الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  أسرار الخميني العشرة

أسرار الخميني العشرة

16.09.2014
جاي بكور


ترجمات
بقلم: جاي بكور
موقع دكتور جاي بكور
الأحد, 14 سبتمبر, 2014
المصدر أطلس للدراسات / ترجمة خاصة
كيف نجح الشيخ الفارسي المنفي آية الله الخميني بطرد الشاه الذي يمتلك سادس أقوى جيش في العالم؟ هل كنا نحن أدوات في يديه؟ كانت تلك مسيرة متراكمة متراكبة محكمة أصبحت منذ ذلك الحين نموذجاً متكاملاً لجميع الحركات الاسلامية التي تطمح اليوم الى امتلاك قوة سياسية وتنجح أيضاً، وإليكم الحكاية التي لم تحك من قبل؛ القواعد العشرة السرية التي تحولت من حينها الى أسطورة إقليمية لا نعرفها نحن، الاسلام؟ لا تتعجبوا هكذا قال زرادشت تحديداً.
1. استخدام اسم الإسلام: فقط الإسلام؛ فهم الخميني ان الايراني البسيط غير مستعد للموت من أجل ماو أو لينين، ولكنه وفي الظروف المناسبة يكون مستعداً للتضحية بحياته من أجل الدفاع عن كرامة دين محمد، شعارات حرب المواقف لم تصل بالمرة الى الفلاحين والعمال، واليسار التابع لأوروبا لم يتخط حدود الجامعات، تعليمات الخميني كانت تصدر وتثمر فقط باسم الاسلام، كقوة دافعة قوية عظمى، هذه القاعدة تحولت الى مبدأ رئيس لكل الحركات الاسلامية في جميع أنحاء الشرق الأوسط من تركيا الى الحركة الاسلامية اللواء الشمالي في إسرائيل؛ هذه الحركات تعرف انه بذلك، وبذلك فقط يمكن تجنيد الجماهير.
2. التحريض: الخميني ورجاله أداروا منظومة من الاغتيالات البربرية المنسقة بذريعة ونشر اشاعات كاذبة وكشف علاقات سلطة الشاه بالصهاينة وعبدة الصليب (يريد الغرب) والبهائيين وبقية أعداء الإسلام، والهدف كان التخلص نهائياً من سياسات الشاه والتطرق فقط لشخصيته الخائنة بشكل عام، أصدر الخميني هذا الاتهام، وظل يتكرر مرة تلو أخرى، وفي نهاية الأمر أصبح واقعاً مستوعباً، هاشمي رفسنجاني أحد كبار القادة في نظام الخميني الى يومنا هذا قال في أحد خطاباته الأولى "بعد صرخة الله أكبر يجب ان نضيف الموت للشاه"، مكبرات الصوت في المساجد والبازار شغلت لكي تلصق بالشاه كل جريمة ممكنة، فقد اتهم بسلب مقدرات الشعب، وزعموا انه مدمن مخدرات وزير نساء، ونشروا شائعات انه بدل دينه سراً الى الزرادشتية أو عبدة النار، الحقيقة (الفعلية) ان الأميرة شمس أخت الشاه الكبرى حولت ديانتها الى الكاثوليكية، وقدمت على انها اثبات أكيد لخيانة عائلة بهلوي للإسلام "شاهكم يهودي" كان شعاراً فاعلاً.
حملة التحريض تستغل اليوم من قبل أحمدي نجاد ضد إسرائيل، كان الهدف حينها ان تفهم الجماهير ان بالإمكان التشهير بالشاه ملك الملوك دون ان يعاقبها أحد، والرسالة اليوم هي الزعم ان اسرائيل ستختفي عن الوجود دون ان يعاقب الإيرانيون، وقد تغلغلت هذه الرسالة في العالم كله، رغم ان الكثيرين كانوا يخشون قول ذلك عن إسرائيل أو اليهود لكي لا يتهموا بمعاداة السامية، أحمدي نجاد عاد وزعم انه يزعم وبدون ان يعاقب، والآخرون الآن يجرؤون، إذاً فللتحريض مفهوم سياسي، وكل الوسائل مباحة من أجل الوصول الى الهدف، قدر الخمينيون انهم بحاجة الى عامين ليتمكنوا من تدمير شخصية الشاه ونظامه، وإقناع الكثيرين بأن الشاه ليس شرعياً، وفي الحقيقة ان ذلك تحقق أسرع من تقديرهم بكثير.
