ـ |
ـ |
|
|
|
||||||||||||||
من
ملف مأساة العصر في حماة : سادية
القتل لمجرّد القتل بقلم
: الدكتور محمد بسام يوسف بلغت ذروة الإجرام والإرهاب الطائفيّ
لعصابة الحكم الأسديّ، بارتكاب
مجزرة حماة الكبرى، التي خلّفت
دماراً وضحايا، استحقت نتيجتها
أن تسمى بـ (مأساة العصر)!.. فقد
بدأت المأساة بتاريخ (2/2/1982م)،
واستمرت شهراً كاملاً،
وارتكَبَت جرائمها وحداتٌ من
الجيش وسرايا الدفاع والوحدات
الخاصة والمخابرات والأجهزة
الأمنية وأجهزة حزب البعث
المسلحة وميليشياته الطائفية،
التي أعملت بالمدينة قصفاً
وحرقاً ورجماً بالصواريخ
وإبادةً، ما أدى إلى قتل حوالي (أربعين
ألفاً) من المواطنين، وتهديم
أحياء كاملةٍ في المدينة، و(88)
مسجداً، وأربع كنائس، وتهجير
الآلاف من السكان، واعتقال
الآلاف من الرجال والنساء
والأطفال، وفَقْدِ الآلاف
أيضاً!.. لقد كانت (مأساة حماة ومجزرتها الكبرى)
المروّعة، تتويجاً لمرحلة
الانفجار الشامل في سورية، بسبب
السياسة الاستئصالية للنظام
الدكتاتوري، وبرهاناً للشعب
على أنّ هذا النظام الطائفيّ لن
يتخلى عن ظلمه وبطشه ونهجه
الانكشاري مهما كلف ذلك من
دماءٍ ودَمار!.. لكنّ حمامات
الدم التي ارتكبها النظام
الدكتاتوري الاستبدادي، لم
تستطع حل المشكلة السورية، بل
زادتها تعقيداً، وإنّ الممانعة
الشعبية والرفض الشعبي لنهج
القمع والاستبداد
والديكتاتورية والأحادية.. ما
تزال مستمرةً بأشكالٍ أخرى، ولن
تنتهي إلا بزوال الإرهاب
السلطوي، وإطلاق الحريات
العامة، والتخلي عن النهج
الشموليّ الاستئصاليّ، وتحقيق
مبدأ تكافؤ الفرص، والاقتناع
بأن الوطن لكل أبنائه، وليس
لفئةٍ أو حزبٍ أو طائفةٍ
بعينها، وإن كان النظام عاجزاً
عن تحقيق كل ذلك، نظراً لحقده
وطائفيته وتمسّكه بظلمه
ودكتاتوريته وفساده.. فليس أمام
شعبنا وقواه الوطنية إلا
اقتلاعه من جذوره، لأنه أثبت
أنه نظام متخلّف عصيّ على
الإصلاح!.. إنّ الوحشية الاستئصالية الدموية التي
اتبعها في حماة نظامُ الحكم
الفاسد، كانت متعددة الوجوه،
يأتي في طليعتها الوجه القاتل
لمجرّد القتل والتشفّي،
انطلاقاً من حقدٍ طائفيٍ أعمى،
عملت شياطين الطائفيين على
تغذيته وحقنه في نفوس المجرمين
الشاذين، ليؤدوا في حماة دوراً
مقدَّساً في عُرفِ هؤلاء
الحاقدين، الذين تُغذي سلوكهم
أمراضٌ ورثوها عن الجهلة من
عميان البصر والبصيرة، وفاقدي
الضمائر الحية السوية، فكان
العدوان وسفك الدم.. لمجرّد سفك
الدم، وكانت الأحقاد التاريخية
الطائفية الدفينة تدفع
بانكشارية حافظ الأسد وبقية
الطائفيين.. إلى سحق الحياة
الإنسانية وكل مظاهرها
الحضارية في حماة، فكان يمارَس
القتل على الهوية من غير تمييز،
والقتل لم يكن يشفي أحقاد
الطائفيين، بل كانوا يعملون على
التمثيل بجثث ضحاياهم بأبشع
صورة وأسوأ أسلوب !.. بذلك أبيدت أسر كاملة في حماة، فمجزرة حماة
