضون
لأن الإعلان طالب بإقامة
العلاقات الاقتصادية على
الشفافية والعلانية بما يراعي
المصالح الشعبية، لا جشع فئة من
المتحكمين، وتحرير اقتصاد
البلدين من النهب المنظم؟!
هل
يعترضون
لأن الإعلان طالب بإدانة
الاغتيال السياسي بما هو وسيلة
جرمية للتعامل مع المعارضين؟!
هل
يتعرضون
لأن الإعلان استنكر سياسات
التمييز والعنف ضد العمال
السوريين في لبنان؟!
هل
يعترضون
لأن الإعلان اقترح وضع
قونين وأنظمة لتنظيم العمالة
وتنقلها بين البلدين؟!
هل
يعترضون
لأن الإعلان طالب بإطلاق
سراح المساجين والكشف عن مصير
المفقودين في السجون السورية؟!
هل
يعترضون أخيراً
لأن الإعلان أكد على ضرورة
احترام الاتفاقات والمعاهدات؟!
نعم
يعترضون على كل هذا، وعلى ما هو
أكبر من هذا، إنهم يعترضون في
الأصل على وجود سورية ووجود
لبنان؛ كما اعترض صاحب قلعة
الموت من قبل على وجود بغداد!!
---------
*مدير
مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
22/05/2006
|