3. استخدام اسرائيل واليهود: أدى دوراً مهماً في صعود الخميني الى السلطة، اليهود نجسون في نظر الشيعة وصوروا على انهم الشر المطلق "الشيطان الأصغر" الذي تجرأ الشاه بوجودهم على خيانة الإسلام، "الشاه الاسرائيلي" بهذه العبارة وصف الشاه مرة تلو الأخرى إلى ان أصبح الأمر وكأنه حقيقة، كل لقاء للشاه مع شخصيات اسرائيلية أو كل اتصال مع اسرائيل قدم على انه دليل على شيطنة الملك الفارسي، وكلما اتسعت رقعة العلاقات مع اسرائيل  كلما تضاعف التحريض، واللعبة كانت واضحة، وما زالت واضحة الى اليوم أيضاً، فمن يهاجم اسرائيل يحظ بتأييد الجماهير الملتهبة، اسألوا أحمدي نجاد، واسألوا أردوغان، أما صدام فلا يمكن ان نسأله الآن.
4. نظرية الانفصال: دعي الخميني المؤمنين لتقليص الاتصالات مع النظام إلى حدها الأدنى، ورفض التجنيد للجيش أو التوجه للمحاكم، وطلب منهم سحب الأرصدة من البنوك الشيطانية، ورفض دفع الضرائب وكشوفات الماء والكهرباء، وأصبحت اللجان الاسلامية التي أقيمت هي المعتمدة في الدولة الأسطورة التي قلبت منظومة الحكم في إيران الى منظومة غير فاعلة ولا قيمة لها، والدعوة الى الانفصال "العصيان المدني" فعلت فعلها وآتت ثمارها، وعندما اندلعت الثورة ارتفعت منظومة حكام الظل الى سطح الأحداث وحكموا البلاد.
5. غسل أدمغة الجيش وأجهزة أمن الشاه: وذلك من خلال فهم الخميني انه من دونهم فهو لا شك ضائع، هذا التكتيك لم يفلح كثيراً في إيران، غير انه خلق تشككاً في مصداقية الأجهزة الأمنية، وهذا هو نفس التكتيك الذي تستخدمه المعارضة الاسلامية اليوم في مصر، تحريض الأجهزة الأمنية للوقوف الى جانب العناصر الاسلامية لعزل مبارك، ولكن النجاح في الحالة المصرية ضئيل أيضاً.
6. البديل المناسب: وهذا غير موجود اليوم في ايران، يجب ان يفهم المواطنون ان الاستقرار في الدولة سيتواصل بعد إسقاط نظام الحكم القائم، وهذا ما أعطاه الخميني لهم، اليوم إذا سقط النظام الديني فإن حرباً طائفية قد تندلع كما حدث في العراق، لذلك فالإيراني البسيط يفضل بقاء حكم المتدينين، فصحيح انه سيء، ولهذا السبب امتلك الخميني لب الموقف الوسطي، فقد علم انه هو الموقف الذي سيبني عليه الثورة، فقد صرح الخميني ان حقوق مبيعات النفط لن تتأثر، وانه سيستمر في التدفق، وان الملالي كهنة الدين سيعودون نهاية الأمر الى المساجد، وهو الأمر الذي علم انه لن يحدث، وهذه بالضبط هي تكتكة أردوغان اليوم: منح الشعور للأتراك وللعالم ان أي تغيير أساسي لن يحدث، ولكنه في الحقيقة سيحدث، وحالياً يؤسسون بهدوء البديل السلطوي.
7. حقوق الانسان: عندما مكث الخميني في منفاه في فرنسا أكثر من الظهور في وسائل الاعلام العالمية (132 مرة)، وغالباً ما أظهر نفسه كشخص معتدل همه إسقاط الدكتاتورية، وكثيراً ما استخدم كلمات تحترم في الغرب مثل "المساواة" و"العدل" و"حرية الاعلام" و"وقف العنف" و"محاربة الفقر" و"حرية الشعب"، وإلى ما سواها من المصطلحات، لم يكذب، فكثيراً ما ربط ذلك بعبارة "بما يتوافق مع الاسلام"، ولكنها عبارة لم يلق أحد في الغرب لها بالاً، وهكذا جند الخميني لصالحه حركات مدنية في الغرب في أيام جيمي كارتر والرئيس الفرنسي دستان، اللذين صدقا انه نموذج صادق عادل على حساب الشاه الفاسد الظالم.
منظمات مهمة في كل العالم صدقت الخميني بأنه ورجاله سيعودون بعد نجاح الثورة الى المساجد، وستقوم في ايران ديمقراطية تعددية، واليوم أيضاً يصدقون هذا الكلام إذا سقط النظام الديني، وهذا ايضا لن يحدث، الخميني حول استخدام المنظمات الحقوقية البائسة الى ميثاق، وهو نفس الدور الذي تسعى اليه اليوم التنظيمات الإسلامية، فدائماً ما يقدمون أنفسهم بشعارات العدل والمساواة والازدهار، هكذا فعلت حماس وحزب الله وحزب الحكم في تركيا وفي كل مكان، الرأي كان للخميني، وحينها مثل اليوم سيكون هناك من يصدق ذلك، وفي نهاية الأمر أقام الخميني  نظاماً وحشياً وظالماً جداً، نظام يبدو الشاه أمامه قزماً.
8. الاستخدام لوسائل الإعلام انطلاقاً من القاعدة السابقة: الخميني شخّص عداء الاعلام العالمي للشاه بسبب استبداده، وارتدى قميص هذا العداء في الاعلام العالمي، وأقنع الخارج بالمظهر الاسلامي العنيف لثورته، وقدمها كما لو كانت الثورة الفرنسية لا أقل؛ ثورة تقدمية ضد نظام ظالم، والتي استمرت حتى إسقاط باست يليا (قلعة) الشاه لويس الـ 14.
الاعلام العالمي اشترى بسرور هذا التوصيف، وحتى بعد عودة الخميني الى إيران ظلوا يصدقون هذا، الى ان تدلت حبال الإعدام لعشرات الآلاف من الإيرانيين، فتوسخ بعض الشيء الوصف الذي كان جميلاً، التطهير الذي نفذه الخمينيون عند اعتلائهم للحكم كان فظيعاً، حيث أطلقوا النار فوراً على 23 وزيراً سابقاً فأردوهم، والمحاكم التي عملت على مدار الساعة وأعدمت الآلاف شنقاً أو رمياً بالرصاص، رئيس حكومة الشاه أمير عباس هويداً خنق حتى الموت تقريباً بشكل شخصي بأيدي رئيس المحاكم الثورية الجديد خلخالي، وبعد مرور عدة دقائق أطلق عليه الرصاص بينما كان ينازع سكرات الموت من بين مجموعة حوالي الثمانين من الجنرالات في قيادة جيش الشاه أعدم حوالي سبعين، مرضى أخرجوا للإعدام ومقيمين في المستشفيات، وخلخالي هذا اشتهر بأنه حكم ذات مرة على فتى في الـ 16 من العمر فقال له "إذا كنت بريئاً كما تدعي فأنت في الجنة، وإذا كنت مذنباً، وأنا متأكد انك كذلك، فقد تلقيت عقابك".
9. التلبس على السياسيين المحليين المغفلين: رفسنجاني كان يرسل مئات أو آلاف المتطوعين إلى منازل سياسيين من رجال الشاه وهم يصرخون ويلوحون بالرايات، وكان هؤلاء السياسيين معارضين أو مستقلين والجماهير التي تظاهرت أمام منازلهم أجبروهم في الواقع على اتخاذ موقف معادٍ للشاه، مثلا كريم سنجابي، وهو سياسي متواضع  تفاجأ ذات يوم  برؤية فيلته شمال طهران وقد انتهكت وتحولت الى محج لمئات المتظاهرين بشكل يومي، وكانت النتيجة أن جاء السفاك لاعتقاله بتهمة تأييد الحركة التي أبداً لم يكن عضواً فيها، ولم يفهم حتى دوافعها أو أهدافها.
10. كيف كان التأييد القاتم الأوسع للخميني ونضاله ضد الشاه وتشابك العالم المحكم لدعم الخير ضد الشر، وأصبح اليوم الخير الايراني الاسلامي ضد الشر المطلق الغرب وإسرائيل.
الخميني تطرق الى الشاه بقراره الأخير الذي نشره بصفته "الطاغوت" والذي معناه حاكم كاذب قاتل، وهو وصف للشيطان في القرآن، وهو نفسه يمثل الله الخير المطلق، وان الشاه يمثل الشيطان لذلك فهو تجسيد للشر، ولا مكان للتلاقي بين الخير والشر، إنها الحرب الى يوم الدين، والله لا يعقد صفقات مع الشيطان مثل "اهورا مازدا" آلهة الخير في المعتقد الفارسي الزرادشتي، فبنات أفكار زرادشت لم تكتف بأقل من الهزيمة الكاملة من "انغار مأينو" الروح الشريرة.
تلكم هي الأوامر الخمينية التي سادت، والتي يمثلها اليوم أحمدي نجاد، الحرب مقررة وأبدية وإلهية، وهي لا شك واقعة، لا مكان فيها للحل الوسط على الأقل استراحة قصيرة، ومن هنا حكم على كل شيء، أشباح ترفرف اليوم وتحط على الشرق الأوسط كله وفي الحقيقة فوق العالم كله.