الكبرى تكوّنت من عشرات المجازر
في أرجاء المدينة، ثم في خارج
المدينة وفي ضواحيها، التي سيق
الناس إليها من مختلف الأعمار
نساءً ورجالاً وأطفالاً،
وبشكلٍ اعتباطيٍ لا تفسير له،
سوى الرغبة بقتل أكبر عددٍ
ممكنٍ من سكان حماة، وبذلك
أبيدت أسر كاملة من عائلات :
المصري والصحن والزكار
والكيلاني والقياسة والشيخ
عثمان وموسى والدباغ والصمصام
ومغيزيل والقرن ودبور.. وغيرها
!.. لقد ورد في تقارير لجان حقوق الإنسان وصف
لمجازر إفراديةٍ وجماعية،
وأفادت اللجنة السورية لحقوق
الإنسان في تقريرها عن انتهاكات
حقوق الإنسان خلال ارتكاب مجزرة
حماة الكبرى (انظر تقرير اللجنة
الصادر في 20 شباط 2002م).. أنّ
الساحات العامة في المدينة،
والمدارس، والمستشفيات،
والمقابر، والملاعب.. تحوّلت
إلى مسارح لمجازر جماعية.. على
أنّ مجزرة (سريحين) كانت دقيقة
الوصف، وصفها ناجون من المجزرة
بعد أن شهدوا كل تفاصيلها، إذ
سيق بعض السكان في إحدى عشرة
شاحنةٍ إلى منطقة (سريحين) قرب
حماة، وهناك تمت تصفيتهم في
خنادق خاصةٍ كان قد صفي فيها
أيضاً أعداد سابقة من مختلف
الفئات العمرية ومن الجنسين..
وذلك بعد نهب ما بحوزتهم من
أموالٍ ومقتنيات.. ودُفِنَت
أفواج المذبوحين في مقابر
جماعية، وبعض الضحايا عندما
دُفِنوا كانوا مضرَّجين
بدمائهم وما يزالون جرحى بين
الحياة والموت !.. كما سجلّ تقرير اللجنة السورية لحقوق
الإنسان نفسه مجازر : الملعب
البلدي، وأحياء : البياض وسوق
الشجرة والدباغة والباشورة
وجامع الخانكان.. وغيرها.. وراح
ضحيتها آلاف الأشخاص دون تمييز
سواء بالعمر أو بالجنس !.. لقد أتت المجازر الجماعية والإفرادية على
أرواح آلاف الناس، واستمرت
شهراً كاملاً دون توقف.. ولم يكن
الهدف من ارتكاب هذه المجازر
إلا القتل، والقتل فحسب، بشكلٍ
ساديٍ طائفيٍ لم تعرف سورية
مثيلاً له في تاريخها، إنها
صورة سريعة نصفها ونهديها إلى
أولئك الذين يطعنون شعب سورية
المكلوم بظهره غدراً، أمام
كاميرات التلفزيون السوري في
دمشق، تعبيراً عن مساندتهم
للعصابة الحاكمة الطائفية
الفاسدة في دمشق.. مساندتها في
قتل شعبنا، والاحتفال بأنخاب
دمائنا، وإلى الله المشتكى !.. يتبع إن شاء الله *
*
* ملاحظة هامة : المعلومات الواردة في هذه الحلقات دقيقة
وموثقة لدي منظمات حقوق الإنسان
ذات الشأن، ومن أراد الاستزادة
في التفاصيل.. نُحيله إلى تقارير
(اللجنة السورية لحقوق الإنسان)
في لندن، لاسيما التقارير
الموثقة عن مأساة حماة
ومجازرها، ونخص بالذكر
التقريرين الصادرين في 20 شباط
2002م، وفي 1 من شباط 2006م.. اللذين
يمكن الرجوع إليهما
إليكترونياً على العنوانين
التاليين : http://www.shrc.org.uk/data/aspx/d2/2512.aspx http://www.shrc.org.uk/data/aspx/d9/589.aspx#D2
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |