الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أستانا.. سلام أم استسلام!

أستانا.. سلام أم استسلام!

17.01.2017
أحمد الجميعة


الرياض
الاثنين 16/1/2017
الحل السياسي في سورية بعد إعلان الهدنة، وتحديد أستانا مكاناً لعقد المفاوضات نهاية الشهر الجاري، والرغبة في توسيع دائرة تمثيل الحضور الدولي، وغموض أجندات الحوار بلا ضمانات كافية للمعارضة السورية، بما فيها البند الخاص ببقاء أو رحيل بشار الأسد، إلى جانب انقسام حلفاء الحرب على أنفسهم، وتحوطهم المبالغ فيه للحفاظ على مكاسبهم، وأهدافهم.. كل ذلك مؤشرات على أن الحل السياسي ليس قريباً، ولا سهلاً، ولا يمكن تحقيقه في ظرف قياسي، وجبهات مفتوحة، وجماعات مسلحة، وخروقات متكررة.
يقول المثل الفرنسي "من يحارب يصنع سلاماً"، ولكن المثل الهندي أكثر واقعية للأزمة السورية: "السلم الخدّاع يؤذي أكثر من الحرب المعلنة"، وبالتالي كل ما يجري سياسياً حول سورية لا يزال تحت تأثير السلاح، وسطوة الأمر الواقع، والتدخل السافر في تقرير المصير، والنتيجة تحقيق الاستسلام وليس السلام!
روسيا الراعي والداعي والمحرّك الأساس لمفاوضات أستانا لا تزال تقيّم الوضع على أكثر من صعيد، وتبحث عن مخارج لاحتواء ما هو أسوأ من الفشل لتبريره، وليس الاعتراف به، وتحديداً حول مصير الأسد، والرغبة الدولية قبل الشعبية في إزاحته من وجه النظام.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ترى روسيا أن الحل يتجاوز حلفاءها في الحرب، وأطراف النزاع، إلى ماهية الموقف الأميركي منه، خاصة وأن دعوة حكومة ترامب للمشاركة ليست للتشاور حول الحل، وإنما إمكانية تحقيقه على الأرض، وهو ما يعني عجزاً روسياً عن الحل المنفرد.
ولهذا تبقى محادثة أستانا تكتيكاً روسياً لاستنطاق وجرّ الحكومة الأميركية الجديدة نحو سلمية الأمر الواقع، وليس نهجاً استراتيجياً نبني عليه موقفاً، أو حلاً، أو تسوية للأزمة، وتبعاً لذلك لا يزال الموقف الأميركي متوجساً وغير مستقر، واكتفى بترحيبه بأي جهد سياسي لإنهاء الأزمة، ولكن لم يقدم إشارات، أو مبادرات، أو حتى مغريات للأطراف المتنازعة.
ومع كل تلك التحليلات تبقى العقبة الأساسية لتسوية الأزمة السورية هي رأس النظام، وما بعده يمكن التفاوض عليه، وتحديداً مصالح روسيا، وتركيا، باستثناء إيران التي تريد ترجمة مصالحها إلى أهداف فورية، ومنها استنساخ التجربة العراقية في سورية، وهو ما يستحيل قبوله، أو التوافق عليه؛ لأن حسابات روسيا في المنطقة تختلف عن حسابات أميركا التي سلمت العراق لإيران لأهداف أيدلوجية.
الموقف العربي من أستانا لم يتبلور بعد، ولكن يبقى الموقف الخليجي والسعودي تحديداً هو الأكثر وضوحاً من بين هذه المواقف، فلا بقاء للأسد، ولا تدخل لإيران في الشأن السوري، ولا تقسيم للأرض، وتبقى مقررات جنيف واحد سبيلاً للتسوية السياسية.