دمشق
ـ بيروت ـ دمشق
من
الإعلان إلى التحرك
زهير
سالم*
كان إعلان (دمشق بيروت ـ بيروت
دمشق) موقفاً سياسياً ناصحاً
وناضجاً. فلقد أراد الموقعون
على الإعلان، على اختلاف
انتماءاتهم وتباينها أن يقدموا
تصوراً شعبياً نخبوياً لمخرج من
أزمة تكون فيه السلامة، وتكون
فيه الديمومة لعلاقة أخوية يحرص
المخلصون على نقائها.
وكان الإعلان ممارسة للشورى
الغائبة أو المغيبة، تحت ركام
نزعة مقيتة من حب الانفراد
والتسلط والتحكم بمصائر البلاد
والعباد. وعلى الرغم من التوازن
والشفافية اللذين حرص عليهما
الموقعون على الإعلان، إلا أنك
تجد من دمر العلاقة الوطنية في
سورية وفي لبنان وبين سورية
ولبنان يحدثك عن مساس بأمن وطني
هو أول من أساء إليه. دون أن يسأل
عمن أعطاه الحق في رسم حدود
الأمن والوطن وتحديد ملامحه..
وإذا كان الإعلان (الوثيقة
التاريخية) بحق يمس الأمن
الوطني في سورية أو في لبنان،
فبماذا يمكن أن توصف السياسات
العبثية التي أفرزت كل هذا
الركام في واقع أليم لا يمكن
لأحد أن يقبل به أو أن يتغاضى
عنه.
كان الإعلان مطلباً سياسياً،
وربما يصعب علينا في مثل هذا
السياق أن نميز بين السياسي
والمثقف، كما ارتأى بعض
الأفاضل، فالسياسة ثقافة في بعض
منها، والثقافة سياسة في كثير
من وجوهها.. وقد قال الموقعون
على البيان ـ السياسيون
والمثقفون ـ كلمتهم في رؤيتهم
لصيرورة العلاقة بين سورية
ولبنان، واقترحوا الحل الذي
ارتؤوه.
وتقدم العابثون بلحمنا الحي في
سورية وفي لبنان بجوابهم. وكان
جوابهم ما رأينا وما سمعنا،
وكان الجواب في صيغته هذه
محتاجاً إلى جواب. والجواب
المنشود يقتضي أن يوضع للمطلب
الذي جسده الإعلان، برنامج، وأن
يكون للبرنامج هيئة أو لجنة
عليا تشرف على تنفيذه.
في رأينا أنه قد آن الأوان
للمثقف أن يتجاوز مربع الكلمة
إلى مربع الفعل، وأن يكف عن أن
يكون صاحب (العضلات الرخوة) كما
وصفه سارتر من قبل. إن علي
العبدالله وعارف دليلة
وعبدالستار قطان وفاتح جاموس
وأنور البني وميشيل كيلو لم
يكونوا كذلك. بل كانوا إرادة
صلبة وموقفاً لا يلين. وهم اليوم
يدفعون ثمن الموقف الذي ارتضوه.
لا بد للجواب الذي يصر على
مصادرة حاضرنا ومستقبلنا ويرفض
حقنا في المشاركة للبحث عن مخرج
لأزمات إنساننا وأوطاننا، من
جواب أكبر. لا بد لهذا الجواب من
جواب لكي لا يتصور صاحبه أنه
سيبقى الآمر الناهي على الدوام.
والجواب الذي نقترحه هنا
يتبلور في لجنة تنسيق عليا (لبنانية
ـ سورية) تشتق من الإعلان
برنامجاً، وتضع المخطط العملي
لتنفيذه. وأول المخطط تشابك
الأيدي واستقطاب الجهود. إن
الثمن الباهظ الذي دفعه
الموقعون على الإعلان يجعل من
العبث أن يترك ليكون فقاعة
أطلقت في الهواء. فلا بد من لجنة
تنسيق عليا تعلن التوافقية
الشعبية السورية ـ اللبنانية،
وتحدد آليات تحركها وآفاقها.
وفي آفاق لجنة التنسيق العليا
ينبغي أن يتقدم كل ما لا يمكن أن
يتأخر: حقوق الإنسان وحريته
وكرامته. ويبدأ ذلك كله من رفض
الدولة الأمنية، والمطالبة
بسيادة القانون، والإصرار على
المطالبة بالإفراج عن
المعتقلين، والكشف عن مصير
المفقودين سوريين ولبنانيين،
وهم يستحقون منا الكثير.
---------
*مدير
مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk
08/07/2006
|